روى معتقل حالي في سجن السويداء المركزي ظروف اعتقاله مع رفاقه بتهمة الإرهاب، بدءاً من شح الطعام المقدم لهم ومروراً بمصادرة الضباط والعناصر للأموال التي بحوزتهم وصولاً إلى "الخوة" التي يفرضها الضباط بمن فيهم رئيس السجن كنوع من الابتزاز.
المعتقل الذي اختار اسم "أبو الفتح الحمصي" تحدث لـ"زمان الوصل" من تحت غطاء شتوي في زنزانته بصوت منخفض وعلى فترات متقطعة خوفاً من كشفه، حيث اعتقل بداية –كما قال- في دائرة المخابرات الجوية التي تنقسم إلى قسمين، أحدهما قديم والآخر حديث، حيث تعرض لإهانات لا توصف ولتعذيب شديد أدى لتحطيم أسنانه وركبته، كما قال.
وأكد أنه ركّب سلكا نابضا في ركبته التي لا تعينه في المشي رغم مرور سنوات على إصابته.
وأضاف أبو الفتح أنه بقي في فرع المخابرات الجوية أربعة أشهر بتهمة الإرهاب وارتكاب أعمال إرهابية والتهيئة لتغيير نظام الحكم قبل أن يتم نقله إلى قيادة الفرقة الرابعة التي تقع تحت جبل في ريف دمشق وهي مملوءة بالمنفردات والجنازير.
وأكد محدثنا أن الفنانتين "صباح بركات" و"يارا صبري" كانتا في منفردتين إلى جانبه وكذلك المعارضة "سهير أتاسي" وشقيق المعارض الدكتور برهان غليون (أبو عبد الله) ودكتور فلسفة علوي يدعى "دمر سليمان" في جامعة البعث وكذلك المحامي "عماد الدروبي" الذي استشهد تحت التعذيب فيما بعد.
وأشار إلى أن معتقلي سجن السويداء المركزي مهددون بالإعدام في كل لحظة، لافتا إلى أن "مخابرات السجن اقتادت منذ أيام 5 لإعدامهم ميدانياً وقبل ذلك سحبوا 6 آخرين وأن دكتور السجن أو الضابط المناوب يطلب المحكومين بالإعدام فيختفون فجأة.
وكشف الحمصي أن "هناك محكومين تم اقتيادهم خارج السجن منذ أكثر من سنة وتم إخبار عائلاتهم"، وبعد فترة -كما يقول- "رأينا جثثهم على تلفزيون النظام معتبراً إياهم إرهابيين قتلهم الجيش في المعارك، ومنهم دكتور يُدعى "غسان طابيه" من مدينة اللاذقية، وهو طبيب كان معتقلاً في سجن صيدنايا كمدني وبعد 7 أشهر اقتادته المخابرات إلى جهة غير معلومة وبعد فترة رأينا جثته مع جثث معتقلين آخرين وكان عناصر من جيش النظام يقفون فوقهم ويقولون إن هؤلاء إرهابيين".
وتابع محدثنا بنبرة مؤثرة دون أن يجرؤ على رفع صوته:"أنا معتقل في سجن السويداء هنا مع اثنين من أشقائي إضافة إلى اثنين من أبناء عمومتي معتقلين في سجن صيدنايا".
ويضيف أبو الفتح الحمصي: "نحن منسيون منذ سنوات وعناصر الأمن السياسي يدخلون بشكل يومي إلى زنزاناتنا ويدعسون على أجسادنا، ويضربوننا بلا رحمة ويشتمون أعراضنا دون أن نجرؤ على التفوه بكلمة واحدة".
ويردف محدثنا: "حرمونا من الصلاة وإذا عُثر على مصحف بحوزة أحد المعتقلين يتم مصادرته فوراً ويُوضع في الأمانات إلى حين خروج المعتقل من السجن"، مؤكداً أن "هناك عشرات المصاحف المصادرة في أمانات السجن".
والمعاناة الأخرى التي تواجه نزلاء سجن السويداء المركزي –حسب المعتقل الحمصي– هي مصادرة أموال السجناء. مضيفاً أنه:"إذا علم ضابط من ضباط السجن أن بحوزة سجين مالاً، فإنه يستجوبه مباشرة في مكتبه أو عن طريق مفرزة التحقيق عن مصدر المال، ويتم فرض مبلغ مالي شهري عليه للضابط كنوع من الأتاوة".
ولا تقف معاناة المعتقلين ممن يمتلكون مالاً عند هذا الحد، بل تشمل من يستدين من غيره -حسب محدثنا- الذي يروي أن "إدارة السجن في حال علمت بحالة من هذا النوع عن طريق (عواينية) الضباط غالباً يتم تدوين ضبط تمويل بذلك المبلغ وإحالته للمحكمة بدعوى أخرى، ويتم زج المدين والمدان في المنفردات لعدة أيام".
ويضم سجن السويداء المركزي مئات المعتقلين ممن تم تحويلهم من محكمة الميدان العسكري ومحكمة الإرهاب، وقسم ضئيل منهم تابع للمحكمة العسكرية والمحاكم المدنية، مما يفسر تغوّل الجلادين فيه واستشراسهم، في انتهاك إنسانية المعتقلين داخل جدران هذا السجن المنسي.


فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية