نشطت في السنوات الثلاث الأخيرة، "ورشات أهلية" للتنقيب عن الآثار في جميع المناطق الأثرية في ريف حمص الشمالي، وتتركز بصورة رئيسية في مناطق "الزعفرانة، الرستن، الحولة، وتلبيسة".
وتستخدم هذه الورشات في الحفر والتنقيب وسائل متبعة في بعثات التنقيب الأثرية، كما تلجأ أحيانا إلى استخدام آليات ثقلية للبحث عن "الأنتيكا" في المدافن العميقة.
وذكر سكان محليون لمراسل "زمان الوصل" في حمص أن هناك عدة أسباب دفعت الأهالي للبحث عن الآثار المدفونة بمناطقهم، أهمها استمرار الحرب في سوريا، واستمرار الحصار المفروض على ريف حمص الشمالي من قبل النظام، وارتفاع نسبة البطالة بين المحاصرين، إضافة لغياب المؤسسات المسؤولة عن حماية الآثار.

وأضافت المصادر بأن عملية التنقيب، ما هي إلا وسيلة من وسائل تأمين القوت اليومي لبعض المنقبين عن الآثار، والبعض الآخر يمكن أن يعمل لأشهر بدون أن يعثر على أي قطعة أثرية.
*فخاريات وقطع معدنية
يقول حسام-ح (25سنة) من قرية "طلّف" التركمانية: اضطررت للعمل في الحفر والتنقيب عن الآثار في محيط قريتي، بسبب الفقر وانعدام العمل نهائيا في ظل الحصار المفروض على ريف حمص الشمالي من قبل النظام منذ 4 سنوات.
وأضاف بأنه كان يعمل في لبنان بمهنة نجّار بيتون، وبسبب قيام النظام باعتقال كل شاب يخرج من الريف الشمالي، لم يغادر قريته منذ بداية العام 2012.
ويقول عمار-ر(30 عاما) من بلدة تلذهب: بسبب الحرب توقف عملي الحر (دهّان)، مضيفا بأن عددا كبيرا من أبناء بلدته، يبحثون عن الآثار في منطقة تسمى"القلعة"، ويجنون القليل من المال عبر بيع ما يعثرون عليه، من فخاريات، وقطع نقود معدنية قديمة، لتجار آثار.
ويرى عمار أن أبناء المنطقة، أولى بآثارها من غيرهم، مؤكدا أن أعمال الحفر عن"الأنتيكا"، قبل الثورة السورية، كانت سريّة تجري ليلا، أما اليوم، كما يضيف، فقد أصبح التنقيب عن الآثار علنا وفي ضوء النهار، وبحماية السلاح.

وردا على سؤال "زمان الوصل"، عن كيفية بيع القطع الأثرية، التي يعثرون عليها، قال أبو عمر من مدينة "الرستن"، التي تحوي مواقع أثرية قديمة: "في بعض الأحيان نعثر علي قطع أثرية قديمة جدا، عمرها يزيد عن 1000 عام تقريبا، ونظرا لجهل العاملين بالتنقيب بتاريخ القطعة الأثرية، يباع تعبهم بسعر قليل جدا عبر سماسرة بالريف الشمالي يعملون لصالح تجار آثار في لبنان وتركيا، ويتواصلون معهم عبر "النت الفضائي".
وحسب السكان المحليين فإنه يغلب على اللقى الأثرية بالريف الشمالي الفخاريات والقطع الذهبية الصغيرة، والأحجار الكريمة، معظمها مكسّر، وتماثيل نصفية، ومدافن حجرية، إضافة لبعض الليرات الذهبية من العصر الإسلامي.

*الحفر العشوائي يُفقد الآثار قيمتها
أبو سميرة -أحد سماسرة الآثار تحدث لـ"زمان الوصل"، عن تضرر معظم القطع الأثرية، التي يعثر عليها المواطن العادي بريف حمص الشمالي، نتيجة الحفر بطريقة عشوائية، مشيراً إلى أن ريف حمص الشمالي، مليء باللقى الأثرية، وجميع القطع التي يعثر عليها تباع خارج سوريا لتجار عرب وأجانب، حيث يشتكون من أن بين الآثار التي يشترونها قطعا متضررة جدا، بسبب الحفر العشوائي، مما يؤدي لفقدان قيمتها التاريخية.
ومن خلال جولة لمراسل "زمان الوصل" على بعض مواقع الحفر في ريف حمص الشمالي، لاحظنا أن 90% من العاملين بالتنقيب لا يملكون أي معلومة تاريخية عن المنطقة التي يحفرون فيها، وأن هناك 10% من ورش التنقيب" الأهلية "، تعرف ماذا تعمل، ولديها خبرة سابقة في هذا المجال، وكانت تعمل بهذه المهنة قبل الثورة السورية بشكل سرّي، أما الآن فتعمل في ضوء النهار، وبشكل صريح.

*مديرية للآثار دون أجر
في منتصف العام الحالي 2015 أحدثت وزارة الثقافة والأسرة بالحكومة السورية المؤقتة، مديرية للآثار بمحافظة حمص، ومقرها ريف حمص الشمالي.
وقد غطت "زمان الوصل" حينها، وقائع المؤتمر التأسيسي الأول للمديرية، وكان من أهداف إحداث المديرية المذكورة الحفاظ على ما تبقى من آثار بالريف الحمصي، والحد ما أمكن من عمليات الحفر العشوائية، وشراء القطع الأثرية التي يتداولها الناس في قرى وبلدات الريف، بدلا من تهريبها خارج سوريا.

وعلمت "زمان الوصل" أن المدير العام المكلف بالمديرية، اقترح كادرا فنيا وهندسيا وقانونيا للمديرية، إلا أن الخلافات الدائمة بين وزارات المؤقتة، وبحجة عدم توفّر الاعتمادات المالية أفشل مشروع إحداث المديرية العامة للآثار، واقتصر التعيين على مدير عام فقط، وبدون أجر.
ريف حمص - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية