يبحث إبراهيم الذي لم يتجاوز 13 عاما من عمره من قرية "الزارة" بريف حمص الغربي عن علب المواد الغذائية الفارغة والأحذية المهترئة وقطع البلاستيك لبيعها علّه يحصل قوت يومه تحت أشعة الشمس الحارقة التي أحالت سحنته الوردية إلى سمراء داكنة.
وحال ابراهيم لا يختلف كثيراً عن أحوال الآلاف من الأطفال السوريين التركمان الذين فروا مع أسرهم من الحرب إلى لبنان طلباً للأمان، لكنهم اصطدموا بـواقع النبذ والتضييق الذي يُعاملون به في حياتهم اليومية، مثل غيرهم من مكونات الشعب السوري.
إلى جانب تجاهل الأتراك لأوضاع ومعاناة التركمان الذين يعتبرون أنفسهم جزءاً منهم على المستوى العرقي أقله.
يبلغ عدد التركمان السوريين في لبنان قرابة 5000 عائلة بما يشكل حوالي 125000 إلى 150000 شخص لجؤوا من كل مناطق سوريا من حمص وحماه وطرطوس وحلب ودمشق وادلب وباقي المناطق"، وهم يعانون من التمييز بينهم وبين تركمان لبنان الأصليين الذين لا يتجاوز عددهم 15 ألف شخص من قبل السفارة التركية في لبنان -كما أوضح الناشط محمد القصاب من اتحاد إعلاميي تركمان سوريا.
وأشار القصاب لـ"زمان الوصل" إلى أن التركمان "توسموا خيراً من السفارة التركية في لبنان منذ بداية لجوئهم، وحاولوا مراراً التواصل معها دون جدوى".
ولفت إلى أن لقاءات عدة جمعت ناشطين ووجهاء من تركمان سوريا مع بعض الوفود وممثلي الحكومة التركية وبعض الهيئات لكن هذه اللقاءات -كما يؤكد- كانت عديمة الفائدة –للأسف- ولم تحرك ساكناً.
ورغم مناشدة الحكومة التركية لأكثر من مرة –كما يقول- إلا أن هذه المناشدات لم تلقَ آذاناً صاغية.
وتابع محدثنا أن "تركمان سوريا في لبنان ظُلموا مرتين مرة من النظام الذي هجرهم وبشكل قسري ومرة من الحكومة التركية ممثلة بسفارتها في بيروت ومن الهيئات والمنظمات التركية ومن المجلس التركماني الذي يعتقد أغلب التركمان السوريون في لبنان أنه لم يسمع بهم وإن سمع بهم وتجاهلهم فهنا الطامة الكبرى، حسب وصف الناشط.
وزوّد محمد القصاب "زمان الوصل" بإحصائيات تشير إلى معاناة التركمان السوريين في لبنان وواقع التهميش الذي يعيشونه منذ سنوات حيث "يبلغ عدد أرامل الشهداء التركمان في لبنان حوالي 500 أرملة شهيد ومثلهم من الأرامل العاديات، وعدد الأيتام التركمان حوالي 20000 يتيم".
فيما يبلغ عدد المرضى المزمنين والتشوهات والبتر وجرحى الحرب –كما يؤكد محدثنا- حوالي 500، وأضطر أكثر من 5000 طفل تركماني سوري للعمل والتسكع في الطرقات والتسول لإعانة ذويهم، ما أجبرهم على ترك مدارسهم، أما المعاناة الكبيرة –كما يؤكد القصاب- فهي انعدام فرص العمل وعدم وجود مصدر رزق لتأمين لقمة العيش، مما اضطر أكثر من 2000 عائلة تركمانية لاجئة للسكن في مزارع للدجاج وتحت خيم تفتقر إلى أبسط متطلبات الحياة الإنسانية.
واضطر الكثيرون منهم للمغادرة باتجاه السهول الواسعة، حيث أقاموا في بيوت صفيح بنوها بما توفر لديهم من مواد خشبية أو من الكرتون أو السجاد وحتى البلاستيك الخاص باللوحات الإعلانية".
ويضيف القصاب معاناة أخرى للتركمان من قبيل عدم تجديد أوراقهم في الأمن العام وانخفاض قيمة القسيمة الغذائية المقدمة من مفوضية الأمم المتحدة إلى 13 دولارا أمريكيا للشخص.
ويبلغ عدد اللاجئين السوريين المسجلين لدى مفوضية شؤون اللاجئين بلبنان 663 ألفاً، فيما تؤكد السلطات اللبنانية أن العدد الإجمالي للسوريين تخطى 1،1 مليون لاجئ، يحصل جزء منهم على مساعدات من الأمم المتحدة.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية