"تكدسنا كقطع السردين في شاحنة صغيرة وشاءت حكمة الله أن ينقذنا كمين للشرطة في الطريق"، هكذا وصف لاجىء فلسطيني من مخيم اليرموك مغامرته قبل الأخيرة في الطريق بين اليونان وصربيا.
وتعيد قصة تكدس "محمود المغربي" وهو الاسم المستعار الذي اختاره الشاب العشريني مع رفاقه إلى الأذهان قصة موت أكثر من 70 لاجئاً خنقاً في حافلة مبردة كانت في طريقها من النمسا إلى ألمانيا منذ أسبوعين وهي القصة التي شغلت العالم لفرط مأساويتها.
لم تكن حدود مقدونيا قبل أشهر كما هي معروفة اليوم، كانت هادئة ولكن كان الوصول إليها صعباً، إذ يضطر المهاجر أن يسير أياماً في المناطق الوعرة والجبال ليصل إلى العاصمة سكوبيا -كما يقول المغربي.
ويضيف المغربي لـ"زمان الوصل" أن الشرطة المقدونية كثيراً ما كانت تمسك بنا ليذهب عناء سفرنا أدراج الرياح، ونعود إلى نقطة الصفر في سالونيك"، موضحا أنه "لم نكن نمل من تكرار المحاولة، ولكننا كنا نتخوف من الذهاب مع مهرب بسبب وجود كمائن للشرطة، وفي حال إلقاء القبض علينا داخل سيارات- كما يقول- يتم إيداعنا في سجن "غازي بابا" شهوراً عدة حتى الإفراج عنا والتهمة شاهد على مهرب أو سائق".
ويتابع المغربي واصفاً مراحل رحلته المحفوفة بالمخاطر: "شاءت الأقدار أن أصل مع رفاق رحلتي إلى حدود صربيا وإلى قرية "فكسنجا" المقدونية بالذات. ويضيف: "تابعنا المسير إلى صربيا حيث كانت تنتظرنا شاحنات لتقلنا إلى بلغراد".
ويردف محدثنا:"كانت العاصفة الثلجية في يومها الأخير وأمضينا 14 ساعة من المسير وفي الشهر الأول هذه السنة كانت الثلوج في كل مكان".
وكنا كما يقول- 40 شخصاً نسير بلا هدف فقط نسير على أمل الوصول إلى بر الأمان، وكان الريبر (الدليل)-كما يقول محدثنا- عبارة عن شخصين لا شخص واحد، أحدهما باكستاني والآخر أفغاني، وكان من الواضح عليهما أنهما تناولا حبوباً مخدرة وسجائر حشيش قبل بداية المسير، وكان الباكستاني -حسب المغربي يردد عبارة "نفر نو كركر تنين جنبل في سيارة".
ولدى دخول "محمود المغربي" ورفاقه كانت بانتظارهم شاحنة صغيرة أو "فان" لم يكن مخصصاً لركوب الناس، إذ لم يكن فيه كراسٍ للجلوس، وكانت الزيوت تملأ أرضيته وكان الاتفاق مع السائق -كما يقول- على نقلهم من فكسنجا إلى بلغراد مقابل 400 يورو، وكان على الأشخاص الأربعين- بحسب محدثنا- أن يُحشروا فيها، وإلا فإن تعبهم كله سيضيع".
ويضيف:"دخلنا جميعنا إلى الشاحنة الضيقة على الواقف ورفعنا أيدينا لنستطيع الدخول إليها، وماهي إلا دقائق قليلة إلا وبدأنا نشعر بالاختناق وضيق النفس رغم فتحات التهوية القليلة، وكان مرافقو الفان يصرخون من داخله "تحملوا شوي شباب ما تضيعوا تعب .. تحملوا شوي لنوصل بلغراد".
ويتابع محدثنا: "بعد حوالي 10 دقائق فوجئنا بوجود كمين للشرطة فتوقفت الشاحنة وفرّ سائقها كي لا يتم القبض عليه.
ويضيف: "آنذاك تنفسنا الصعداء لأننا نجونا من كارثتين محققتين أولهما الموت اختناقاً والثانية وهي الأسوأ –كما يقول- عندما ترجل نصف الركاب إلى سيارة الشرطة الصربية ففوجئنا أن أرضية الشاحنة قد تشققت وبدأت تتكسر من ثقل حمولتها.
ويضيف المغربي: "أخذونا إلى مركز شرطة مشترك مع الجيش، وأعطونا زجاجات مياه وسمحوا لنا بأن نأكل من الطعام الذي كان بحوزتنا، وبعد أيام -كما يقول "بصمونا في صربيا وتم تصويرنا ثم أعادت الشرطة الصربية 34 شخصاً منا إلى حدود مقدونيا، وتم إرسالي مع خمسة أشخاص آخرين إلى سجن "فيرانا" لنقضي هناك 10 أيام بين المجرمين ثم أعادونا وبعد الإفراج عنا أعادونا إلى حدود مقدونيا".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية