أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

2015.. تحالفات سماوية وأرضية تحت "سقف الوطن" والبحث جار عن إبرة "الحل السياسي" في كومة قش تحترق

من غوطة دمشق بعد قصف النظام - صورة مرشحة لتكون صورة عام 2015 - الأناضول

استمر الحدث السوري كواحد من أهم أحداث العالم خلال عام 2015 الذي شهد تطورات وتقلبات ساهم معظمها في تعميق معاناة السوريين للعام الرابع على التوالي، جاءت عقابا له لأنه طالب بالتخلص من حكم شمولي استبدادي يستند على تحالفات طائفية ومافيوية، كما يُجمع معارضون وناشطون سوريون.
وأثبتت "زمان الوصل" خلال العام نفسه أنها الأكثر التصاقا ومتابعة واهتماما بالحدث السوري، الأمر الذي رفعها للتربع على صدارة المواقع الأكثر جماهيرية بين المواقع السورية المعارضة والموالية، بحسب تصنيف مقياس "أليكسا".

* ازدحام في ظل "السيادة الوطنية"
يمكن اعتبار 2015 بأنه عام توسع التدخلات وتعميق التعقيدات في سوريا، عام شهد استمرار "ارتقاء" التدخل الأجنبي من الأرض إلى السماء السورية، في وقت لم يمتنع فيه مسؤولو النظام بدءا برأسه عن التغني بـ"السيادة الوطنية".

غير أن تلك الأخيرة وجدت منفذا لها عندما التحقت روسيا المنافس التقليدي للولايات المتحدة لتعلن بدء عملياتها الجوية في 30 أيلول سبتمبر الماضي، بدعوة من "الحكومة السورية" كما تقول.
ولم يخفِ الروس نياتهم منذ بدايات تدخلهم الذي بدا أنه تغطية جوية لتحالف الأسد وحلفائه على الأرض، خاصة وأن 90% من هجماته لم تستهدف تنظيم "الدولة" كما ادعت، وإنما صبت جام نيرانها على فصائل كانت تحارب النظام والتنظيم.

وكشف تقرير حقوقي أن القوات الروسية قتلت 583 شخصا في سوريا بينهم 570 مدنيا، منهم 152 طفلا و60 سيدة، بينما وصل عدد المسلحين الذين قتلهم الروس 13، وذلك منذ تدخلهم. 

وأتى التدخل الروسي بعد نحو عام من الإعلان عن تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، يهدف لمحاربة تنظيم "الدولة الإسلامية" في سوريا والعراق، حيث أطلق التحالف الذي يضم أكثر من 20 دولة، غاراته الجوية الأميركية في يوم 7 أغسطس/ 2014.

والتحقت الطائرات الفرنسية بحليفتها الأمريكية وكثفت من ضرباتها الجوية في سوريا بعد هجمات انتحارية أدت إلى مقتل 132 شخصا في باريس، وشهدت الأيام الماضية (21/12/2015) زيارة لوزير الدفاع الفرنسي إلى موسكو لتنسيق الضربات الجوية في سوريا مع روسيا. 

وكانت بريطانيا آخر من أعلن مشاركة طيرانها في زحمة الأجواء السورية، فانضمت مقاتلات "تورنادو" البريطانية إلى أسراب القصف الدولي بذريعة محاربة التنظيم في سوريا، الأمر الذي تنفيه أرقام منظمات حقوقية دولية ومحلية، عندما تتحدث عن أغلبية ساحقة من المدنيين بين ضحايا الضربات الجوية بمختلف جنسياتها.

واستمرارا لسياسة التحالفات الدولية أعلنت السعودية عن "التحالف الإسلامي" لمحاربة الإرهاب، بمشاركة 34 دولة نصفها عربية ومثلها إسلامية، وسط توقعات محللين سياسيين ومراقبين للوضع السوري بأن يكون لها دور على الأرض في سوريا وليس الاكتفاء بسلاح الطيران.

وتأتي التحالفات في السماء السورية بعد عدة تحالفات ميليشياوية على الأرض، لاسيما من جانب النظام الذي استعان بميليشيات محلية معظم عناصرها تربطهم الطائفية وهي "الدفاع الوطني" و"صقور الصحراء"، "كتائب الفوعة"و "كتيبة العباس" من "كفريا".


ومن خارج الحدود استقدم النظام وحلفاؤه ميليشيات عربية وإقليمية وأولها ميليشيا حزب الله اللبناني الذي شارك في قتل السوريين منذ بدايات ثورتهم، وآخرها "حركة السادة النجباء" العراقية ولواء "فاطميون" الأفغاني و"زينبيون" الباكستاني الذين شاركوا في معارك الشمال والجنوب. 

ويشارك إلى جانب الميليشيات السابقة المدعومة من إيران أكثر من 20 فصيلاً، توجهوا للقتال في سوريا، تحت شعارات مذهبية، وهي "فيلق القدس" الإيراني بقيادة الجنرال قاسم سليماني والذي يتولى تأمين سلامة بشار شخصيا، و"لواء أبو الفضل العباس" الميليشيا الطائفية بقيادة أبو هاجر العراقي، التي يشكل العراقيون النسبة الأكبر من مقاتليها، إلى جانب مقاتلين من سوريا ولبنان ومرتزقة آسيويين.

ومن العراق أيضا "لواء المعصوم، كتيبة قمر بني هاشم "الجوالة"، كتائب حيدر الكرار للقناصة، عصائب أهل الحق، حزب الله العراقي، كتائب سيد الشهداء، لواء ذو الفقار، كتيبة الزهراء، كتيبة شهيد المحراب، قوات الشهيد محمد باقر الصدر، ميليشيات من الجيش العراقي ويوجد بينها لواءان هما: لواء الإمام الحسن المجتبى، وأسد الله". 

ومن اليمن جاء "لواء صعدة" للتحالف مع النظام وهي ميليشيات يمنية مدربة ومتمرسة ينتمي عناصرها إلى الحوثيين.

إضافة إلى ذلك هناك تشكيلات مسلحة تضم جنسيات متعددة، مثل "فيلق الوعد الصادق" وهو ميليشيات عراقية آسيوية سورية مختلطة، و"سرايا طلائع الخرساني" وهي ميليشيات عراقية إيرانية، 
إضافة إلى "لواء الإمام الحسين" وهو مزيج من العراقيين والإيرانيين والأفغان والباكستان، و"منظمة بدر" وهي ميليشيات عراقية وإيرانية، و"لواء اليوم الموعود" مؤلف من عراقيين وآسيويين وباكستانيين، وأخيرا "لواء بقية الله" عراقيون وأفغان.

ويتوزع عناصر تلك الميليشيات في دمشق وريفها وحلب وإدلب والمنطقة الجنوبية من سوريا، أما في الشمال والشرق "منطقة الجزيرة" وجزء من ريفي حلب والرقة فهناك ميليشيات كردية "وحدات حماية الشعب، و"قوات سوريا الديمقراطية" التي أحدثت منذ أكثر من شهرين لمحاربة تنظيم "الدولة"، وبعض الميلشيات المكونة من أبناء عشائر تساند النظام.

* الموت براً وجواً ثم بحراً
على الجانب الآخر لا بد من التطرق إلى مقاتلين أجانب قدموا من وراء الحدود بدوافع مختلفة لينضموا إلى "الدولة الإسلامية" الذي استغل استعانة النظام بسياسة طائفية ساعدت التنظيم على استقطاب مئات الشبان القادمين من دول عربية وأوروبية وغيرها، حتى صار تنظيم "الدولة" اللقب بـ "داعش" كلمة السر في مكافحة الإرهاب التي منحت الأسد فرصة ركوب موجة طالما خطط بمساعدة حلفائه لصناعتها، كعدو مشترك له وللغرب وروسيا وإيران، فكان أن تهافتت التحالفات بالكم والنوع برا وجواً.

وكتبت تلك التحالفات (على الأرض وفي السماء) فصلا جديدا في التغريبة السورية، إذ تضاعفت أعداد المهاجرين منهم إلى أوروبا عدة مرات عن السنوات السابقة، فوصل مئات الآلاف إلى "الفردوس الأوروبي" بعد رحلات محفوفة بالمخاطر أزهقت خلالها أرواح مئات السوريين في البحر غرقا، ليجرب السوريون الموت بحرا وهم في طريق ظنوه طوق نجاة من الموت بشظية برميل أو بقذيفة صاروخية.


* عاصمة الزيتون مع الثوار
كثافة التحالفات لم تمنع تقدم الثوار الذين ضموا "إدلب" إلى قائمة المدن المحررة كثاني مركز محافظة تتحرر من سيطرة الأسد بعد الرقة، الأمر الذي أحبط أنصار الأسد وجيشه لتتوالى سيطرة الثوار لاحقا على مدن استراتيجية أهمها أريحا وجسر الشغور التي تعتبر بوابة منطقة الساحل الخزان البشري لمرتزقة النظام.

وتزامن تحرير إدلب مع طرد قوات النظام وميليشياته من أَضخم الثكنات العسكرية التي تسببت بقتل وتشريد مئات الآلاف من السوريين، لا سيما في معسكرات "القرميد" و"وداي الضيف" و"المسطومة"، وبعدها بنحو 5 أشهر تم تحرير مطار "أبو الضهور" العسكري.

تحرير إدلب جاء بعد أيام قليلة من نجاح ثوار درعا في الجنوب من تحرير واحدة من أهم مدن الجنوب "بصرى الشام"، فكانت آثارها ومدرجها الروماني الشهير فيما بعد مسرحا لبراميل الأسد ونيران حقده على تاريخ وجغرافيا البلد، كما يقول ناشطون.

كما حقق الثوار انتصارات في ريفي حماه وحمص أيضا فخاضوا معارك كر وفر مع النظام، في الأولى ووصلوا إلى أكبر ثكناته في سهل الغاب "جورين"، في حين صد ثوار ريف حمص الشمالي أشرس هجمات النظام وحلفائه المستمرة حتى الآن للسيطرة على المنطقة تحت غطاء جوي روسي ارتكب أفظع المجازر بحق المدنيين.

وخاض ثوار الغوطتين معارك شرسة مع النظام، وكانت مدن الغوطة الشرقية ساحة لاستمرار مجازر النظام حيث قضى من أبنائها المئات في هجمات بالطيران السوري والروسي معا، لاسيما في مدينة "دوما" التي شهدت عدة مجازر، معظم ضحاياها من النساء والأطفال، وسط وضع طبي وإنساني مأساوي.

وشهدت معارك العام أكبر خسائر بشرية لكل من حزب الله وقوات الحرس الثوري الإيراني، خاصة بعد التدخل الروسي الذي رافق الحملات البرية، وسط أنباء عن إصابة أو مقتل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني "قاسم سليماني".


* إبرة الحل السياسي
وسط هذا الحديث عن التحالفات الأرضية والسماوية، من المجموعات الشيعية والكردية وغيرها، وبالتزامن مع أشرس المعارك في سوريا، حاول "المجتمع الدولي" وتكتلات مختلفة من المعارضين السوريين التوصل إلى "حل سياسي" بدا البحث عنه كمن يبحث عن إبرة بين كومة قش تحترق.

وتنقل المسار السياسي للثورة السورية بين العديد من عواصم ومدن العالم، بدءا بجنيف السويسرية، وانتهاء بنيويورك الأمريكية، مرورا بالقاهرة وموسكو والآستانة والرياض وقرطبة، مدن بدت أنها محطات يرتاح فيها من لم يتعب أصلا ولم يدفع ثمنا يوازي النزر اليسير مما دفعه شعب صمد أمام أعتى ديكتاتوريات العالم، نحو 5 سنوات، لم يسلم خلالها من تآمر دول بعضها يدعي صداقة الشعب السوري والديمقراطية وحقوق الإنسان.

زمان الوصل
(83)    هل أعجبتك المقالة (87)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي