سحل ...انا عربي ... عاطف الكيلاني

 سجل ...انا عربي ...ورقم بطاقتي خمسو ....
 عن أي بطاقة تتحدث ايها المعتوه ؟
 ورقم يطاقتي خمسون أل......
 أغلق فمك الذي تفوح منه هذه الرائحة الكريهة
 خمسون ألف وأطفا.......
 قلت لك اغلق فنك وكفاك تهريجا ...فأنت مخمور
 وأطفالي ثمانية وتا.....
 خذوه ليها الحرس ...اغلقوا فمه النتن بأي حذاء قديم تجدونه في طريقكم ...ضعوه في الزنزانة حتى الصباح على الأقل ...وفي الصباح سيكون لي حديث آخر معك ايها الفاجر .....قال عربي ..قال ...!!
 وأطفالي ثمانية وتاسعهم يأتي بعد صيف .....
 سجل ...انا علابي ...ورقم يطاقتي خمسون ألف ..وأطفالي ثمانية ..وتاسعهم ..يأتي بعد صيف ...فهل تغضب ..؟

 نعم اغضب ايها المجنون ...نعم اغضب ايها السكران ...نعم اغضب ايها المتمرد ....ما هذا الهراء ؟ ما هذا الجنون ؟ ما كل هذا التحريض ؟ ضعوه وحده في زنزانة لا يصل منها صوته الى باقي الموقوفين ...وإن استمر بهذه الهلوسات تصرفوا معه بالطريقة التي ترونها ...المهم الا يقيم الدنيا ويقعدها بهذا الشعر السخيف الذي لا معنى له ....قال عربي ...قال ...!! انصرف الضابط المسؤول لتصريف بعض الأعمال ...بينما أوصل الحراس صاحبنا الى احدى الزنازين الملحق بمركز الشرطة ....
بقي الحراس واقفين ... بينما صاحبنا ما زال ينشد ذلك النشيد الذي ابدعه شاعر المقاومة الفذ المرحوم /
محمود درويش ...كان صوته عاليا الى الدرجة التي جعلت كل الموقوفين في مركز الشرطة يرهفون السمع لما ينشده هذا الموقوف الجديد ...

--- أسل لهم رغيف الخبز والأثواب والدفتر ..من الصخر ...
--- ولا أتوسل الصدقات من بابك ...ولا أصغر ...
== لا تتوسل يا ابن الكلب ..؟ بل أنت تتوسل وتتسول أيضا ...ان كل ما أنت فيه من نعمة هو هبة من حاكم البلاد ادام الله
عزه ووفقه لما فيه مرضاته ...ولكنك عبد حخود ...امثالك لا مكان لهم الا في السجن او في المصح العقلي مع
المعتوهين والمجانين .....اجابه احد الضباط بينما انهال عليه بعض الجنود بالضرب المبرح بكل ما تطاله ايديهم ...
استمر الجنود والحراس بضرب الرجل ...واستمر هو بالنشيد ...وتجاوب معه المعتقلون والموقوفون في مركز الشرطة ...صار يعيد هذا المقطع من قصيدة الشاعر الراحل وكل الموقوفين يرددون وراءه ما يقول ....علا صوت الرجال ...ترددت اصداؤه في الحارات والشوارع والزواريب المجاورة لمركز الشرطة ...شارك الأهالي الموقوفين انا شيدهم ...ضجت الشوارع وتزلزلت جدران البيوت ...وخرج الجميع الى الشوارع يهتفون وينشدون ....