أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من كواليس سجن السويداء.. أحد المفرج عنهم يروي لـ"زمان الوصل" الفساد وتصفية المعتقلين داخل السجن

الرشى هي العنصر المحرك لجميع قرارات وتصرفات ضباط السجن - الصورة تعبيرية

روى أحد السجناء المفرج عنهم حديثا من سجن السويداء المركزي، في حديث لـ"زمان الوصل" ما وصفه بالفظاعات التي كانت تجري وشهد عليها داخل أسوار السجن.

"عيسى" وهو الاسم الحركي الذي فضل محدثنا إطلاقه على نفسه، وهو طالب جامعي من أبناء محافظة ريف دمشق، اعتقلته سلطات النظام مطلع عام 2013، وذلك على خلفية مشاركته في المظاهرات وتنسيقها، حيث أمضى نحو عامين في كنف السجون، تنقل خلالها بين عدة أفرع وانتهى به المطاف في سجن السويداء المركزي.

يقول "عيسى" إن الفساد والسرقة وتجارة المخدرات وتصفية السجناء وغيرها من الجرائم التي كانت هي العنوان الأبرز لمن عايش فترة الاعتقال بداخله، ورغم أن هذه الممارسات التي سيرويها قد تبدو متواضعة أمام نظام ضليع في تصفية سجنائه والتفنن في ألوان التعذيب، إلا أن الغريب –برأي عيسى- أن تمتد هذه الممارسات إلى سجن مدني من المفترض أنه يخضع لرقابة منظمات حقوقية وإنسانية، محلية ودولية.

*هيلكلية السجن وحاشيته
يتألف سجن السويداء المركزي من برجين بارتفاع 4 طوابق، وكل برج له باحة تنفس خاصة به وجناح خاص بالأحداث (-18) وجناح خاص بالسيدات بالإضافة إلى "مستقلة" داخلية (غرفة كبيرة لمعاقبة المخالفين تصل لحد 3 أشهر) وذلك بعد تحويلهم إليها من المنفردات، وأيضا مستقلة خارجية خاصة بـ"الإسلاميين" المعتقلين من قبل بداية الثورة.

كما يوجد بوفيه واحد لكل برج يشرف عليهما بشكل أساسي "نمير الأسد" إضافة إلى عدة أشخاص ذوي نفوذ من أمثال "اسماعيل وردة" و "خالد النمول" و"فضل أبو جبل".

كما أن "نمير الأسد" (معتقل بتهمة مخدرات) يعتبر من أصحاب النفوذ الكبير ويشرف هو وبالتعاون مع بعض ضباط السجن على تجارة المخدرات مع المعتقلين، ويشكل شبكة داخلية لهذا الغرض بالتعاون أيضا مع بعض المعتقلين بتهم الإتجار في المخدرات ومنهم (إبراهيم حنص، محمد حسان البغدادي، خالد الشهابي، بهاء دوشانية، علي محاميد، يحيى الكردي، نور حبقزة)، كما تشرف هذه الشبكة وبالتعاون والتنسيق مع ضباط السجن على ابتزاز السجناء وتلفيق تهم جديدة بغرض الحصول على الأموال منهم.

أما فيما يخص الضباط المسؤولين فيبلغ عددهم نحو 13 ضابطا يشكلون "عصابة" حسب تعبير "عيسى"- همها الأساسي جني الأموال وتعذيب المعتقلين والتنكيل بهم:
- العميد زياد بكرو (مدير السجن) وهو من محافظة حلب
- الرائد بشار حبيب (نائب مدير السجن) من جبلة في اللاذقية وقد كان مطرودا من الخدمة بسبب مقتل شخصين على يديه تحت التعذيب بفرع الأمن الجنائي في دمشق (باب مصلى)، إلا أنه أعيد إلى عمله في سجن السويداء مع بداية الثورة.
- النقيب صفوان من الساحل
- النقيب سعد عليان من القنيطرة
- مسؤول الطبابة برتبة نقيب (نسي اسمه) من السويداء
- ملازم أول عبد اللطيف من إدلب
- ملازم أول ياسر من جبلة
- ملازم أول طارق أبو اسماعيل
- ملازم أول أيهم من الساحل
- ملازم أول شوقي من سهل الغاب في حماه
- ملازم اول أنطونيوس من قرية صدد في حمص
- ملازم أول ثائر من حمص
- ملازم أول محمد المحمد من جبلة وتم نقله مؤخرا إلى سرية قريبة من السجن. 

وكل يوم يناوب ضابطان في السجن، ويذكر "عيسى" أن النفوذ الأكبر ينحصر بشكل أساسي في مدير السجن ونائبه والملازم أول "طارق أبو اسماعيل" و"محمد المحمد" حيث ينفردون بـ"حصة الأسد" في سرقاتهم، كما أن باقي الضباط يستفيدون بشكل كبير من سلطاتهم المطلقة داخل السجن من خلال ابتزاز المعتقلين وتلقي رشى منهم مقابل تحسين الخدمات، كما يقوم بعض الضباط بتجارة الربا مع السجناء من خلال تقديم الديون للسجناء بالفائدة، فيما يقوم آخرون بتجارة المخدرات والخمور مع الموقوفين مثل النقيب "صفوان".

كما يقوم الضباط المناوبون باستغلال أي مشاجرة بسيطة بين السجناء من خلال تخويف المعتقلين بتحويلهم إلى التحقيق، ومن هنا يتم أخذ الرشى منهم.

وينوه "عيسى" إلى أن أي مشكلة يتم حلها لقاء أخذ المال، كما أن الرشى هي العنصر المحرك لجميع قرارات وتصرفات ضباط السجن.

*أطعمة فاسدة
تعمد إدارة السجن التي يرأسها العميد "زياد بكرو" إلى توزيع وجبات "لا تكفي معدة عصفور" حسب تعبير محدثنا، بكميات محدودة ونوعية رديئة مخالفة لما هو مخصص لهم، وعلى سبيل المثال (لكل شخص يوميا ربع رغيف خبز فقط)، وهذا شيء متعمد بهدف دفع السجناء لشراء طعامهم من الندوة (البوفيه) والمستثمرة من قبل أحد السجناء ذوي النفوذ "محمد خيري" الملقب بـ"آغا"والتي يعود ريعها إلى العميد، حيث تقدر أرباح البوفيه مايقرب من 600 ألف ليرة شهريا، ثلثي هذا المبلغ يذهب للعميد، فيما يتم توزيع الباقي على الضباط حسب النفوذ والمحسوبية، وذلك مقابل ميزات يحصل عليها "خيري" لدى العميد.

إلا أن المشكلة لا تتوقف هنا، إذ يقدم مستثمر البوفيه على شراء أطعمة فاسدة منتهية الصلاحية ومعدة للإتلاف وذلك لانخفاض سعر جملتها، ليتم بعدها بيعها للسجناء المضطرين بأسعار مرتفعة.

كما يقوم المورد الأساسي المتعاقد مع السجن ويدعى "فادي الصباغ" بتولي هذه المهمة، من خلال تعاقده مع عدد من المحال والتجار في السويداء، لشراء مالديهم من بضاعة فاسدة بأسعار زهيدة، وكل هذا يجري بعلم وموافقة العميد.

ونوه عيسى إلى أن إدارة البوفيه، كانت تسعى لإخفاء تاريخ صلاحية الأغذية عن السجناء، من خلال بيع الأطعمة والمعلبات بـ"الفرط" عبر تفريغ محتوياتها بأكياس نايلونية شفافة، إلا أن بعض السلع كالعصائر والماجي لايمكن بيعها بمعزل عن أغلفتها، ومن خلالها تم اكتشاف انتهاء صلاحية هذه السلع من قبل السجناء، ورغم هذا فهم مضطرون لشرائها وذلك لانعدام البديل، والكلام هنا لـ"عيسى".

*تجارة المياه
لا يتوقف سعي مسؤولي النظام في سجن السويداء لكسب الأموال عند حد المتاجرة بالأطعمة الفاسدة فحسب، بل إن أعباء السجن ومرارته أضيف إليها أزمة خانقة في المياه.

يقول "عيسى" إنهم كانوا يواجهون أزمة مياه تفوق تلك التي في المناطق المحاصرة، حيث تتقصد إدارة السجن إلى قطع المياه وتعطيل مضخات المياه عن طوابق السجن، وذلك لإجبار السجناء على شراء مياه الشرب والاغتسال، بالمقابل سمح مدير السجن لأحد السجناء باستثمار ورشة لغسيل ملابس السجناء المضطرين لإرسال ملابسهم إليها نتيجة انقطاع المياه، وبدوره يسمح بضخ المياه إلى هذه الورشة فقط، لقاء مبالغ مالية، كما أن معظم أرباح هذه الورشة تعود إلى مدير السجن وحاشيته.

*أمراض وأوبئة
يفيد "عيسى" في شهادته لـ"زمان الوصل" على ما يعانيه المعتقلون داخل سجن السويداء المركزي، موضحا أن الأطعمة الفاسدة والطبابة سيئة، إضافة إلى مياه الشرب الملوثة نتيجة الخزانات الصدئة وقلة النظافة، ما أدى إلى تفشي وظهور أمراض كان يعتقد أنها انقرضت وعلى رأسها اليرقان والتهاب الكبد والأمعاء والتسمم، بالمقابل لايتوفر في السجن أدنى درجات الوقاية والعناية من قبل المستوصف الطبي في السجن.

ويذكر "عيسى" عددا من زملائه الذين قضوا نتيجة قلة العناية الطبية ومنهم "محمد هزاع السباعي" من مدينة حمص (متهم بالإرهاب) و"إبراهيم البله" (معضمية الشام) و"وليد عبده"، وذلك في أواخر شهر تشرين الأول/اكتوبر من عام 2013، حيث وافتهم المنية بعد نقلهم إلى سجن عدرا بدل إسعافهم إلى المشفى.

*تصفيات على يد الأطباء
وفي سياق الطبابة يذكر "عيسى" عدة أمثلة عن سعي إدارة السجن إلى استغلال أي ثغرة تمكنهم من جني الأموال، فالدواء والكشفية والعلاج كله بالمال، فمسؤول الطبابة في السجن هو ضابط طبيب برتبة نقيب، وهو بدوره تعاقد مع طبيب أسنان وبات يعمل كطبيب عام في السجن، ويتقاسمان مع مدير السجن الأرباح العائدة من الكشفيات وبيع الدواء الذي من المفترض أن يوزع بالمجان على محتاجيه من السجناء.

ويستذكر "عيسى" أحد المواقف (المضحكة المبكية) التي تدل على مدى الاستهتار بصحة السجناء وفي ذات الوقت على إجرام الطبيب ومن معه؛ ففي إحدى المرات اشتكى سجين من ألم في أحد أضراسه، وماكان من الطبيب إلا أن قام بقلع جميع أضراسه باستثناء ذلك الذي كان يؤلمه، وذلك بهدف دفعه إلى شراء وتركيب طقم أسنان جديد بتكاليف باهظة.

ولا يقتصر الأمر على هذا النحو فحسب؛ فلهذا الطبيب مهام إجرامية من تصفيات للسجناء وذلك بأوامر من العميد أو مسؤول التحقيق الملازم "محمد محمد".

وفي هذا الصدد ذكر "عيسى" حادثة كان شاهدا عليها في تصفية أحد السجناء ويدعى "عصام قدوره" من مدينة دوما، وذلك في الشهر السادس من عام 2013؛ فقد كان "قدوره" يعاني من مرض عضال في رأسه ويداوم على تناول وصفة طبية لمنع تدهور حالته الصحية، حيث أقدم طبيب الأسنان وبأوامر من مسؤول التحقيق على إيقاف هذه الوصفة، ما أدى إلى تدهور حالته الصحية، حيث قام الطبيب المسؤول في السجن بإعطائه جرعة عن طريق الحقن في الفخذ لايعرف ماهي، وبدل إسعافه إلى أحد المشافي تم وضعه في "منفردة" حيث تأزمت حالته، ليأتي هنا دور أحد جلادي السجن وهو الشرطي "مراد أبو دقة" الذي قام بضربه بشكل مبرح داخل المنفردة، وماهي إلا ساعات حتى أعلن نبأ وفاة "عصام قدورة".

وقبيل حضور الطبيب الشرعي لكتابة تقرير الوفاة، قام الملازم "محمد محمد" بتهديد السجناء من مغبة البوح بأسباب الوفاة، وعلى أن "قدورة" هو من أقدم على الانتحار عبر لطمه رأسه بحائط السجن.

ويضيف "عيسى" أن هناك قصة مشابهة حول تصفية السجين "ناصر شجاع" (من ريف السويداء) وذلك في الشهر العاشر من عام 2013، إلا أن تجنب الإطالة في السرد يحول دون ذكر كافة الحوادث بالتفصيل.

*تجنب الرقابة
حول سؤال عن كيفية تجنب إدارة السجن المدني لحملات الرقابة التي تشرف عليها المنظمات الحقوقية واللجان التفتيشية التابعة لوزارة الداخلية، على اعتبار أن هذا السجن مدني ومن السجون المعلنة، وذلك بخلاف تلك السرية في أقبية أفرع المخابرات، والتي شهدت حملات إبادة ولعل تسريبات "القيصر" الموثقة بالرقم والصورة لآلاف السجناء الذين قضوا تحت التعذيب ماثلة في الأذهان، يقول "عيسى" إن معظم هذه الجولات الرقابية هي شكلية، ويتم إخطار إدارة السجن بها بشكل مسبق وبناء عليه تتخذ الإجراءات من قبل مسؤولي السجن، مثل تحسين جودة الطعام وزيادة كمياته وكذلك مياه الشرب في يوم التفتيش، كما يتم العناية بالنظافة وجلب وانتقاء أشخاص في غالب الأحيان من خارج السجن للقيام بدور الممثل أمام هذه اللجان، بعد تلقينهم بشكل مسبق ما يجب عليهم التحدث به في حال وجه إليهم أي سؤال من قبل هذه اللجان، كما يتم تهديد بقية السجناء من مغبة الإدلاء بأي شهادة حق تتحدث عن مرارة واقعهم، وأما فيما يخص لجان التفتيش الرسمية وبالاخص التابعة لوزارة الداخلية فالأمر يكون أكثر سهولة، وذلك عبر توزيع الرشى والهدايا عليهم لإسكاتهم، والأمثلة في هذا الصدد كثيرة لا مجال لحصرها.

زمان الوصل
(120)    هل أعجبتك المقالة (123)

منذر ابو صطيف

2015-11-19

مع انو هذا الكلام اغلبه صحيح ومع ذالك ان هناك الكثير من المراوغا غير ذالك يوجد اسماء معتقلين لا صلة لهم بلمخدرات ولا الوشاية ولا يجوز اتهام اشخاص بلاسماء من غير تأكد وانا كنت معتقل واعرف هذه اغلب الاسماء المذكورة وما عانوه من سجون النظام من الافرع الامنية والسجون المركذية التي زاروها واولها سجن صيدنايا مرمرا بعدرا واخرها السويداء بجرم الارهاب مع العلم الاشخاص المذكورة اسمائها من بداية الثورة تم اعتقالهم ولم يكن يومها يوجد سلاح ومنهم الكثير من مات في المعتقلات والمتيقي القليل منهم في سجن صيدنايا والسويداء وعدرا.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي