أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ناشط إعلامي يرصد ممارسات التنظيم في الرقة: أعمل في أخطر مناطق العالم

يعمل "أبو شام" بتوثيق مشاهداته اليومية بسرية تامة

تمكن ناشط إعلامي من اختراق مجتمع تنظيم "الدولة" في مدينة الرقة ورصد بكاميرا سرية جوانب من حياة الناس ويوميات عناصر هذا التنظيم، بدءاً من سجون التنظيم "الأقفاص الحديدية" المنصوبة في الهواء الطلق، إلى الأطفال المسلحين إلى كتائب النساء، إلى المشاهد اليومية مثل ركوب النساء على الدراجات خلف أزواجهن أو محلات الزينة وبيع الثياب النسائية التي تتصدر واجهاتها تعليمات صارمة.

كل ذلك استطاع أن يوثقه الشاب العشريني "أبو شام" وهو الاسم المستعار الذي اختاره خوفاً من بطش التنظيم. 

عندما استولى تنظيم "الدولة الإسلامية" على الرقة وعدة بلدات مجاورة في آذار/مارس 2013، كان أبو الشام طالباً في 23 من عمره فقرر البقاء هناك، ليبرز ما ستكون عليه حياة السكان اليومية تحت سلطة الجهاديين.

يقول أبو شام في حوار خاص لـ"زمان الوصل" :"كنت ناشطاً ثورياً قبل مجيء تنظيم الدولة إلى الرقة، وكنت من أول المتظاهرين في المدينة وأول من كتب على جدرانها كلمة ارحل، وبعد تشكيل التنسيقيات المحلية انخرطت للعمل فيها، وعملت كناشط إعلامي".

ويردف أبو شام: "بعد تحرير مدينة الرقة من قبضة النظام من قبل الجيش الحر بدأت أمارس نشاطي بحرية أكثر، ولكن حصلت لي بعض المشاكل التي جعلتني أخرج من الرقة".

ويتابع:"بعد فترة قصيرة من خروجي منها استولى تنظيم الدولة على الرقة فعدت إنساناً عادياً ومواطناً مدنياً"، وكشف "أبو شام" أنه كان من محبي التنظيم أول سيطرته على المدينة وتوغل في مفاصله وخصوصاً في علاقته مع الأجانب "حاولت أن أفهم منهم لماذا جاؤوا إلى الرقة أو بالأحرى لماذا بايعوا التنظيم". 

ونظراً لحالته المادية السيئة اضطُر أبو شام أن يعمل في بقالية ليجمع ثمن جوال حديث ينقل من خلاله الواقع –كما يقول- وبعد أن اقتنى الجوال بدأ يعمل بشكل بسيط "ع الخفيف" –حسب تعبيره- وبدأ يسمع معاناة الرجال والنساء وقهرهم من ممارسات عناصر التنظيم".

ويضيف:"قابلت بعض الأشخاص ممن خرجوا من معتقلات التنظيم رووا لي قصصاً مؤلمة عن طريقة معاملتهم، فأصبح لدي دافع قوي جداً لأنقل الحقيقة" وكشف أبو شام أنه بدأ عمله كناشط إعلامي مستقل في مناطق تنظيم "الدولة"، وبعد فترة تم اكتشافه من قبل الشرطة الإسلامية التابعة للتنظيم وتم سجنه –كما يقول- لمدة شهر ونصف، ورفض أبو شام الإفصاح عن سبب سجنه لأن ملفه –كما يقول- موجود لدى التنظيم وإذا نشر السبب سيعرفونه مباشرة، وروى محدثنا إنه انخرط بعد ذلك في التنظيم، وبدأ العمل من خلاله لينقل حقيقة التنظيم محاسنه ومساوئه فلقي -كما يؤكد- تشجيعاً ودعماً معنوياً من جميع الناشطين. 

غير أنه اضطر –كما يقول- للتراجع عن العمل بعد أن تراكمت ديون محل النت الذي كان يرسل عمله من خلاله فعاد للعمل في البقالية كي يسدد ديونه.


وأشار أبو شام إلى أن من أكثر المظاهر التي لفتت نظره في مجتمع تنظيم "الدولة" في الرقة هي القمع والقهر النفسي والظلم الذي يمارسه عناصر التنظيم، خاصة السوريين منهم على المدنيين حيث يقوم رجال الحسبة المزعومة-كما يقول- بملاحقة النساء على لباسهن وإسماعهن الكلام الجارح دون أن يجرؤ أحد من أهل المدينة على التدخل أو الرد خوفاً من الاعتقال. 

يعمل "أبو شام" بتوثيق مشاهداته اليومية بسرية تامة لأنه إذا انكشف أمره سيموت ذبحاً -حسب تعبيره- ومما عزز هذه المخاوف –كما قال- إن تنظيم "الدولة" عرض في الفترة الأخيرة آلاف الدولارات لمن يأتي بمعلومات عنه، وأبدى محدثنا خشيته من أن يتم اعتقاله ويوضع في إصدار من إصدارات التنظيم، ولكنه تابع بثقة واطمئنان: "أعرف أني أعمل في منطقة من أخطر مناطق العالم على الإطلاق، وأخاطر بحياتي لأنقل قهر الشعب والحقيقة وحتى لوتم اكتشافي ومتتُّ فسأكون مرتاحاً أمام ربي، لأن عملي خالص لوجه الله ولم أتقاض مقابله ليرة واحدة. 

وكشف أبو شام أن "الكثير من وكالات الإعلام العالمية ومنها من يعمل لصالح التحالف عرضت عليّ العمل معها وتزويدها بصور ومقاطع الفيديو التي أصورها مقابل آلاف الدولارات"، ولكنه رفض هذا العرض بشدة مبرراً ذلك -كما يقول- بالخوف من أن يموت مدنيون بسببه فيشعر بتأنيب الضمير، ولأنه لا يحب التقييد في العمل، رغم أن حالته المادية سيئة للغاية.

ومن الجوانب اليومية التي رصدها أبو شام بكاميرته السرية الأقفاص الحديدية التي يسجن التنظيم المحكومين فيها.

وحول قصة هذه الأقفاص والهدف من تصويرها أوضح أبو شام أن تصويره لهذه الأقفاص المنتشرة في أغلب مناطق تنظيم الدولة هو جزء من نقل الحياة والواقع المرير للناس تحت حكم الخلافة"، مضيفاً أن "هذه الأقفاص مخصصة لمحاسبة الناس الذين يخضعون لحكم التنظيم، ويرتكبون مخالفات من وجهة نظر التنظيم ومنها -كما يقول محدثنا- "التشبه بالنساء، والتأخر عن الصلاة وحلاقة الذقن والتدخين وعدم تطبيق القرارات الجديدة (بالنسبة لأصحاب المحلات)، والكثير من المخالفات الأخرى، حيث يتم وضعهم في هذه الأقفاص لمدة زمنية محددة".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(110)    هل أعجبتك المقالة (101)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي