"من علمني حرفا..أشعلت له فانوسا"، هي حكمة التلميذ "منتصر رعد" لهذا المساء، سيكتبها بجانب اليوم والشهر في أعلى السبورة المدرسية.
"منتصر رعد" تلميذ كتب عليه أن ينهل علومه بعد غياب الشمس فيما يسمى هنا في لبنان (بالتعليم الليلي) فمقاعد المدارس نهارا ليست من حقه، ويبدو أن عليه أن يقف خارج أسوار المدارس حتى ينهي تلامذة لبنان تعليمهم لكي يسمح له ولأقرانه باستخدام البناء المدرسي ليتعلموا ما تيسر قبل أن يطبق الليل بأجنحته على الطرقات الموصلة لمخيماتهم المتناثرة على مساحات لبنان.
* "ضوي ياهالقنديل"
بينما يذهب تلاميذ لبنان لتناول غدائهم والدخول في قيلولتهم يتزاحم الطلاب السوريون على أبواب مدارسهم المستعارة يودعون شمس نهار كانون البليدة ليوقدوا مشعل المعرفة، ولا ينسون قبل ذلك أن يشعلوا "لمبة" الكهرباء ليتمكنوا من الوصول إلى مقاعدهم الباردة".
بكلمات مقتضبة قال مدير مدرسة "اللبنانية الحديثة" للتعليم الليلي "فؤاد السيد علي" وهو لاجئ من منطقة البريج في حمص: "إننا مجبرون على تعليم أطفالنا ليلا بسبب غياب المدارس السورية وانعدام أدنى مقومات الانطلاق بالعملية التربوية لذلك نضطر لإحضار التلاميذ السوريين لنعلمهم بعد أن يفرغ البناء المدرسي من تلامذته اللبنانيين".
ويوضح "السيد علي" أن استخدم بناء المدرسة اللبنانية "ليس بالمجان، فهم يتقاضون أجراً عن كل طالب سوري يستخدم المدرسة من قبل الأمم المتحدة وفق عقود عقدتها وزارة التربية في لبنان مع المنظمة الدولية".
*التعليم الليلي.. سلبيات ونقاط ضعف
يقول "السيد علي" إن "تعليم التلاميذ ليلا –من الساعة 4 إلى 8 تعليم غير مجد لأن التلميذ يكون متعبا وغير مستعد جسديا وعقليا للتركيز عدا خطورة إيصاله ليلا لخيمته، وهنا تأتي مشكلة الخوف من عدم قدرة الطفل على تمييز المعالم وخصوصا أن جميع الخيام متشابهة.
وكثيرا ما يضل الأطفال عن خيامهم، ناهيك عن خوف أهلهم وقلقهم في حال تأخر أبناؤهم عن العودة وهي غالبا ما تكون بعد غياب الشمس بساعة ونصف وساعتين أحيانا، باختصار إنه تعليم الضرورة والمضطر، فلا وقت لدينا للقيام بأي أنشطة كالرسم أوالرياضة أو الموسيقا..ونتقيد بالمواد المهمة كاللغة العربية والإنكليزية والرياضيات وذلك لضيق الوقت وتأخره".
*تلاميذ الليل.. بين مع وضد
التلميذ "سمير بكر" من طلاب الصف الرابع يرى أن هذه التجربة فاشلة ومرهقة ومخالفة لنواميس الكون، ففي اللحظة التي يدب فيه النعاس فترة الظهيرة تجبره المدرسة على الحضور ليتعلم، ويشاطره الرأي ابنة الصف الخامس "روان قدور" التي تخشى الكلاب المنتشرة ليلا على طريق عودتها.
أما التلميذ "محمد سعيد نور حمود" من طلاب الصف الثالث فاعتبرها تجربة مسلية وخصوصا رؤية المحلات ليلا وقصر وقت الدوام والفرصة كذلك، أما "غفران حسن أبوطارة" من الصف الأول، فعبرت عن حبها للدوام الليلي لأن ابنة خالتها "هنادي" مسجلة بنفس الدوام.
هذا ما فرضته حالة اللجوء على السوريين وأبنائهم وما بين تذمر المعلمين وخوف الأمهات من هذه التجربة القصرية، ثمة أجيال تنحني للريح لتحصل على شهادتها.
عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية