كشف ممرض سابق في سجن "عدرا" تفاصيل غير معروفة عن وضع عميد المعتقلين السياسيين في سوريا "رغيد الططري" الذي مضى على اعتقاله أكثر من 33 عاماً.
وروى الممرض "ا.د" الذي جالس الططري ثلاث مرات داخل السجن كمعالج أن بداية دخوله إلى سجن عدرا كانت بعد إلغاء قانون الطوارىء مطلع العام 2011 مع حوالي 300 معتقل تم جلبهم من سجن "صيدنايا" بعد حادثة الاستعصاء الشهيرة، واتهم الططري –كما يقول محدثنا- بالوقوف وراءها.
ويردف "ا.د": "كان منظر المعتقلين لدى إدخالهم إلى زنزانات عدرا مرعباً وبعضهم كان على عكاكيز أو مشلولين بالكامل وبعضهم كما قيل لنا تم اتهامهم بتفجير السفارة الأميركية وفرع الدوريات".
ويتابع محدثنا: "كان ممنوعاً على المجندين أو الممرضين آنذاك التحدث إلى المعتقلين ولكن بحكم عملي كنت على احتكاك دائم بهؤلاء المعتقلين، وخاصة بعد أن تم وضعهم في جناح السياسية". ويستدرك محدثنا: "بعد فترة عرفت أنهم من سجناء "صيدنايا" و"تدمر"، وأنهم السبب في الاستعصاء الشهير للسجناء هناك، لذلك تم تسفيرهم إلى سجن عدرا وعزلهم كونهم قليلي العدد".
ويصف الممرض السابق وضع سجن "صيدنايا" آنذاك الذي كانت كاميرات المراقبة مزروعة في كل مكان فيه، ولم يكن الجناح الذي وُضع فيه الططري -حسب مراد- يحوي سوى الحيطان وبعض فُرش الاسفنج والحرامات، ورغم ذلك كان المعتقلون يظنون أنهم يقيمون في الميرديان مقارنة بصيدنايا".
ويسرد الممرض "ابراهيم مراد" بداية تعرفه على المعتقل الططري قائلاً: "كان لي أصدقاء لهم أقارب اختفوا في أحداث الثمانينات وكنت أحاول الاحتكاك دائماً مع المعتقلين القدامى من أجل معرفة شيء عن هؤلاء المختفين، وعندما سألت شخصاً قال لي "مالك غير أبو خالد" وهو اللقب الذي كان يُطلق على الططري لأن المساجين كانوا يتكنون بالألقاب والأرقام، ويُمنع عليهم ذكر أسمائهم.
ويردف مراد: "ذهبت إلى الططري بحجة الكشف عنه وقياس ضغطه وحينما دخلت المهجع كان عدد من المساجين يتحلقون حول شخص عرفت فيما بعد أنه الططري ونظراً لأني كنت ارتدي البدلة العسكرية لم يكن مرتاحاً لوجودي بينهم".
ويتابع محدثنا: "عندما اقتربت منه قلت له أنا من إدلب ولي قريب اختفى في أحداث الثمانينات فضحك، وقال لي "انتي وجعك وجعنا بس هل البدله مو حلوة عليك".

وأضاف: "يا ابني لا تعذب حالك بالبحث كل معتقلي الثمانينات ماتوا ولم يبقَ سوى أنا وشخص ثانٍ ذكر لي اسمه ولم أعد أتذكره".
كان رغيد الططري –حسب الممرض مراد- يعاني من مرض السكري ويتناول إبر أنسولين، ويعاني من الضغط أيضاً، ولذلك كان قليل الحركة، وكان "متديناً ومثقفاً في المجال الديني ويُعد موسوعة المساجين يستشيرونه في كل أمر وقضية فهو عميدهم والرجل الكبير فيهم –كما يُقال.
ولم يكن نظره -كما يؤكد محدثنا- يساعده على قراءة القرآن، ولذلك ضغط المعتقلون آنذاك على مدير السجن وعلى وزارة الداخلية لإدخال أجهزة Mb3 لسماع القرآن الكريم".
ويستعيد محدثنا تفاصيل من الاستعصاء الذي نفذه المعتقلون داخل أجنحتهم في سجن عدرا وكان الططري وراء الاستعصاء الذي جاء احتجاجاً على دخول جيش النظام إلى جوبر، وكان ذلك كما أذكر يوم الجمعة بداية الثورة 2011".
وييستطرد محدثنا أن "عميد السجن وبقية الضباط تحت إمرته دخلوا إلى المهاجع آنذاك وتحدثوا مع المعتقلين من خلف باب حديدي لفك الإستعصاء ولكن المعتقلين لم يستجيبوا لكلامه فطلب العميد المعتقل الططري للتأثير عليهم ولكنه لم يأت.
واعتقل "رغيد الططري" مواليد دمشق عام 1955 قبل 34 عاماً بسبب تقديمه طلب للجوء في مقر الأمم المتحدة بالقاهرة التي كان يزورها عام 1981، بعد أن قامت الحكومة السورية بفصله من عمله كضابط في الجيش وطيار حربي، ولم يعد له مورد للعيش مع عائلته، فاضطر إلى طلب لجوء.
وإن كان البعض يرجّح أن سبب الانتقام منه هو رفضه لقصف حماة وقتل الناس في أحداث حماة في الثمانينات عندما كان ملازماً طياراً.
وأستُدعي الططري داخل سجن عدرا لعدة مرات في عام 2014 إلى مفرزة الأمن بسبب قيامه بالاستفسار الدائم عن سجناء اختفوا في أقبية النظام، كما مُنع من الزيارات ومن الطبابة ومن كافة حقوق السجناء، وانتقم منه النظام عام 2015 بوضعه لمدة 15 يوما في منفردة معزولة عن العالم الخارجي التي لم تكن ملائمة لوضعه الصحي وجرى تغيير جناحه من جناح (6) لجناح آخر لإهانته ومحاولة إذلاله.
فارس الرفاعي -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية