أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"كش الحمام" بعيدا عن سقف الوطن.. سوريون ينقلون "الكار" إلى مخيمات اللجوء

لو سألت علاء جمرك (أبو عبدو) اللاجئ من ريف القصير، كم وطنا لديك؟ لأجابك دون تردد وتفكير، "لا وطن يغريني بعد سوريا، وكل البلاد بعد فراقها خراب".

لكن لو سألته كم عائلة لديك، لفكر كثيرا وهو يقلب ناظريه في السماء، ويشرب من كأس (شايه الخمير) حينا، وينفث دخان سيجارته بحرقة حينا آخر: "لا أعلم أين أجد قلبي بين عائلتين كليهما هو عشقي وحبي، عائلة أسكنها هي زوجتي وأولادي. وعائلة تسكنني هي حماماتي التي عشقتها منذ الصغر".

*إدمان حتى الهوس
بالقرب من خيمته تحايل أبو عبدو على مساحة الأرض الضيقة في المخيم، وبنى عشا لحماماته
لتبدأ طقوس العناية والاهتمام بهن على فترتين، صباحية يستهلها أبو عبدو بإطعام الحمامات وتفقد نظافتها وتحصينات عشها، وفصل ذكورها عن إناثها، والعناية بأماكن البيوض، والحاضنات من حماماته. وفترة مسائية تنحصر بترك العنان لحماماته التحليق في الهواء ليعلمها الطيران، ويبعدها عن فضاءات المخيم، مع الحفاظ على إبقاء منظومة اتصالات بدائية مع قائد السرب الذي يقودها قوامه التصفير وإطلاق صرخات بنبرات خاصة تفهمها حمامته، وتتقيد بها خلال فترة التحليق والطيران التي يحدد مدتها أبوعبدو ويعطي صافرة نهايتها متى أراد.

يقول أبو عبدو لـ"زمان الوصل" إن علاقته بحمامته هي علاقة غريبة، ولا يقدر أن يتخيل حياته بدون حمامات يعيش معها، وأنه أدمن وجودها مذ كان في سوريا، وكان وقتها بعمر 10 سنوات عندما اقتنى أول زوج حمام.

* هوية الحمام وأسعاره
وعن نوعية الطعام الذي يقدمه أشار أبوعبدو إلى أن الحمام يفضل تناول الذرة والقمح بانتظام، ويعمل على العناية بهن فيقص أجنحة من يرغب في إبقائها رهينة العش ويرش ريشها بالمبيدات الحشرية، خوفا من غزو "النمس" الفتاكة بالحمام.

ويختلف الحمام من حيث عراقة النوع ونبل السلالة، بل هناك الأنواع العادية الرخيصة الثمن وغير المرغوبة، وهناك السلالات النادرة والغالية.

"زمان الوصل" التقت صاحب محل لبيع الحمام، ويتعامل معه كل أبناء الكار من (الحممجية) في لبنان وهو أبوخالد اليبرودي من القلمون الذي عدد أنواع بعض الحمام وأسمائها.

فأرخصها يأتي (البلدي) والذي لايتجاوز سعر الزوج منه 10 دولار، يليه نوع (الهزاز) وقد يصل سعر الزوج منه 20 دولار، يفوقة بالمرتبة (الاسطنبولي) ويصل سعر الزوج 30 دولارا، وهناك نوع يدعى (الشفرات) وآخر يدعى (البواظلة) ونوع يسمى (السنافير) وآخر يسمى (الشيشخلي) و(الهزازالأميركي)، و(أسود الذنب) وغيرها.

وأكد أبو خالد اليبرودي أن سعر بعض الأنواع قد يصل 200 دولار للزوج الواحد مثل نوع (الحمام الملكي).

*حرب الحمام
رغم أنه رمز للسلام، إلا أن للحمام حروبه أيضا، وتتلخص بما يسميه (الكشاشون) بـ"القص"، وتهدف تلك (الحرب)، كما يقول أبوطارق عيوش من بلدة "القصير"، إلى "السيطرة على حمامات (كشاش) آخر عن طريق دخول حمامته أثناء تحليق الحمام في السماء مجتمعا (الكشة) ضمن حماماتي، وهنا تصبح هذه الحمامات ملكا لي مهما كان عددها أو نوعها أو ثمنها، ولايحق له بحسب قانون (الحممجية) المطالبه بها أواسترجاعها".

وأكد أن "هذا القانون ينطبق على كافة أبناء الكار ممن يقتنون الحمام، ولا تحدث أي خلافات أو مشاجرات بخصوص هذه القضية".

*طقوس مشتركة لأهل الكار
"هو فيلم يعاد عند كل عصرية"، كما يقول "محمد طفيلية" أبوشادي من القلمون، فبعد رش الأرض بالماء يتم إخراج الحمامات، "منظر قد لا يكتمل جماله دون صوت النرجيلة، وهي تلامس أنغام شيخ الطرب، كما وصفه، وهو يشدو "أقول وقد ناحت يقربي حمامة، أيا جارة لوتشعرين بحالي".

ويضيف "طفيليلة" لـ"زمان الوصل": "مشهد قد لاتكتمل صوفيته، إلا بمغادرة أسراب الحمام أجواء المخيمات اللبنانية، راحلة نحو الأراضي السورية، لتعود عند المغيب محملة برائحة وطن، وبعض من ذرات تراب قد حطت على أجنحتها"، تنفضه أمام "أبوشادي" وهو ينظر نحو سماء بلاده متمنيا لوكان ضمن ذاك السرب من الحمام، كما يقول.

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
(219)    هل أعجبتك المقالة (183)

منذر

2015-11-20

لقد سقط غضب الله على السوريين براً وبحراً وجواً وتخرج الحمم من تحت أرهم وتهبط عليهم بيوتهم فوق رؤوسهم من سخط الله على فسادهم وإجرامهم ولم يدركوا أنّ غضب الله شديد..


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي