أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الزبداني ونزار قباني وحذاء الضاحية الجنوبية

يتكرر السيناريو نفسه مع هذه الصورة في الضاحية الجنوبية ببيروت

"شيء يطيّر ضبانات العقل" عبارة طالما كررنا استخدامها نحن السوريين للتعبير عن شيء غير متوقع أو مخالف للمنطق والفطرة الإنسانية والمعقول.

فكرت كثيرا بالرابط بين "الضبانات"، التي توضع داخل الحذاء، والعقل، فوجدت جزءا من تفسيرها في عشق مؤيدي النظام وحلفائه للبوط العسكري كرمز للحكم والتحكم والحماية، فيضعونه على رؤوسهم في رقصاتهم الكرنفالية احتفالا بمقتلة على ضفاف نهر من دم، ويقبّلونه كآلهة سماوية على الأرض!

صنعوا منه تمثالا وتفوقوا على جاهلية عبدة أصنام من تمر كانوا يأكلونها إذا ما اقتربت المسغبة، ولكن ماذا يأكل جهلة العصر حين يجوعون؟

لا ينسى السوريون أيام الثورة الأولى وهي تتألق بكامل سلميتها وصوفيتها، حين كان يركل بوط العسكر رجلا مقيدا وهو مسجى تحت كومة أحذية عسكرية في "بابا عمرو" مع سؤال مكرر "بدكن حرية" ويأتي الجواب من البوط "هاي مشان الحرية"، فما أنقى وأطهر تلك الثورة، وكم هو علقم طعم الحرية عندما يحدد العبيد ثمنها، وأي عبيد، إنهم عبيد الحذاء.

يتكرر السيناريو نفسه مع هذه الصورة التي التقطت أمس الأول في الضاحية الجنوبية ببيروت لكائن يَعتقِد أنه يهين جرحى "الزبداني"، أثناء مرورهم قادمين إلى تركيا، لتأتي الصورة كما لو أنها إعلان أطلقه أزلام النظام سواء في سوريا أو لبنان بأن قصة العشق مع الحذاء لا تنتهي، بدليل رفع مستواه من القدمين إلى ما فوق الرأس لدى هؤلاء.

وفي العشق عادة يتعطل عمل "العقل" أو "المخ" أو "الدماغ"، فرحم الله شاعر العشاق نزار قباني حين وصف ذهنية النظام تعليقا على منع دخول عدد من جريدة "الحياة" اللندنية إلى سوريا "مخ مثل الصرماية لا بيكبر ولا بيصغر بس بيهتري".

وعبر نحو 130 من الجرحى ومرافقين لهم قادمين من مدينة الزبداني المحاصرة، بموجب اتفاق "الزبداني -الفوعة" الموقع أواخر أيلول الماضي لوقف إطلاق النار.

ومع تبادل دخول دفعة من جرحى الزبداني إلى لبنان فتركيا، ودخول أكثر من 300 من الفوعة وكفريا من تركيا إلى لبنان فسوريا، يدخل الاتفاق المذكور مرحلته الثانية، حيث دخل الهلال الأحمر السوري بالتزامن إلى كفريا والفوعة في ريف إدلب، مع شاحنات مواد غذائية وطبية.

محمود عثمان - زمان الوصل
(107)    هل أعجبتك المقالة (107)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي