فارق الحياة في مدينة المفرق الأردنية منذ أسابيع الطفل اللاجىء "مازن مبارك" 10 سنوات إثر إصابته بسرطان الدم وتخلي المنظمات والمؤسسات الإغاثية بما فيها العون الطبي التابعة لمفوضية اللاجئين عن علاجه، ليترك غصة في قلوب ذويه الذين فروا هرباً من الحرب ليعيشوا الموت البطيء تحت سقف اللجوء.
"مازن" كان واحداً من 60 لاجئاً سورياً يعانون هذا المرض الخطير، تتفاوت حالاتهم بين من يحتاجون لعمليات جراحية أو علاج كيماوي أو علاج بالأشعة أو فقط أدوية أو من فقد الأمل منهم.
لكن القاسم المشترك الذي يجمع هؤلاء عدم اعتراف الأمم المتحدة من خلال المفوضية العليا للاجئين بوضعهم وبالتالي حرمانهم من حقهم في العلاج.
الناشطة "نجوى محمد" التي أنجزت مع عدد من ناشطي فريق متطوعين لأجل سوريا دراسة إحصائية عن أوضاع اللاجئين السوريين، مما يواجهون مرض الموت أشارت في حديث لـ"زمان الوصل" إلى أن "الدراسة جاءت من خلال عمل الفريق مع المرضى بشكل عام وملاحظتهم لمرضى السرطان باعتبارهم فئة مهمّشة، تفتقد لمن يساعدها".
ولذلك قرر الفريق –كما تشير– أن يعمل على إنجاز إحصائية لهم لعل وعسى يجدون من يهتم بهم أو يغطيهم مادياً.
يبلغ عدد حالات الإصابة بمرض السرطان بين اللاجئين السوريين في الأردن 60 حالة نصفهم من الذكور والنصف الآخر من الإناث، فيما بلغ عدد المصابين الأردنيين بهذا المرض عام 2011 نحو 5000 مصاب، ويتوقع أن يتزايد هذا العدد بنسبة 20% سنوياً وفق إحصائيات "مركز الحسين" للسرطان.
ولفتت محدثتنا إلى أن "أوضاع المصابين بالسرطان من اللاجئين السوريين سيئة للغاية وتكاليف علاجهم مرتفعة جداً".
وبما أنهم لاجئون –كما تقول- فلا أحد يهتم بدفع تكاليف علاجهم، إذ يحتاج المصابون بهذا المرض إلى جرعات وأشعة وعمليات استئصال وصور وتحاليل وأدوية بحسب حالة كل مريض.
وفي صدد تفسيرها لتخلي مفوضية اللاجئين المعنية بأوضاعهم عن علاجهم أوضحت محمد: "لو أردنا مقارنة مرضى السرطان بمرضى زراعة الكلى البالغ عددهم 25 مريضاً فقط والذين لا تتجاوز كلفة علاجهم 7000 آلاف دينار فقط شهرياً رفضت المفوضية إكمال مساعدتهم، ورفعت يدها عنهم".
وتضيف الناشطة نجوى أن "هذا يشير إلى وجود سياسة غير مفهومة للمفوضية تجاه هذا الموضوع وأنه لا معايير واضحة لمن تساعدهم".
وتابعت محدثتنا أن "السوري الذي يتلقى بصمة عين "مساعدة مالية شهرية"، هو نفسه من تساعده المفوضية بالعلاج الطبي، أما السوري المحروم من الكوبونات الغذائية -كما تؤكد- فهو نفسه المحروم من المساعدة المالية، ومن كل شيء حتى إذا دخل المشفى بحالة إسعاف وطورائ رفعت المفوضية يدها عن مساعدته".
ونوّهت الناشط نجوى محمد إلى أن "اختيار هذه الحالات يتم بناء على زيارات ميدانية من موظفي المفوضية وحسب المزاج الآني لبعض الأشخاص يتم رفع البيانات، والبعض منهم يكون أميناً في عمله ونقل الصورة الحقيقية والبعض الآخر ليس كذلك للأسف".
والمشكلة التي تواجه مصابي السرطان من اللاجئين هي عدم القدرة على اكتشاف المرض مبكراً بسبب تكاليف الكشف وضيق ذات اليد بالنسبة للاجئين.
وتوضح الناشطة "نجوى محمد" في هذا السياق أن "المريض يعجز في أحيان كثيرة عن دفع تكلفة الخزعة التي تبلغ في أقصى حالاتها 300 دينار، ولهذا يتاخر في الكشف عن مرضه، وبالتالي قد يبلغ الدرجة الرابعة وهي أخطر درجات المرض.
وتكشف أن أشخاصا عجزو عن دفع 100 دينار تكلفة الخزعة ورفضت المفوضية تغطيتها وكذلك بقية المنظمات.
وبدورها قالت الناشطة فريال المحمد -أحد أعضاء فريق (متطوعون لأجل سوريا)- إن الفريق للأسف لم يستطع مساعدة هذه الفئة من اللاجئين واقتصر دوره –كما تؤكد- على تغطية تكاليف خزعتين وشراء دواء لمرة واحدة لإحدى الحالات.
وتشير الناشطة "فريال" إلى أن "هذه الفئة للأسف لا نصير لها في الأردن، ومفوضية اللاجئين –حسب تعبيرها- "تصم آذانها عن سماع معاناتهم"، وأشارت محدثتنا إلى أن "المفوضية أعطت اللاجئين المستفيدين في الأردن مساعداتها الشتوية، وكانت المبالغ عالية جداً وفوق توقعات السوريين أنفسهم.
واستدركت قائلة: "لو كانت الزيادة خُصصت لصندوق السرطان لكانت حلت مشكلة كبيرة".
وتابعت الناشطة "فريال المحمد": "المفوضية والأمم المتحدة للأسف يعتقدون أن السوري سيموت من الجوع إذا لم يقدموا له المساعدة، بينما الحقيقة -كما تقول– لا أحد يموت من الجوع لكن المئات قد يموتون من نقص الدواء".
وختمت محدثتنا: "لوكل منظمة المنظمات الإغاثية والإنسانية في الأردن أخذت على عاتقها مساعدة مريض واحد فقط لا أكثر، ومن المرضى المقبولة حالاتهم للعلاج لما وصلوا إلى الدرجة الثالثة والرابعة من المرض ولكانت هذه الخطوة أحدثت أثراً كبيراً في الملف الذي يعمد الكل إلى نسيانه".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية