روى سوري من الحاصلين على اللجوء حديثا في أمريكا فصولا من تفوقه ومعاناته الشديدة، لاسيما بعدما قتل النظام 7 من أفراد عائلته، وتسبب بدمار أسرته وإصابته بالسرطان، كما دفعه للفرار إلى تركيا، رغم أن هذا الشخص لم يكن لديه مشاكل مع أحد، كما يقول.
وقص الرجل بعض تفاصيل تفوقه ومأساته على صفحة "هيومانز أوف نيويورك" التي تعرف اختصارا بـ"هني"، موزعا هذه التفاصيل على 7 منشورات، تولت "زمان الوصل" ترجمة أهم ما جاء فيها.
يقول الرجل الذي لم يفصح عن اسمه، واكتفى بنشر صور فردية له، وأخرى مع ابنه وابنته، إن والديه كانا داعمين قويين لدراسته، لكنهما لم يميلا عليه ما يدرس، منوها بأن أباه كان فلاحا وأمه ربة منزل.
وقال الرجل إنه نال المرتبة الثالثة على مستوى سوريا في الشهادة الثانوية، رغم أنه كان يعمل خارج وقت المدرسة ليساعد في بعض الإنفاق، وإنه تابع تفوقه في الجامعة لينال المرتبة الأولى على دفعته؛ ما أهله لنيل منحة من أجل متابعة دراسته العليا، وصولا إلى درجة الدكتوراه.
وتابع الرجل: لقد عانيت لتحقيق حلمي، حتى عندما كان يتوفر لي مبلغ 100 ليرة كنت أنفقه على اقتناء كتاب، كان هدفي في نهاية المطاف أن أصبح عالما كبيرا وأن تكون لي مساهمة دائمة في حضارة البشرية.
وانتقل الرجل لرواية شيء عن زواجه، قائلا إنه تعرف إلى شريكته عندما كانا يدرسان في الجامعة، وأنها كانت تدرس الحقوق، مشيرا إلى أنها عاشت معها على الحلوة والمرة والعسر واليسر، وكان هدفهما بناء أسرة متماسكة يحظى أفرادها بتعليم جيد.
ووصف الرجل نفسه أسرته بأنهم كانوا "معروفين في المجتمع"، ولم يكن لأحد مشكلة معهم، ولم يكن لأفراد أسرته أي انتماء لأي حزب أو نظام.." الجميع كان يحبنا".
وقال الرجل إنه بنى مجمعا سكنيا لعائلته بعدما ادخر المال اللازم، فصمم المجمع وأشرف بتفسه على إنشائه، لكن صاروخا ألقاه النظام على المكان اخترق المنزل ذي اللون الأصفر (في المجمع)، لينفجر في المنزل ذي اللون الوردي ويدمره تماما.
وتابع: لقد كان أحد صواريخ النظام.. وكان بداخله 116 قنبلة صغيرة، كل قنبلة محشوة بقطع حادة وشظايا.. البيت الوردي يملكه أخي وقد تحولت عائلته إلى أشلاء صغيرة، أما البيت الأخضر فقد سقط عليه صاروخ آخر لكنه لم ينفجر، البيت الأخضر هو بيتي ولو انفجر الصاروخ فيه لما نجا أحد من أولادي، ولكن الصاروخ مع ذلك دمر الطابق العلوي (بفعل ثقله) حيث كانت زوجتي وابنتي هناك.. قتل 16 شخصا في الهجوم، 7 منهم من عائلتي.
واستفاض الرجل في وصف تلك اللحظة الفارقة في حياته: كنت أشرف على مشروع خارج المدينة عندما ضرب الصاروخ منزلي، لم يكن هناك أحد في المكان ليقدم المساعدة، لذا كان على ابني أن يحمل "قطعاً" من جثماني أمه وأخته الممزقين خارج المنزل، ووقتها كان عمره لايتخطى 14 عاما، كان ذكيا جدا ومتفوقا، لكنه لم يعد كما عهدته، فهو غالبا ما ينتحب مكررا ذكر والدته، ورغم مرور سنتين على الحادث ما زال يعاني كثيرا، ما قللل قدرته على التركيز، وصارت مقاومته للمرض أضعف.
وأضاف الرجل: كانت ابنتي في المنزل أيضا (لحظة استهدافه)، وهي ما تزال تحمل في رقبتها بعض شظايا الصاروخ، نحن على قيد الحياة جسديا ولكننا أموات نفسياً، لقد انتهى كل شيء بالنسبة لنا في ذلك اليوم. كان هذا مصيرنا ونصيبنا في الحياة.
وأشار الرجل إلى أنه خسر كل شيء، فما لم يدمره النظام من المجمع السكني سرقه عناصره بعد ذلك، ولم يعد لدى الرجل من المال ما يكفي حتى لدفع أجرة الشقة.
وتابع: أنا في تركيا منذ سنتين، أنا ميت هنا. ليست لدي حياة، ولا احترام، وأولادي لا يذهبون إلى المدرسة، لدي شهادة دكتوراه ولكن لا يسمح بالعمل بدون تصريح إقامة، هناك جامعة هنا تدرس كتابا من مؤلفاتي، ولكنهم لايمنحنوني وظيفة، من أجل الاستمرار، أنا اضطر لرسم تصاميم ثم بيعها لأشخاص أتراك، يأخذون كل الفوائد ويدفعون لي بالكاد ما يكفي من المال لتغطية نفقاتي، هذا العام وضعت مخططا لمشروع عملاق مكون من 270 منزلا كبيرا، وقد دفعوا لي ربما واحد في المئة مما يمكن أن يحصل عليه مواطن تركي يقدم مثل هذا المخطط.
وقال الرجل إنه أصيب بالسرطان في معدته، جراء الحزن والضغط النفسي، وإنه يأمل في إيجاد علاج لحالته في الولايات المتحدة.
وختم الرجل بمنشوره السابع والأخير، قائلا: ما زلت أعتقد أن لدي فرصة لإحداث فارق في العالم، لدي العديد من الاختراعات التي آمل أن أحصل على براءات لها عندما أصل أمريكا، في الوقت الراهن يتم استخدام واحدة من اختراعاتي ضمن مترو اسطنبول، لتوليد الكهرباء من حركة القطار. لدي مخططات لطائرة التي يمكن أن تطير مدة 48 ساعة من دون وقود، وفكرت في عمل جهاز يمكنه التنبؤ بالزلازل قبل أسابيع من وقوعها. أريد فقط مكانا للقيام بأبحاثي، وقد علمت اليوم أني ذاهب إلى تروي بولاية ميتشيغان. التي لا أعرف شيئا عنها، أتمنى أن تكون منطقة آمنة ومكان يحترم فيه العلم. أريد فقط أن أعود للعمل. أريد أن أكون إنسانا من جديد.
وعند المنشور الختامي تدخل الرئيس الأمريكي "باراك أوباما" ليعلق قائلا: "كزوج وأب، لا أستطيع حتى الشروع في تخيل الخسارة التي أصابتك، أنت وعائلتك مصدر إلها، وأنا أعلم أن أهل ميتشيغان سوف يقدمون لكم الدعم والعطف الذي تستحقون. نعم، يمكنك الاستمرار في إحداث فارق في العالم، ونحن فخورون بمتابعة تحقيق أحلامك هنا. مرحبا بك في بيتك الجديد. أنت جزء مما يجعل أميركا بلدا عظيما.
وقد حاز تعليق "أوباما" على أكثر من 5600 إعجابا، وتولت مئات الردود المختلفة عليه، منها ما رحب ومنها ما تساءل عن تقاعس أوباما في مساعدة ىالسوريين للتخلص من المجرم الذي يرسم لهم مصائر سوداء كمصير صاحب القصة أو أسوأ.

زمان الوصل - ترجمة - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية