على الشعوب العربية أن تتحرك قبل فوات الأوان لمواجهة أنظمة الدول التي تسميها الولايات المتحدة الأمريكية "محور الاعتدال العربي"، والتي أرتهن نجاح المخططات الصهيوصليبية ضد أمتنا وشعوبنا باستمرار سيطرتها على السلطة وقمعها للشعوب العربية ومنعها من مقاومة الاحتلال، ولا سيما في هذا الوقت الذي يتعرض فيه الشعب الفلسطيني إلى مؤامرة عظيمة.
وسواء أكانت هذه الحركة التغييرية الشاملة عصياناً مدنياً أو انتفاضة شعبية أو غير ذلك، لا بد من القيام بها على وجه السرعة قبل فوات الأوان، لتتمكن الشعوب العربية من تغيير أوضاعها المأساوية إلى الأفضل والدفاع عن نفسها ووجود أمتنا، فالمصاب جلل ولم يعد الأمر يحتمل الانتظار. فهذه الأنظمة هي التي تحمي كيان الاحتلال الصهيوني وتتواطأ معه ضد الشعب الفلسطيني وتحاصر غزة، وهي التي تتمرس بمواقفها الداعمة للاحتلال وتساوقها مع الإدارة الأمريكية خلف وكلاء الاحتلال الذين يسهرون على حماية أمنه ويشاركونه في الحرب على المقاومة وتصفية القضية الفلسطينية. ألا يكفي كل هذا لقيام الشعوب العربية بهذه الحركة التغييرية الشاملة؟!
إن الشعوب العربية تعلم جيداً أنها ضحية لهجمة صهيوصليبية فاقدة للقيم والأخلاق الإنسانية، وتعلم أن عليها إنقاذ نفسها والدفاع عن كرامتها وعزتها. وتتألم شعوبنا العربية بصمت لما يتعرض له الشعب الفلسطيني من عدوان وتآمر يستهدف وجوده وأرضه ومقدساته، وهي تدرك تماماً مخططات الأعداء وحلكة المستقبل الذي ينتظرها وصعوبة التحديات التي تواجهها. وقد أثبتت الشعوب العربية في مواطن كثيرة استعدادها لتقديم التضحيات الجسيمة، دفاعاً عن دينها وكرامتها وأوطانها، وصداً للغزاة والمحتلين والمعتدين. فما الذي أصاب الشعوب العربية بحالة من الشلل السياسي التام؟!
لا شك أن أسباب حالة الشلل السياسي التي تعاني منها الشعوب العربية كثيرة ومعقدة، ويبدو أن تأجيج العواطف وإثارة الحمية القومية والدينية لدى شعوبنا لا يكفي لدفعها للقيام بحركة تغييرية شاملة، ولا يكفي أن يتعرض الشعب الشعب الفلسطيني المرابط للحصار والتجويع والقمع والتنكيل لإثارة نخوتها العربية والإنسانية، ولا يكفي أن يتعرض المسجد الأقصى المبارك للتدنيس والهدم على أيدي اليهود والصهاينة المجرمين لإثارة حميتها الإسلامية. ويبدو كذلك أن تذكير شعوبنا بما تتعرض له في كل لحظة من مذابح على يد أعدائها وما يحل بها من مصائب وما ينتظرها من مصير مشئوم، لا يكفي لدفعها نحو التغيير المنشود. فأين تكمن المشكلة الحقيقية إذن؟!
إن المشكلة الحقيقية تكمن في أن شعوبنا لا تدري ماذا تفعل حيال ما تتعرض له من عدوان، ولا تدري في أي اتجاه تسير للدفاع عن نفسها وكرامتها، لأنها تفتقر إلى قيادة شعبية تمتلك الرؤية الواضحة والإستراتيجية الصحيحة لتحقيق التغيير الذي تسعى له شعوبنا، وتمتلك الاستعداد للتضحية، لتأخذ هذه القيادة بيد شعوبنا وتستنهض هممها وطاقاتها وفق رؤية إستراتيجية واضحة المعالم.
وعند الحديث عن تحرك شعبي يقود إلى التغيير الذي تتطلع إليه شعوبنا، يجب التعويل فقط على القلة القليلة من أبناء شعوبنا، الذين امتلكوا إيماناً عميقاً وعزيمة لا تلين وإرادة لا تنكسر، والذين يحظون برؤية واضحة ووعياً لا يخالطه جهل وإخلاصاً لا تفسده غايات ومطامع شخصية، والذين يمتلكون استعداداً للتضحية والجهاد في سبيل الله دون تثاقل إلى الأرض. فهؤلاء هم قادة التغيير وحملة رسالة هذه الأمة.
ولا شك أن أخطر ما يقوض الجهود الشعبية لنصرة القضايا العربية والإسلامية المصيرية هو الانقسامات والخلافات الطائفية والسياسية، ولهذا يحرص أعداء أمتنا على إثارة تلك الخلافات وتوظيفها في تضليل الشعوب العربية وإهدار طاقاتها وإلهائها وإشغالها فيما يضرها. ومع الأسف الشديد، نجح أعداؤنا في توظيف كثير من الإعلاميين والسياسيين والكتّاب وغيرهم لجر شعوبنا للانشغال بتلك الخلافات والانقسامات، الأمر الذي مكن أعداءنا من النيل من أمتنا وشعوبنا.
فمثلا، فينما يتضور الشعب الفلسطيني في غزة جوعاً ويموت مرضاً بسبب الحصار الصهيوأمريكي المفروض ظلماً وعدواناً على غزة، لا تجد عملاً شعبياً عربياً فاعلاُ لمواجهة هذا العدوان وكسر الحصار، وتنعم أنظمة دول محور الاعتدال العربي بالهدوء والاستقرار، وتنشغل هذه الأنظمة في تنفيذ المخططات الأمريكية في منطقتنا، تتواطأ ضد الشعب الفلسطيني مع الصهاينة المجرمين. فكل الأحزاب والحركات الشعبية العربية والإسلامية عاجزة عن الضغط على تلك الأنظمة الخائبة لوقف ممارساتها المعادية لأمتنا وإجبارها على التخلي عن مواقفها المخزية التي تخدم أعداء شعوبنا، بل إن كل تلك الحركات والأحزاب دون استثناء عاجزة عن القيام بفعاليات شعبية مؤثرة ضد التواجد الصهيوأمريكي في البلاد العربية رغم أن الصهاينة والأمريكيين وحلفاءهم الصليبيين يلغون في دماء شعوبنا ويعيثون في بلادنا فساداً.
ولا خير في علماء هذه الأمة وقادتها المسلمين إن لم يقودوا شعوبنا نحو حركة تغييرية شاملة تضع حداً للممارسات القمعية والإجرامية لتلك الأنظمة العميلة بحق شعوبنا العربية والإسلامية، ولا خير فيهم إن لم يكونوا في مقدمة المتظاهرين والمنتفضين ضد الظلم والطغيان، ولا خير فيهم إن لم يكسروا الصمت المشين ويقولوا كلمة الحق مدوية حتى لو امتلأت بهم سجون الأنظمة العميلة للولايات المتحدة الأمريكية وتعرضوا للتعذيب والملاحقة على أيدي الظالمين، ولا خير فيهم إن لم تسل دماؤهم نصرة لشعب فلسطين...
31/8/2008
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية