أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فتح وحماس : النهاية الحتمية .... عزيز العرباوي

إنه لمن العار أن يتصارع الإخوة من أجل دنيا فانية أو من أجل سلطة زائفة لا تغير من واقع الأمر شيئا . وإنه لمن العيب أن يتمادى الكل في الغي والظلم لذوي القربى وينتظر من الناس تفهم قراراته وأفعاله وسياساته .

 وإنه لمن الغباء أن يطلب هذا الطرف أو ذاك المساندة من الأشقاء لمعاونته على ظلم أخيه وأهله . صعب علينا أن نرى هذه الأمور في فلسطين ونسكت أو ندافع عن هذا الطرف أو ذاك لأن العرف الذي نؤمن به هو أن القاتل والمقتول في النار ومن هنا نؤمن بأن كل الأطراف المتصارعة ظالمة وخارجة عن الأخوة والإجماع الوطني والتكافل الأخوي .

عندما يتدخل الصهاينة لاستمالة طرف على آخر وإغرائه ببعض الامتيازات مقابل التعاون معهم على قتل وتصفية أخيه ، فمن هنا يجب أن يفهم الكل أن سبب الصراع هو فعل الصهاينة وتخطيطهم الجهنمي للسيطرة على المنطقة وعلى القدس الشريف وإجلاء أهله إلى الشتات .

وعندما نرى الغرب يتهافت لخلق صراع فلسطيني داخلي هدفا في إقامة دويلة في غزة معزولة عن العالم والسيطرة على الضفة الغربية والقدس تحديدا وتقديمها على طبق من ذهب لإسرائيل فهنا يجب أن يعرف المتصارعون في فلسطين أنهم أغبياء وأنهم واهمون في بحثهم عن سلطة زائفة لا تأثير لها في الواقع ... فهل يعي كل طرف هذه المخاطر ويتراجع عن غيه وأفعاله تجاه أخيه ويجلس إليه من أجل الحوار الجاد أم أن كل طرف سيمارس ما يمليه عليه ضميره المتأثر بسياسات وأهداف الآخرين ؟ .

لقد ذهبت حماس مع فتح إلى السعودية قبل شهور وهناك تعاهد كل طرف بعدم الرجوع إلى القتال والتوتر وهناك في مكة المدينة المقدسة التي يوجد بها قبر الرسول الأعظم تعاهد كل طرف على التسامح وتجاوز الخلافات ورأب الصدع ، ولكن بعد ذلك لم يلتزم أي طرف بما تعاهد به وعليه ، لأنهم كانوا كاذبين في عهدهم ولأنهم لا يقيمون وزنا لأي اتفاقية أبرموها فيما بينهم وبذلك صدق عليهم القول بأنهم صغار منافقون ....

والحقيقة أننا نعي جيدا اليوم قبل أي وقت مضى ، أن لا فتح ولا حماس قادرتان على تحمل مسؤولية القضية العظمة وأن كلاهما لا يرقيان إلى مستوى أن يدافعا على القدس ومقدسات المسلمين فيها . بل وجب عليهما ترك الفرصة لقوى فلسطينية أخرى لأخذ المشعل والنضال من أجل استرجاع الأرض والمقدسات .

 لقد استنفذت فتح منذ سنوات قدرتها على النضال العظيم من أجل التحرير وبوفاة المناضل الكبير ياسر عرفات تكون هذه الحركة قد ماتت معه ، وبالمقابل كان اغتيال الشيخ أحمد ياسين وخليفته عبد العزيز الرنتيسي بمثابة نهاية حتمية لحماس وضعفها وتراجعها عن خطها النضالي الذي رسمه السلف لها . هذه هي الحقيقة التي يجب على الكل وضعها بعين الاعتبار دون سواها من الحقائق المغلوطة التي تحب فتح ترويجها وتحاول حماس إقناع الناس بها ...


إننا نذهب إلى هذا الموقف رغما عنا بعد أن منحنا الحركتين مهلة طويلة لتغيير مسارهما وطريقة تدبيرهما للشؤون الداخلية في فلسطين المحتلة .

ورغم أنه كانت هناك العديد من الأفكار التي كانت تروج منذ زمان عن ضعف الحركتين معا وفشلهما في الاستمرار بالقوة التي بدأتا بها نضالهما فإننا ارتأينا حينها إعطاءهما الفرصة لبناء موقف منهما يكون متوافقا مع قيمنا العربية والإسلامية التي لا تبنى على التنبيء ورؤية الغيب لتؤكد لنا الأيام صدق أولئك الذين كانوا يتموقفون ضد الحركتين معا ويرون الحل في طرف ثالث جديد يأخذ مشعل النضال الفلسطيني العظيم .

لا ننكر مطلقا تدخل الضغط الأمريكي والصهيوني والغربي في الصراع بين فتح وحماس ، ولا ننكر أبدا مساندة هؤلاء لفتح ولسلطتها في رام الله في الضفة الغربية ضدا في حماس من أجل تراجعها عن بعض لاءاتها وعن سياساتها التي تنهجها داخليا وخارجيا في علاقتها مع الغرب عموما . ولكن ، هل كانت هذه الأطراف لتتجرأ على إشعال نار الفتنة لو لم تجد الساحة مؤهلة لذلك ؟ وهل كان الغرب قادرا على التوغل بين أطراف الشعب الفلسطيني لو وجد فتح وحماس الحركتان اللتان تمثلان أغلبية الشعب الفلسطيني متكتلتان ولهما نفس الهدف الأسمى رغم اختلاف الطرق المؤدية إليه ؟ ، الجواب طبعا سيكون لا ، لأن إرادة الشعوب أقوى من أي سياسة وضغط ولكن لا حياة لمن تنادي .

دفع الشعب الفلسطيني الكثير من الدماء من أجل التحرر من ربقة الاحتلال الصهيوني الآثم ومن أجل الحفاظ على طهارة القدس ومقدساتها ، ولكن أتى اليوم من هذا الشعب العظيم من يلوث سمعته بأفعال وسياسات خرقاء تضيع مجهود عقود من النضال والعمل لتحقيق أهداف بسيطة وغير ذات قيمة . فهل يكون لهذا الشعب العظيم أن تولد حركة تسير على خطى أسلافها العظماء لمواصلة الكفاح والنضال دون أن تلبس جبة العلمانية فيذهب جهدها في البحث عن السلطة والمال والنفوذ كما يفعل اليوم الفتحاويون ، ولا أن ترتدي جبة الدين والتشدد فتغرق في ملاحقة الناس في الحانات والشوارع والمنازل بحثا عن المخدرات والخمور والمسروقات وتطبق الحد في حق الآثمين على أن تناضل لاسترجاع الأرض كما يفعل الحمساويون ... ؟.

وعلى أي حال ، يكفينا اليوم أننا استطعنا أن نعرف طل طرف على حقيقته وأهدافه من وراء التقية التي كان يمارسها في يوم من الأيام . يكفينا فقط أننا عرفنا أن الادعاء لا يمكنه أن يرقى إلى مستوى الفعل والممارسة وأن العهود لا يمكنها أن تكون صادقة إلا في حالة الامتحان العسير . ويكفينا أن كل الأطراف التي عاهدت سقطت في هذا الامتحان بمهانة .....


كاتب وشاعر مغربي
[email protected]

(107)    هل أعجبتك المقالة (99)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي