نظم العثمانيون عام 1925، السجل المدني السوري، بعد أن قاموا بمسح عام لجميع أنحاء المدن السورية، وسجلوا تولدات وأجداد المواطنين، وعادوا في تسجيل تسلسل الأجداد إلى عام 1825، كما أوجدوا مايسمى بـ"الخانة" أو القيد المدني، وتضمنت السجلات المدنية رموزا وأرقاما تسهل العودة إلى شجرة العائلة.
وبناء عليه، يعد السجل المدني السوري إرثا وطنيا يشكل التلاعب به جريمة ترقى إلى مستوى الخيانة العظمى، بمختلف مضامينها ونتائجها الوخيمة، وهي الجريمة التي اقترفها حافظ الأسد بمساعدة نظام طهران، وفق ما كشف ل "زمان الوصل" مصدر رفيع في دائرة النفوس والأحوال المدنية.
* نقل الخانات
وفق المصدر الرفيع الذي رفض التصريح عن اسمه، فإن حافظ الأسد، بداية استلامه للسلطة، نقل خانات بعض العوائل من قرى الساحل باتجاه المدن الداخلية وبصورة خاصة إلى خانات دمشق وحلب بهدف إقحام موالين له في بنية المجتمع المدني، ليكونوا تجمعات تهب للدفاع عنه عند الحاجة.
ويوضح المصدر أن تجمعات شيعية بدأت تنخر في بنية النسيج المجتمعي الدمشقي خلال التسعينات، مع قيام النظام بنقل عوائل شيعية من إيران إلى خانات دمشقية، بالتزامن مع تشجيع التشييع من خلال الحسينيات التي انتشرت في دمشق ودرعا ودير الزور،ومارست نشاطها تحت غطاء النظام.
وكانت هذه الممارسات كفيلة بفتح الطريق أمام تغيير ديمغرافي، ساهم في تثبيته تأسيس تجمعات ومساكن عشوائية للأسر العلوية في جبال الضواحي الدمشيقة؛ "مثل مزة 86، عش الورور، دمر، قدسيا. الهامة.. وغيرها، واتخذت معظم هذه التجمعات من الأماكن المرتفعة ملاذا لها، مستفيدة من الطبيعة الجغرافية التي تجعلها صعبة الاقتحام وتمكنها من الإشراف على المناطق المحيطة.
ولاحقا، تبدت خطة النظام للعبث بخريطة السكان في أبشع صورها عندما بادر النظام لتدمير وتهجير قرى وبلدات وأحياء بكاملها، مع اندلاع شرارة الثورة واتساع نطاقها.
*أصابع إيران
يقول المصدر إنه في العام 1997 طرحت فكرة أتمتة السجلات المدنية، وفي العام 2000 كانت البنى الأساسية للسجلات المؤتمتة جاهزة وعمليات إدخال البيانات تجري في كل المدن السورية.
وفي العام 2005 صارت برامج السجل المدني مستقرة، فطرحت فكرة إيجاد هويات ذكية، وعندها تقدمت إيران إلى مناقصة الهويات الذكية، طارحة فكرة تبني المشروع كقرض طويل الأمد بقيمة 40 مليون دولار يمنح للطرف السوري مقابل أن تستلم إيران مشروع البصمات العشرية، وأن يعتمد إصدار الهويات على كوادر ومعدات إيرانية، وأن يسمح للسلطات الإيرانية بالولوج إلى قاعدة معلومات السجل المدني السوري.
ويوضح المصدر أنه في حال أتمت إيران مشروعها، فإنها ستكون قادرة على الحصول على المعلومات السورية "بيومترية"* وبالتالي التعرف على أي سوري وجمع المعلومات عنه بأي لحظة.
وكذلك ستكون إيران قادرة على إقحام عوائل إيرانية في الخانات السورية، وهو أمر لايمكن التنبؤ بتداعيته الكارثية.
*رامي مخلوف يتبنى المشروع الإيراني
تمكن المهندسون المعلوماتيون "الشرفاء"، حسب وصف المصدر، من تأخير مشروع تسليم السجل المدني السوري إلى إيران حتى عام 2011 من خلال وضع العقبات الشرطية بوجه الشركة الإيرانية، ولكن في العام 2012 استلم رامي مخلوف (المتمول المعروف وابن خال بشار الأسد) المشروع، ووضع يده بيد الإيرانيين، وصار يضغط باتجاه توقيع عقد المشروع والبدء به، وعندها لجأ المهندسون إلى تشكيل لجان متابعة وتحديد ميزات وشروط بغرض المماطلة، ولما وصلت المماطلة إلى خط النهاية وباتت ساعات قليلة تفصل إيران عن تحقيق حلمها باستلام السجل المدني السوري، تعرض مبلغ تأمين المشروع للسرقة، وكان "مخلوف" قد أودع المبلغ نقديا في وزارة الداخلية بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضت في تلك الفترة على المصارف السورية، ما أجل المشروع، ثم حال بعد ذلك تصاعد الأحداث السورية دون تحقيقه.
ويوضح المصدر أن ابن العماد ابراهيم الصافي كان يدعم تنفيذ المشروع بالتنسيق مع طبيب عظمية كنيته "موسوي" وهو شيعي من جنوب لبنان.
ويشير المصدر إلى أن بعض المهندسين المعلوماتيين "الشرفاء"، حسب وصفه، تمكنوا من تهريب السجل المدني السوري إلى مكان آمن، قبل انشقاقهم عن النظام.
*بيع المنطقة لإيران!
يضيف المصدر: تتابع إيران مشروعها الديموغرافي الذي بدأته في العراق، من خلال تهجير سكان المدن والبلدات السورية وتوطين إيرانيين عوضا عنهم، إضافة إلى شراء العقارات الدمشقية بأسعار مرتفعة جدا لإغراء الأهالي، ومن خلال التضييق على التجار لترك محلاتهم وعقاراتهم، كما أن التدمير الشامل لحلب له أهداف ديموغرافية، وفق المصدر.
وينوه المصدر إلى ما يعتبره تآمرا من المجتمع الدولي مع إيران وكأنهم باعوا المنطقة لها، لافتا إلى أن توطين السوريين في أوروبا يعني إفراغ سوريا من سكانها، ليتم توطين إيرانيين فيها، ما ينذر بأن التمدد الشيعي في المنطقة ربما يصبح أمرا واقعا، بعدما كان مخططات على الورق.
* "بيومتري": مصطلح يستخدم لوصف الخاصيات التي تستخدم للتعرف الآلي على الأشخاص، من خلال التعرف على خصائص سماتهم الحيوية؛ وهي بصمة الإصبع، وبصمة الوجه، وبصمة قزحية العين، وبصمة الصوت، والتوقيع، ونظام نمط الوريد.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية