تعددت آراء النقاد والناس العاديين حول هذا المسلسل التركي المدبلج الى اللغة العربية ( باللهجة السورية )...وتعدد الآراء هذا تراوح ما بين الأشادة الكبيرة بالمسلسل والممثلين وما بين الإدانة للمسلسل لأسباب كثيرة أوردها النقاد وتداولتها العامة ...ولكن ...ومع تعدد الآراء هذا ...لم نجد من يحاول ان ينقد هذا العمل الفني نقدا موضوعيا مبنيا على رؤية ملتزمة للفن ووظيفته الإجتماعية وأهميته في تشكيل الوعي عند الناس ...ومن هنا تأتي محاولتي المتواضعة هذه للحديث حول هذا المسلسل رغم ما قد يبدو ان الموضوع قد أشبع بحثا وشرحا وتحليلا ....وللأسف ...فقد كان من بين آراء البعض ممن اشادوا بالمسلسل واشبعوه إطراءا انهم قالوا فب ما قالوه عن ( حسنات ) هذا المسلسل انه واثناء عرضه كان يخفف من زحمة حركة السير في العواصم والمدن العربية ...وكأن هذه هي مشكلتنا الرئيسية التي نواجهها كشعوب عربية ...وقد تناسى هؤلاء ان للفن عموما وظيفة اجتماعية خطيرة ...ومن وجهة نظري ..فإن اي عمل فني قد يشغل الناس عن همومها الحياتية والمعاشية اليومية ...يكون كجرعة المخدر بكل ما تحمله من تدمير للفرد والمجتمع ..وقد نجح هذا المسلسل ومن قبله اعمال فنية اخرى مثل ( المسلسل المكسيكي الكساندرا والسوري باب الحارة ) في اجتذاب المواطن العربي وفي ( الهاءه ) و ( تخديره ) عما يكابده من هموم يومية تتعلق بظروف الحياة القاسية على كل الأصعدة ...السياسية والإقتصادية والإجتماعية ....الخ ...وقد نجح هذا المسلسل في استقطاب هذه الأعداد الهائلة من المشاهدين لعدة اسباب ...اهمها :
1 ) أنه اعتمد الدراما الساخنة والأحداث والمفاجآت العاصفة ...وهذا في حد ذاته يداعب خيال المشاهد العربي بما عرف عنا نحن العرب من فضول وحب استطلاع لمعرفة ما جرى وما سوف يجري وراء الأبواب المغلقة للآخرين ..خصوصا من سيتزوج من ومن سيطلق من ولماذا ومتى وكيف ...الخ
2 ) الإعجاب الشديد ببطل المسلسل ( مهند ) بحيث تحول هذا الإعجاب الى شعبية كاسحة له ...خصوصا عند المرأة العربية التي رأت في مهند صورة الرجل الذي يتدفق حنانا وحبا ورومانسية بكل ما يحمل من وسامة وجمال واناقة مفرطة ...مما جعل بناتنا يرين به صورة حية وناطقة لفتى الأحلام المنتظر ...وقد غاب عن اذهان بناتنا ان مثل شخصية مهند لا تكون الا في الأحلام مثله مثل باقي مكونات المسلسل ...من القصر الفخم المطل بشكل ساحرعلى مضيق البوسفوروالذي يحتوي على عشرات الغرف الأنيقة والأثاث المترف الى نوع الهدايا التي يقدمها ابطال المسلسل لنساءهم من مجوهرات ثمينة وغيرها ...
3 ) الإعجاب بنمط وطريقة حياة هذه الأسرة التي تسكن القصر من حيث انها اسرة شرقية ممتدة ...وفي نفس الوقت هي اسرة ثرية وصاحبة نفوذ ...وهذه الأسرة بهذه المواصفات انما تذكرنا بأسرة ( دالاس ) في المسلسل الشهير والذي كان له شعبية كاسحة ربما لنفس الأسباب ...
....وربما كان هناك الكثير من الأسباب الأخرى الأقل اهمية والتي جعلت المشاهد العربي يتعلق بهذا المسلسل ويحرص الا يفوته حلقة منه ....
...ان هذا العمل ( المسلسل ) لا يلامس واقعنا وأناسه لا يشبهوننا وهو في تفاصيل احداثه لا يلامس ايا من قضايانا التي تؤرقنا فعلا ولذلك قلت عنه انه اشبه ما يكون بجرعة المخدر نتناولها للهروب مما يواجهنا فعلا من هموم ومشاكل سياسية واقتصادية واجتماعية ...
واني ارى ان العمل في مجمله سطحي من الناحية الدرامية ولا يعكس العلاقات الحقيقية السائدة بين الأفراد في اي مجتمع ...اللهم الا في ذلك المجتمع الذي من صناعة خيال كاتب ومخرج المسلسل ...وربما كان الشيء الأيجابي فيه هو المناظر الطبيعية الخلابة واللهجة السورية التي نحب سماعها جميعا ...فقدرات الممثلين الأدائية اقل من عادية ولا توحي بأي انفعال داخلي والسيناريو مقطع الى احداث ينتقل من حدث الى آخر دون مبررات او مقدمات مقنعة ...
....لهذا يجب علينا الا نستغرب ما نتج عن مشاهدة هذا المسلسل من عواصف عصفت ببيوت كانت تعيش في امان الله ...وقد سمعنا عن الكثير من حالات الطلاق والخلافات المحتدمة بين الأزواج وزوجاتهم ...لأن المسلسل قدم نماذج ليس لها وجود على ارض الواقع ...الواقع المؤلم والزاخر بكل انواع العذابات اليومية من فقر وبطالة وحروب وتهجيروشتى انواع الجريمة ...هذا الواقع المرير هو الذي يحتاج الى معالجة ومناقشة رغم مرارته ...
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية