بحرقة وألم يقول أبو العبد من داخل مضايا "أن يجوع طفلك ولا تكفيك قوتك ورجولتك لسد رمقه قمة المأساة".
ويضيف "لم أتوقع يوماً أن تصل بي الحال لهذه الدرجة من الانكسار أمام جوع ابن الخمس سنوات، الذي لن يسمح له جوعه بفهم معنى (محاصر لأسباب سياسية)، وعندما يقول لك، طعموني أنا مالي علاقة، لا أتوقع لعبقريتك أو معاجم الأرض أن تشرح له سبب عدم وجود طعام".
يتابع أبو العبد لموقع "اقتصاد": "طفلي الذكي ينظر باحتقار للسماء ويصرخ أنا مادخلني.. أنا لا أشحد على جوعي وقلة حيلتي ولا ألعن أحداً، كل ما أريده ألا يقولوا مات "أبو العبد" جائعاً، بل يقولوا مات ليحيا الوطن.. ولكن تباً لألف وطن يحيا على موت أطفاله جياعاً، وتباً لألف رجل لا يحركون ساكناً لأجلهم".
من جانبها، لم تقوَ "أم بلقيس" على الكلام، ولكن أوصت أن نطعم طفلتها التفاح والعرانيس (الذرة) إن فُك الحصار ولم تكن موجودة، وأضافت تقول بحرقة: "طفلتي اليتيمة مشتاقة لرائحة التفاح والعرانيس، ولكنها قالت لا بأس طعميني أي شيء الآن، ولكن أمانة برقبتك احضري تفاحاً وموزاً عندما تستطيعين يا أمي، عم أحلم برائحة التفاح،.. برائتها مقتنعة بالأمر الواقع".
وعندما سألنا "أم بلقيس" كيف تبررين لأطفالك موقفك بعدم جلب الطعام وطبخ العشب لهم قالت: "أقول لهم بأن السوق بعيد يا أمي، وإن ذهبت ممكن أن أموت كوالدكم، فيصمتون ويتعلقون بطرف ثوبي وينتظرون أن يسخن القدر الفارغ الكاذب".
أما "أبو بلال"، الرجل السبعيني، ابتسم باستهزاء وطلب منا أن لا نتحدث إليه، قائلاً: "مو محرزة لم يبقى بالعمر الكثير شبعنا كلام افعلوا أي شيء لأجل الأطفال نحن الكبار لا تهتموا لأمرنا"، وأضاف: "يا ابني الجوع كافر، كافر، الجوع إرهابي، حاربوه أو خلصونا منه لا نريد حرية وكرامة وكلام لا يُشبع،.. ما ذنب الأطفال أنهم لا يعرفون معناها، ويعرفون كم هو لذيذ الخبز، وكم هو مريح أن تنام شبعان، وكل يوم عم بموت ناس وعم تغمى ناس بالشوارع، وناس عم تمرض بتستنى الموت".
وما يزال حتى ساعة نشر هذا التقرير، أربعون ألفاً، يقبعون تحت حصار خانق ويُحاربون بلقمة عيشهم في مضايا، من قبل قوات النظام السوري والإيراني، وميليشيا حزب الله اللبناني.
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية