تحاول اتقان بالتركية لكنها لا تنجح بشكل كامل، لا يهم، فلديها اليوم بأكمله لتتدرب على منادة الزبائن بجملة: "سوك سو" أو "مياه باردة".
كنت أشتري منها عبوة مياه مقابل ليرة تركية عندما علمت أني سورية، أخبرتني أنها من مخيم "اليرموك" بدمشق، وأن زوجها تعرض لشلل نصفي بسبب قذيفة "أسدية"، وأنها تعمل في بيع المياه الباردة لتعيل زوجها وأطفالها الثلاثة.
ولما سألتها عن حالها قالت:مستورة الحمد الله، ورفضت أم مصطفى أن تأخذ مني مبلغا قليلا من المال كنت أود مساعدتها به، لأنها لا تريد صدقة من أحد، ولأننا حسب وصفها "كلنا سوريون وبحاجة إلى مساعدة".
تقول: "كنت ست بيت وجار علي الزمن، بس أنا ما بمد إيدي إلا لله".
زوجها أبو مصطفى كان يعمل بائعا للخضار في سوق الهال في دمشق، وهو اليوم ـحسب وصفهاـ يعاني من اكتئاب مزمن بالإضافة إلى أمراضه الجسدية "ليس هناك أصعب من قعدة الرجال وعجزه" هكذا تقول.
على الرغم من أنه مضى على وجود عائلة أم مصطفى في اسطنبول عدة أشهر، إلا أنها تحاول جهدها تعلم اللغة التركية، كي تعلمها لأولادها الذين تركوا المدرسة منذ عامين، وهم حاليا بلا تعليم وهذا أكثر مايوجع قلبها، فذلك يعني، حسب قول أم مصطفى، أن أطفالها أضاعوا حاضرهم ومستقبلهم.
وتتساءل بعينين شاردتين ويدين متعبتين من حمل عبوات المياه: "ماذا سيشتغلون عندما يكبرون!؟ لا علم يؤمّن لهم مستقبلهم ولا دكان تمسكهم كار!؟".
أم مصطفى عملت بنصيحة جارتها أم ليلى وقدمت أوراق زوجها الطبية إلى منظمة "آسام"، وهناك أخبروها أنهم رفعوا ملفهم إلى الأمم المتحدة لينظر في إمكانية تسفيرهم إلى أوروبا، حيث من المفترض أن يتلقى زوجها العلاج.
وتضيف: حتى الآن لم يتصلوا بي، ولكنهم أخذوا زوجي مرة إلى إحدى المشافي الحكومية.
ووفق أم مصطفى، فإن السفر إلى أوروبا هو أملها الوحيد في أن إمكانية تأمين مستقبل لأطفالها كأي طفل يعيش حياة طبيعية، لأنها وزوجها لا يستطيعان أن يعدا أطفالهما بأكثر من رغيف الخبز الذي تشتريه أم مصطفى يوميا وتفته مع الحليب أو الشاي كوجبة غداء لأسرتها، كما تقول.
لمى شماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية