أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأسد والعنكبوت وقطط "مضايا" وأخواتها

مضايا.. طفل يصارع الجوع - ناشطون

كم من السوريين كان يظن أن ما حملته بطون كتب تعليمهم في مراحله الأولى عن الموقع الاستراتيجي لبلادهم حقيقية، ومن كان يتوقع أن تحتوي الخطابات الممجوجة والمكرورة للمسؤولين في المناسبات القومية والوطنية ذرة مصداقية بأن البلاد التي تحكم بها آل الأسد لنحو نصف قرن تمثل "قلب العالم".

ربما دفعتنا طفولتنا حينا ومراهقتنا أحيانا إلى الاستهزاء بطريق الحرير الذي صدعوا رؤوسنا الطرية به، والحديث عن صلة الوصل بين الشرق والغرب لم يحظَ من اهتمامنا إلا بما يكفل نجاحنا بمادة الجغرافيا أو "التربية القومية الاشراكية".

ولم يخطر ببال سوري أن بشار الأسد كان يعني ما يعنيه حين صرح لصحيفة أجنبية، بعد اجتياح الربيع العربي تونس ومصر، منذرا بمواجهة “أفغانستانات” وليس أفغانستان في حال اقترب أحد من عرشه، ردا على سؤال الصحفي عن احتمال حدوث ثورة في سوريا.

ورغم توقعاته ومخططاته في "الأفغنة" اندلعت الثورة لتبدأ عمليات حرق "قلب العالم" بأيدٍ محلية وإقليمية ودولية تحت الشعار الأكثر تطبيقا على الأرض "الأسد أو نحرق البلد".

الشيء الوحيد الذي لم يحترق خيوط عنكبوت المؤامرة "الكونية" التي بدأت مع أول مظاهرة سلمية في درعا واجهها "رجال الأسد" بالرصاص وصولا إلى حرب "الجوع والركوع" في "مضايا" وأخواتها، حيث كثر الحديث عن أناس تحولوا إلى ما يشبه المتحف البشري بوجود أشباه بشر لشدة جوعهم صاروا هياكل عظمية تقتات على أوراق الأشجار ولحوم القطط كما أكدت تقارير إعلامية موثقة بالصور ومقاطع الفيديو.

تلك الصور والمقاطع أعادت إلى الذاكرة لوحة كاريكاتيرية سوريالية للسوري العالمي علي فرزات رسم فيها خيوط العنكبوت وهي تعشش في مؤخرة شخص نالت المجاعة من جسده مانالت ولم تبقِ إلا عظاما بارزة، وثقبا مغلقا بخيوط العنكبوت كدليل على أنها مهجورة بسبب انعدام الطعام.

صور ولوحات "مضايا" السوريالية قابلها على الجانب الآخر على ضفة النظام وحلفائه تصرفات أشباه بشر لشدة جوعهم الأخلاقي والإنساني تحولوا إلى هياكل بشرية بمضامين وحشية تفوقت على قوانين حيوانات الأدغال، وهم يسخرون من الجوعى بموائدهم العامرة وضمائرهم الضامرة.

مشاهد تؤكد ذهنية سادية تفننت بكل أشكال الحقد وأنواعه، الأمر الذي استجلب على الطرف الآخر مقاتلين من شتى بقاع الأرض لمواجهة الحقد بحقد وتفريغ كل شحنات عقد التاريخ والجغرافيا في سوريا، وليفصّل كل من الطرفين مشروعه الخاص بعيدا عن مطالب الشعب السوري الذي يدفع وحده الثمن الباهظ.

شعب صارت ثورته أسطورة لجهة يتمها، فصار أشبه بـ"سيزيف" الذي حكمت عليه الآلهة بحمل صخرة "إسقاط النظام" كما لو أنها عقاب يطاله لمطالبته بالحرية.

محمود عثمان - زمان الوصل
(101)    هل أعجبتك المقالة (103)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي