عندما كان في الخامسة من عمره يلعب بالقرب من منزله في بلدة "خربة غزالة" بريف درعا ذات يوم دخل إلى مركز توتر عال "كهرباء"، فتعرض لحادث تم على إثره بتر أطرافه العلوية، ولكن هذا الحادث الأليم لم يُفقد الشاب "مثنى الزعبي" الأمل، ولم يمنعه من استخدام فمه وقدميه في رسم لوحات فنية تنطق بالإبداع، ليحقق فيما بعد نجاحاً قل نظيره -بين من هم في وضعه الصحي- في المجال الإغاثي والإبداعي.
ويستعيد مثنى جانباً من تأقلمه مع إصابته في مرحلة الطفولة في حديث مع "زمان الوصل" قائلاً: "عندما دخلت المدرسة كنت أكتب بداية بفمي وتميزت في المرحلة الابتدائية بالخط والرسم ودائما ما كنت أشارك بمسابقات الرواد وأمثل مدرستي في مجال الخط العربي".
وحول اكتسابه لمهارات الرسم بالفم يقول مثنى:"الرسم بالفم كان في البداية أما بعد ذلك، فأصبحت أمسك القلم بأطرافي وفمي معاً، وكان الأمر صعباً في البداية، كما هو بالنسبة للأكل والشرب وارتداء الملابس، ولكن كانت عندي الرغبة المشتعلة بالاعتماد على نفسي.
ويضيف الفنان الشاب:"أغلب لوحاتي عبارة عن تجليات، قد تبدو للبعض حزينة ولكنني من الداخل سعيد والحمد لله وأعتمد على الفكرة في الرسم، والكثير مما أرسمه ينسجم مع أفكاري وهواجسي الفنية وميلي للعطاء وإثبات الذات.
تنوعت اهتمامات مثنى الزعبي ما بين الفن والرياضة والهوايات الأخرى المتعددة، وحول ذلك يقول: "في المرحلة الإعدادية توجهت للرياضة "كرة قدم تايكواندو سباحة" وكتابة الشعر والخواطر والقصص القصيرة، وفي المرحلة الثانوية صرت أنحت بالجبصين وكان لدي اهتمام كبير بتربية طيور الزينة".
ويردف محدثنا: "في المرحلة الجامعية درست علم الاجتماع وبحكم أني درست من البداية مع طلاب أسوياء وسكنت بالمدينة الجامعية مع طلاب أسوياء، كان بداخلي رغبة للتعرف على الطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة لتقديم ما أستطيع القيام به -كما يقول- وخاصة الدعم النفسي والمعنوي، لأنني اكتشفت من خلال زياراتي لهم أن الكثير منهم يعيشون واقعاً مأساوياً، حتى أن بعض الطلاب منهم لم يكونوا يرغبون بالخروج من غيرهم إلا في ساعات متأخرة من الليل خوفاً من نظرة الناس وتعليقاتهم".

* اهتمامات جديدة في الأردن
مع بداية الحرب انتقل "مثنى الزعبي" إلى الأردن وهناك تنوعت اهتماماته أكثر رغم أن الحياة مختلفة تماماً عن سوريا –وطغى على هذه الاهتمامات الجانب الإنساني-كما يقول "كان أول نشاط لي في الأردن تنظيم زيارات للمصابين في محاولة لتقديم الدعم النفسي وكان هذا النشاط مبادرة فردية".
ويتابع الزعبي:"ساعدت مصابين في تركيب أطراف اصطناعية وفي العلاج الفيزيائي وأعمل حالياً على مشروع لتأهيل المصابين ذاتهم وتقديم المهارات والتقنيات لهم ليكونوا فاعلين في العمل الإنساني وشركاء حقيقيين ومنتجين في المجتمع".
في الأردن دخل "مثنى الزعبي" كلية خاصة لدراسة تصميم الجرافيك ليكمل ما بدأه في سوريا وشارك في نشاطات إنسانية كالفطور المشترك وأيام النظافة التطوعية والتكافل الطلابي بخصوص أقساط الكليات ليغرس في داخل الطلاب -كما يقول- حب التعاون والعطاء وتكريس فكرة إيجابية عن الطلاب السوريين.
ويضيف مثنى أنه انتسب لفريق شام للدعم النفسي والاجتماعي منذ أيام آملاً أن يستطيع إدخال البسمة إلى قلوب الشرائح التي سيتعامل معها، كما عمل مع "جيل البناء" لإبداع وتنمية المواهب، يقول:"أول نشاط لي مع جيل البناء هو حلقة بحث بعنوان الألغام وأثرها على المجتمع".
ويعمل من خلال عمله كرئيس لنادي الطلبة السوريين مع مركز "سوريات عبر الحدود" بخصوص التعليم، ويسعى-كما يقول- للعمل مع جهات ومنظمات لاستقطاب أكبر عدد ممكن من المنح الدراسية لطلابنا السوريين.
وهو الآن -كما يضيف- بصدد القيام بمشاريع تعليمية ترفيهية ودعم نفسي وتعليمية للأطفال ودعم نفسي وعلاج وظيفي وتعليم مهن وحرف ومهارات لمصابي الحرب تحت شعار"رح نزرع ورد".
وحول توظيف موهبته في الرسم في مبادرات ومشاريع تتوجه للاجئين السوريين يقول مثنى:"سأحاول بصفتي رئيساً لنادي الطلبة السوريين تنظيم معارض لي ولزملائي داخل كلية "توليدو" في مدينة إربد الأردنية، علماً أننا نفذنا فكرة الرسم الجداري على أسوار الكلية، كما كانت لي مع زميلة نشاطات رسم جداري في بعض المدارس، وهناك أفكار سأنفذها إن شاء الله مع فريق من الفنانين في مجال الفنون التطبيقية في مخيم الزعتري وأتمنى أن تجد هذه الأفكار طريقها للتنفيذ".
وختم "مثنى الزعبي" متمنياً أن يكون من الأيادي البيضاء التي تعمل خلف الكواليس في الجانب التعليمي لإعداد جيل لا مكان للجهل في حياته وهو –كما قال- "جيل المستقبل ودواء المريض واليد التي تمتد لكل عاجز وبعلمهم وأخلاقهم ومن خلالهم سنبني سوريا المستقبل ونقتلع الألغام لنزرع ورداً".
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية