أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في لبنان.. "الصرف الصحي" يعلن الحرب على اللاجئين السوريين أيضا

لاجئ سوري يمارس عمله بحفر الجور الفنية وهي الحل الوحيد لتصريف المياه -زمان الوصل

يستعدون لنهايات أيلول الممطرة، يركّبون ما تيسر لديهم من الشوادر الاحتياطية، تحسبا لغيمة عابرة قد يحلو لها العبث والجنون فوق خيام ليس بوسعها احتمال زخة مطر أو هطل خفيف لتغدو في عداد الغارقين.

لم يعودوا كسالف عهدهم يلهجون بالدعاء "الله يبعت الخير"، فالمطر بالنسبة لساكني الخيام هو غرق محتم، أو فيضان يرفع من مستوى معاناة اللاجئين السوريين.

يستعدون لأيلول، وهم يرصدون سماءه المتقلبة، ومزاجيته المخيفة، ولم يفطنوا لذلك الخطر المتدفق من أحشاء مراحيضهم، "طوفان" لم يكن في بالهم.

ولا على جدول مخاوفهم أغرق خيامهم، وبسط بقاذوراته على كل مفصل من مفاصل معيشتهم ومسكنهم.

* لماذا أعلنت "المراحيض" حربها؟
لا يخفى على أحد بأن لبنان و"عرسال نموذجا"، تفتقر لخدمات ما يسمى بميزة "الصرف الصحي" ولا يوجد لها أي شبكة هنا لا فرعية ولا رئيسية، حسب تصريح عضو المجلس البلدي في البلدة "إسماعيل الحجيري". 

وأوضح الحجيري لـ"زمان الوصل" أن جميع السكان هنا بما فيهم اللاجئون يعتمدون على "الحفرة الفنية" لتصريف المياه الناتجة عن استخداماتهم اليومية من مياه جلي وشطف وحتى لتصريف مياه المراحيض وفضلاتها، والكل يصب في ذات الحفرة الموجودة قرب كل منزل أو مخيم.

وأشار عضو المجلس البلدي أن جميع الحفر طافت لتعذر شفطها وترحيل مياها وقاذوراتها لمكبّات خاصة جهزت خارج البلدة.

*مخاطر الشفط والترحيل
ويضيف إسماعيل الحجيري أن شفط الجور الفنية وترحيلها أمر خطير جدا لكون المكبّات التي يتم ترحيل مياه الصرف الصحي إليها تقع ضمن منطقة تماس خطرة خارج حدود البلدة، وهي عرضة بشكل دائم لسقوط القذائف وحدوث انفجارات، مما يجعل وصول الصهاريج الخاصة بالترحيل إلى تلك المنطقة متعذرا.

* الحفرة الفنية في سطور
يشرح منصور حمود من ريف القصير وهو عامل يمارس مهنة حفر الجور الفنية لـ"زمان الوصل" بأن عمق الحفرة بحدود 5 أمتار يتم حفرها قرب كل منزل. 

ويضيف أن الهدف منها تحويل كافة مياه الصرف الصحي الناتجة عن استخدامات المنزل، ويتم شفطها وتفريغها بشكل دوري عبر صهاريج خاصة لهذا الغرض.

وفي حال لم يتم شفطها، حسب منصور، فإن المياه التي في داخلها تطوف وتبدأ بالتسرب خارج الحفرة مخلفة روائح كريهة جدا وتصبح قبلة للبعوض والجراثيم والجرذان.

*المشكلة من المنبع إلى المصب
يقول اللاجئ "يحيى جمول" من منطقة القصير وهو المسؤول عن مخيم "من هنا مر السوريون2" الذي يبلغ 151 خيمة، إن الحفرة الخاصة بالمخيم لم يتم شفطها وتعزيلها منذ أسبوعين، علما أنها تمتلئ خلال مدة لا تتجاوز اليومين، ما أدى إلى حدوث كارثة صحية حقيقية.

ويشرح بالتفصيل لـ"زمان الوصل" أن إمكانية تصريف (المرحاض) الواقع ضمن الخيمة باتت مستحيلة بسبب امتلاء الحفرة وعجزها عن استيعاب أي مياه ناتجة عن الاستخدام، ما أدى إلى طوفان المرحاض وتسرب المياه داخل الخيمة بالكامل مخلفة روائح كريهة ومقرفة، فضلا عن وصولها إلى الشوارع والممرات الفاصلة بين الخيام.

ومن مخيم "رجال في عرسال" أكد أبو عمر من الخالدية المسؤول عن المخيم والبالغ عدد خيامه 110، أن طوفان المراحيض شمل كل الخيام دون استثناء، وأنهم على هذه الحالة منذ أسبوعين.

وقد رافقت "زمان الوصل" أبا عمر وصورت في أكثر من خيمة حالات طوفان المراحيض تلك.

وعن الإجراءات التي قام بها كرئيس مخيم لحل هذه المشكلة أوضح أبو عمر أنه أبلغ كافة الجهات المختصة لمساعدة السوريين غير أنه "لا حياة لمن تنادي".

وحسب أبي عمر، فإن الذريعة الرئيسية لدى تلك الجهات خوف السائقين المعنيين بنقل الصهاريج والخروج بها لمنطقة "المكبات" بسبب خطورة المكان.

أحد سائقي تلك الصهاريج المعنية بالترحيل قال لـ"زمان الوصل" رافضا ذكر اسمه، إنه غير مستعد للمخاطرة بحياته ليصل إلى منطقة "المكبات" الخاصة برمي مياه الصرف الصحي فيها، لأنها منطقة شبه حربية، وعرضة للقذائف والرشقات النارية.

* رغم الغرق.. لا حل في الأفق
عضو المجلس البلدي اسماعيل الحجيري قال لـ"زمان الوصل" أيضا إن عدد المخيمات السورية في بلدة عرسال يتجاوز 128 مخيما، وأشار إلى أن المجلس البلدي يعاني من نقص شديد في الموظفين لتغطية خدمات هذه المخيمات، ملقيا باللوم على منظمات الأمم المتحدة التي يقارب عددها 45 منظمة في لبنان، ولا تعمل منها في عرسال إلا 8 منظمات.

وذكر مستهجنا أن تلك المنظمات الأممية يجب أن تدرك بأن عملها في أماكن تواجد اللاجئين وليس في "الأماكن السياحية".

وفي زيارة لـ"مخيم شباب4" أكد المسؤول عن المخيم البالغ عدد خيامه 24 أبو محمد المعراوي أن مشكلة طوفان المراحيض في المخيمات هي مشكلة شاملة وعامة، وذلك من خلال تواصله مع زملائه من رؤوساء المخيمات.
وأكد لـ"زمان الوصل" أن أهل بلدة "عرسال" متضررون بنفس الحد لأنهم عاجزون عن شفط جورهم الفنية أيضا، منوها إلى أنه لا حل قريب لهذه المشكلة حسب اتصالاته ومتابعته للمشكلة.

*من مشكلة صحية وبيئية إلى اجتماعية
في حديث لـ"زمان الوصل" قال اللاجئ محمد مالك الصوفي، رافضا تحديد مكان مخيمه، إنه على الرغم من خطورة هذه الروائح الكريهة على صحة الأطفال وحياتهم وفي غياب كامل لزيارة أي فريق طبي أو صحي لمخيمنا وانتشار البعوض والجرذان والحشرات، فإن الكثير من المخيمات تلقت إنذارات من قبل الجيران من سكان البلدة بالترحيل وخلال أيام ومنهم مخيمنا، في حال لم يتم معالجة طوفان المراحيض، والتخلص من هذه الروائح الكريهة بأسرع وقت.
وكشف أن بعض الإنذارات أتى على شكل تهديد.

عبد الحفيظ الحولاني - زمان الوصل
(129)    هل أعجبتك المقالة (165)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي