لا تصفيق لتفوقه هذا العام فأيادي زملائه مرفوعة لخالقها مبتهلين أمام المولى أن يعيد لهم "لؤي" الذي ما أخطأت خطواته يوما كيف تسلك طرق التفوق والنجاح، هي ذاتها التي خانته اليوم وهو يسسير على سطح بيته في الطابق الثاني ليحفظ أنشودة "أريد أن أكون" فكان جسداً يتهاوى من فضاءات الشعر لأرض لا تعرف الرحمة والحنان، جسداً محطماً وجمجمة تنزف كل ما احتوته من علم ومعرفة.
*من مقاعد الدراسة إلى غرفة المشفى
هو لن يتذكر من يكون بعد الآن، فالكسور السبعة التي طالت جمجمته، كفيلة بأن تنسيه حتى اسمه، "لؤي محمد عبد الرحيم" ابن الـ11 عاماً من قرية "بخعة" في القلمون، لن يدرك ما معنى النزيف الداخلي في رأسه، والذي استنفر الفريق الطبي في مشفى "شتورة" لإيقافه بصعوبة.
ولن يفقه أيضا أنه بحاجة لعملية مستعجلة تكلفتها بحسب إدارة المستشفى في أدنى حالاتها 5000 دولار، وقد تصل لعشرة آلاف بحسب ملابسات العملية.
ولن يشهد لؤي أيضا دلاله الملكي بعد العملية، إذ أكدت إدارة المشفى أن عليه أن يظل مدة سبع سنوات بلا حركة أو لعب، أو أي نشاط جسدي، مقتاتآ على نظام غذائي خاص تضمّن العصائر والعسل والفيتامينات.
* تفاصيل العملية
تقول والدة لؤي "فاطمة عبد الرحيم" وهي مدرسة لغة عربية تتقاضى راتبا قدره 150 دولارا في مدرسة قرية "حياة" في "عرسال": "العملية باختصار وبحسب التقارير الخاصة من مشفى "شتورة" المشرف على حالة "لؤي" هي تصنيع جمجمة تبدأ بـ3 سم عند شحمة الأذن اليسرى وتنتهي بـ10سم تقريبا فوق حاجب العين اليسرى"
وأضافت "هذه العملية التي تكفلت الأمم بدفع قسم منها يقدر بـ7 ملايين ليرة لبنانية، والباقي الذي علينا تأمينه يقارب "743" مليون ليرة لبنانية مستحيلة أن تتحقق في ظروف عائلة لاجئة وفقيرة مثلنا".
وتابعت "فاطمة" "أخرجت ولدي للبيت دون عملية، لأن المشفى يريد الأجرة مقدماً، ولازلت أنتظر فرج الله في أن يحمي فلذة كبدي الذي تسوء حالته يوما ًبعد يوم وتصبح حياته مهددة بالموت أكثر كلما تأخر موعد العملية".
"المال والبنون زينة الحياة الدنيا" لكن يبدو أن على "فاطمة عبد الرحيم" التي حرمت من الزينة الأولى أن تحضر مناديلها ودموعها وهي ترى الزينة الثانية ولدها "لؤي" يحضر حقائب رحيله ليمضي ما بين طرفة عين أو تحركها في بلد لا تعرف مستشفياته الرحمة، ومن بلد معارضته منشغلة بتقاسم المناصب، ونظامه منهمك بتقسيم الحصص من البراميل على من تبقى من شعبه.
عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية