أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"مونة" السوريين في ظل الحرب تكلف 200 ألف ليرة ومعظم المحاصرين محرومون منها

تعد "المونة" من أساسيات موائد الطعام لدى السوريين، حيث يدّخرون منذ القدم، بعض أصناف الطعام لفصل الشتاء. 

وكانت تحفظ "المونة" سابقا في بيت يدعى "بيت المونة"، وهو عبارة عن غرفة، تتوفر فيها شروط التخزين، بعيدا عن أشعة الشمس.

وقبل قيام الثورة السورية، كانت 90% من العائلات السوريات، وخاصة العائلات الريفية، قادرة على تجهيز "مونة" الشتاء بشكل كامل، أما الآن، وفي ظل الحرب، التي يشنها جيش النظام على الشعب السوري، فقد انخفضت نسبة العائلات السوريات القادرة على تجهيز "المونة" إلى 20%، وخاصة بالمناطق المحاصرة من قبل النظام، كريف حمص الشمالي، بسبب تردي الوضع الاقتصادي وقلة أو انعدام الدخل، والارتفاع المتكرر للأسعار.

وقال سكان محليون، إن تكلفة تصنيع "المونة" في العام الحالي، تجاوزت 200 ألف ليرة سورية، لعائلة مؤلفة من 10 أشخاص، بينما كانت كلفتها، لنفس العائلة، قبل العام 2011م، لاتتجاوز 20 ألف ليرة سورية.

*تطيل العمر
أجمعت معظم النساء اللواتي التقتهم "زمان الوصل"، خلال إعداد هذا التحقيق، في أماكن متفرقة من ريف حمص الشمالي المحاصر، أن المونة الشتوية تطيل العمر، وهي ضرورية جدا للأسرة الريفية، وخاصة في ظل الحرب والحصار، الذي يعيشه سكان الريف الشمالي. 

وقالت أم علي "تلبيسة" لمراسل "زمان الوصل" بحمص: تعد "المونة" في سنوات الثورة السورية، من أهم مقومات الصمود والثبات في مواجهة إجرام النظام ومرتزقته، مشيرة إلى أن النسوة اللواتي يتقنّ صناعة "المونة" أصبحن في الزمن الحالي قليلات جدا، ولا تتعدى نسبتهنّ 30%، لافتتة إلى أن قلة الدخل، دفع بغالبية العائلات المحاصرة، إلى تقسيم إعداد "المونة"، إلى مراحل متعددة، تجنبا لإرهاق ميزانياتهم بجميع المصاريف دفعة واحدة.

*فصل "المونة"
في منتصف فصل الصيف من كل عام، تبدأ رحلة التجهيز لمونة العام، والتي تشمل البرغل، الكشك، رب البندورة، الجبنة، اللبنة، المخللات، المربيات بأنواعها والحبوب.

وكانت المونة، في الماضي القريب غير ضرورية، أما بعد قيام الثورة السورية، وفي ظل تقطّع الأوصال والطرق بين المدن السورية، أصبحت ضرورية جدا، حسب رأي "أبو أحمد" المحاصر في إحدى قرى ريف حمص الشمالي، والذي يشرف بنفسه على مراحل صناعة المونة، لافتا إلى أن "البيت بلا مونة، كالمنزل بدون سقف". 

وتقول الحاجة أم عبد الكريم (الرستن)، والتي تتمسك بعادة تصنيع المونة، منذ أكثر من 40 عاما: منذ فصل الصيف، نبدأ على العمل لتأمين "المونة" الشتوية لي ولاولادي وأحفادي، فنعمد في البداية على صناعة مونتنا من الألبان، كالكشك، والشنكليش (السوركي)، والجبنة.

وفي موسم الحصاد، حسب أم عبد الكريم، "نعمد على تخزين الحبوب، وصناعة البرغل بنوعيه الناعم والخشن، ومن ثم صناعة دبس البندورة بشكل يدوي".


وأكدت أم عبد الكريم في حديثها لـ"زمان الوصل" أن مونة الشتوية تمتاز بمذاقها اللذيذ، مؤكدة بأن أكثر ما ينغّص طعم "المونة"، قلة الدخل، وانتشار البطالة بين الشباب، ما دفع بغالبية العائلات المحاصرة، بمدينة الرستن وغيرها، إلى العزوف عن إعدادها، والاعتماد على ما يصلها من معونات غذائية من جمعيات خيرية.

وردا على سؤال آخر لـ"زمان الوصل" عن أهم المواد التي كانت موجودة في بيت "المونة" قديما، قالت الحاجة أم عبد الكريم: تقسم المونة السورية إلى أربع مجموعات رئيسية هي: الألبان والأجبان، الخضروات، الحبوب والفواكه، وتضم الأنواع التالية: الجبنة واللبنة، الملوخية، البامياء، الباذنجان، ورق العنب، البرغل، المخللات، مربى التين والتفاح والقرع.

وتتحدث أم حسن (البرج) عن تجربتها في صناعة "المونة" بريف حمص الشمالي المحاصر حاليا، فتقول لـ"زمان الوصل": قبل قيام الثورة السورية، كنت أملأ رفوف المطبخ بمختلف أنواع الأطعمة، وبمبلغ مالي لا يتجاوز 15 ألف ليرة، أما الآن فتحتاج صناعة "المونة" إلى مبلغ يتجاوز 150ألف ليرة، وأكدت أم حسن، أن أكثر من 50% من نساء قريتها المحاصرة، لم يجهزن أي نوع من المونة بسبب الفقر، مشيرة إلى اقتصار المونة بالوقت الحالي على الضروريات، حيث ألغيت صناعة المكدوس والأجبان واللبنة لارتفاع تكلفة المواد الداخلة في صناعتهم، مؤكدة أن تكلفة القطعة الواحدة من المكدوس تتجاوز 70 ليرة سورية وتكلفة قرص "الشنكليش" حوالي 100 ليرة سورية.

*"قرشك الأبيض"
وشبّهت السيدة أم محمد، مونة الشتاء، بالمثل الشعبي، الذي يقول : "قرشك الأبيض ليومك الأسود" وتحدثت لـ"زمان الوصل"، عن مراحل إعداد عدة أنواع من "المونة"، وأهمها الألبان والأجبان، مشيرة إلى أن بعض أنواعها، يتطلب أكثر من أسبوع لإعدادها، فضلا عن جهد كبير لمتابعتها، فالكشك مثلا، يحتاج إلى جمع الحليب لمدة أسبوع، أو أكثر، ويضاف إلى اللبن الحامض المخزّن في برميل مغطى، وفي النهاية، يخلط المزيج مع البرغل الناعم جدا،ليجري بعده، تقطيعه، ونشره وتجفيفه على السطح وبشمس حارة.

*المكدوس
وعن صناعة "المكدوس"، تقول أم محمد: هذه المادة الغذائية، والتي تشتهر بصناعتها سوريا ولبنان فقط، تحتاج إلى أسبوع لتجهيزها، بحيث تجتمع النسوة ليساعدن بعضهنّ، ويتم سلق الباذنجان "الحمصي"، ويملّح ويكبس بأشياء ثقيلة، ليصفّى من مائه، ثم يحشى بالجوز، أو الفستق السوداني، والفليفلة الحمراء، ومن ثم يوضع في أوانٍ زجاجية، ويضاف إليه زيت الزيتون.

وتقول أم حيان (كفرلاها): إنّ مونة الشتاء، لا تقتصر على الكشك والمكدوس، بل تشمل أصنافا عديدة من المخللات، والخضار (المقددة)، التي تقطّع، وتجفف تحت أشعة الشمس، مثل الباذنجان والبامياء والبندورة.

ريف حمص - زمان الوصل
(234)    هل أعجبتك المقالة (238)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي