أسعدني الحظ خلال اليومين الأخيرين بإفطار لذيذ ، وأكثر ما يسعدني عادةً بعد الإفطار هو الوجبة الخفيفة التي أحظى بها بمتابعة مسلسل بقعة ضوء ، مع أن الجزء السادس الحالي أقل مستوى كما يبدو حتى الآن من الأجزاء السابقة ..
بقعة ضوء الذي يكاد يكون المسلسل الوحيد الذي أشاهده في زحمة الأعمال التلفزيونية التي تحتاج لأن يكون رمضان ممتدا على مدار سنة كاملة ليستطيع الإنسان المتفرغ الذي ليس له من عمل سوى متابعة التلفزيون وبرامجه أن يتابع جميع ما يعرض من أعمال الدراما والكوميديا والفنتازيا السورية .
فمن الجزء الثالث لباب السباع .. أو باب الدريب .. أو باب شرقي .. أو باب مصلى .. أو باب الحارة إلى ضيعتنا الوادعة الضايعة والترجمة الظريفة لمصطلحات أم الطنافس .. إلى كوميديا بقعة ضوء التي أصابها بعض الوهن .. إلى ليس سرابا والنرجس وليل ورجال وباقي المسلسلات والأعمال التي يتحفنا بها نجومنا في سوريا .
ما لفت نظري خلال اليومين الماضيين هو برنامج شاهدته على قناة الدنيا .. شخصيا أحترم جدا هذه الفضائية السورية الخاصة والتي اتخذت خطا معينا في برامجها .. وبصراحة أفضلها بشكل كبير عن باقة MBC والفضائية السورية طبعا وباقي القنوات .. وأعتقد أنها متفوقة أيضا بشكل كبير عن قناة شام الفضائية الخاصة أيضا .
البرنامج الذي شاهدته .. أو بالأحرى شاهدت حلقتين منه يدعى دعاء أبو درويش .. أبو درويش في هذا البرنامج يمثّل شخصية مواطن سوري بسيط ودرويش .. ويفترض أنه يقوم بالدعاء ويظهر على شاشتنا بعد الإفطار مباشرة .. مثّل سابقا شخصية شيخ كتّاب يدعى ريحان على ما أذكر رغم أنه من أخواننا المسيحيين .. وبعد أن فرغ من هذا الدور راح يبيع البليلة بصراخٍ أقل ما يوصف به أنه مزعج جدا .. ثم يستخدم نفس أسلوب الصراخ في دعائه الذي يتوجه به إلى المولى عز وجل ..
لن أجعل من نفسي فطحلا في مجال الفن .. فربما رأى أهل الاختصاص من المخرجين والمنتجين أن هذا الممثل يصلح لأن يكون شيخ كتّاب وأن يكون أحد أهم من يقوم بعبادة الدعاء في شهر رمضان رغم أنه من أخواننا المسيحيين كما ذكرت سابقا ..
يقوم صاحبنا بتخصيص دعاءه حسب الظروف المعاصرة .. اجتماعية أو سياسية .. وكان موضوع دعائه بالأمس الترحيب بصديقنا الجديد أو المتجدد نيكولا ساركوزي الرئيس الفرنسي بمناسبة زيارته لسوريا .. فأظهر لنا ساركوزي وكأنه أحد الفاتحين الجدد .. وكأن ساركوزي هو من يحمل لنا مفاتيح الجولان .. وانتعاش الليرة السورية .. وحل أزمة السكان والبطالة .. وتأهل منتخب سوريا إلى نهائيات كأس العالم .
ابتلعت حلقة الأمس بصعوبة مع قطعة ( خبز رمضان ) وكأس شاي الخمير .. ونسيت الموضوع مع بداية حلقة بقعة ضوء ومحاكاتهم لأحداث ما جرى في مسلسل باب الحارة .
حلقة اليوم التالي كانت امتدادا لحلقة الأمس مع زيادة واضحة في الترحيب بساركوزي وكأنه السيد المسيح غير المهدي ولا المنتظر .. ثم بدأ الضرب تحت الحزام عندما بدأ بالحديث عن جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية .. فبدأ الشتم والصراخ المزعج بالدعاء على حكام هذين البلدين العربيين .
يا أخي .. يا ابن عمي .. يا عزيزي .. نعرف جيدا الاختلاف الكبير بين الدبلوماسية السورية ونظيراتها المصرية والسعودية .. والتصرفات الشائنة من مصر والسعودية اعتدنا عليها منذ زمن بعيد .. منذ ما قبل أحداث الحادي عشر من أيلول إذا أردت .. لكننا لم نسمع يوما أحد يجرؤ على شتم ولعن المسؤولين والحكام العرب ورئيس مصر وملك السعودية طوال هذه الفترة على الضائيات بهذا الشكل .. جميعنا يعرف ما يقوم به أولئك .. وخذلانهم لأهلنا في فلسطين .. والمعاملة ( الجفصة ) للسوريين وخاصة في المملكة ..
أنا شخصيا حانق جدا على ما يقوم به وما يعلنه وما يقوله الرئيس المصري و الملك السعودي وما يتحفاننا به كل يوم .. لكنني لا أسمح لنفسي أن يصل بي الأمر إلى أن أخرج على الفضائيات وأرحب وأهلل للفاتح العظيم والقائد المظفر الظاهر ساركوزي وأشتم وألعن القادة العرب مع أنهم يستحقون اللعن كل دقيقة بجميع الأحوال .
لا شك أن تحالفنا القديم الجديد مع فرنسا سيمنحنا العديد من المصالح السياسية والدبلوماسية والاقتصادية .. لكن جميعنا يعرف أن مصلحتنا أولا وأخيرا هي مع العرب .. والخلافات العربية العربية لا تحل بطريقة أبو درويش .. ولا تحل بالصراخ والشتم والسب ..
من الطبيعي أن نرحب بقدوم وزيارة أي شخص أو مسؤول رفيع المستوى عربي أم أجنبي إلى بلدنا الحبيب سوريا .. لكن إظهار ساركوزي بمظهر المخلص مبالغ فيه لأبعد الحدود .
أضف إلى ذلك أننا لن ننضم إلى الإتحاد الأوربي إذا ما أعلنا عدائنا للحكام العرب .. ولن يقوم ساركوزي بمنحنا قطعة أرض من تل أبيب كـ ( كادو ) إضافي مع الجولان المحرر مستقبلا بعون الله ثم ساركوزي .. ولن يقوم حسني مبارك بفتح معبر رفح مع أهلنا في غزة إذا ما تلقى اللعن والشتم من حضرة جنابك .
عيب .. وعار بحق بلد يصف نفسه بأنه موطن العروبة وقلبها النابض بأن يقدم إعلامه نماذج كهذه تسب العرب وتهلل للـ ( فرنجة ) .
لا داعي لأن نكون على أتم وفاق مع باقي الحكام العرب حتى لا نسبهم ونشتمهم ونلعنهم .. المشاكل السياسية دعها لأهل السياسة .. ودعهم يحلون مشاكلهم فيما بينهم .. وعد أنت إلى بيع البليلة لأن هذا أكثر ما يناسبك ويناسب صوتك الفيروزي الرائع .
أنا مواطن سوري حمصي يدعى أبو حسان .. ليس لي إلا أن أدعو كل يوم إلى المولى أن يصلح أحوال العرب .. وينصر المجاهدين في كل مكان .. ويطهر بلادنا من الفساد والفاسدين .. ويخلصنا من البلاء والغلاء وبطش الأعداء .. ويرينا في اليهود يوما أسود كيوم فرعون .. وأن يهدي شبابنا وبناتنا إلى كل ما فيه خير وصلاح هذه الأمة ..
( آمين .. آمين .. آمين )
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية