أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بين أشلاء "المذبحة الكبرى".. أبو نزار يروي شهادته من قلب السوق الشعبي في "دوما"

دوما - الأناضول

وسط زحام الموت في دوما والقتل بالجملة وعندما كانت رائحة الموت والبارود تزكم الأنوف.. قبل أن يحل هذا بدقائق يروي أبو نزار معايشته لـ"المذبحة الكبرى" التي وقعت في مدينته "دوما".

كانت الساعة الواحدة ظهرا حين كان يهم بالخروج من منزله وقد جهز عربته ذات العجلات الأربعة بعد أن ملأها بما تيسر من مواد غذائية (أرز- سكر- شاي- برغل..) معظمها مهرب من مخيم الوافدين.

يروي أبو نزار لحظات عاشها لم يعرف كيف انقضت "حزمت أمتعتي استعدادا لرحلتي اليومية قاصدا سوق الخضار في دوما فهو ميدان رزقي.. أبيع ما لدي من بضائع ثم أشتري ما يعرض علي ثم أبيع"..
ويتابع "توجهت نحو هدفي المنشود ولم أكن أتوقع ما حصل.. وبعد مسير 10 دقائق تحت حرارة الشمس الحارقة بدأت أسمع صوتا اعتدت على سماعه كل يوم.. إنه هدير طائرة حربية، بداية ظننت أن وجهتها جوبر أو حتى حرستا، لقد سمعت أن هناك مناوشات عسكرية بين الثوار والنظام. لكنها بدأت تقترب مني أكثر فأكثر حتى بت أراها رؤيا العين.. وبدأ الخوف يتملك جوارحي، ركنت عربتي وسط الطريق وركضت مسرعا مرعوبا أسابق أجزاء الثانية باتجاه أي زقاق يعصمني من شظية حاقدة قد تحولني إلى أشلاء".
ويضيف: "لحظات كلمح البصر.. حتى ارتجت الأرض من تحتي ومن فوقي بالانفجارات الهائلة.. تطايرت قطع الحديد والزجاج والأتربة من حولي.. بعدها تلمست رأسي وجسدي لأطمئن عليهما، فقد كانت الانفجارات قريبة جدا مني. ما إن استعدت توازني وتركيزي وهممت بالوقوف على قدمي، ركضت مسرعا إلى رأس الزقاق لأستطلع ما جرى فقد كنت موقنا أن كارثة ما قد حلت".

*الأحمر سيد الألوان
"فجأة سمعت عويل نساء ورجال امتزجت أصواتهم على بعد مئة متر من مكاني في سوق الخضار.. الغبار والدخان كان يملأ المكان ركضت نحو الصوت كالأرعن بسرعة البرق.. وهنا كانت الفاجعة". كما يصف أبو نزار بداية المجزرة.

صمت برهة من الوقت يستجمع أدق تفاصيل هذه اللحظات.. ثم أردف:

"بداية لم يكن المشهد واضحا بسبب كثافة الدخان، دخلت وسط هذه الغمامة فإذا بسوق الخضار يعوم على بحر من الدماء والأشلاء والجثث. الدم يملأ الأرض وحبات الطماطم والدراق والخضروات مبعثرة هنا وهناك تلونت بالأحمر.. هنا رأس مقطوعة وإلى مقربة منها يد ممزقة.. هناك جثة متفحمة.. لم يكن المشهد واضحا تماما.. الآن بدأت أرى كل شيء، الجثث تملأ المكان ورائحة اللحم المشوي تزكم الأنوف حتى الثمالة".

ويستطرد أبو نزار بالوصف: "أكوام لحم بشري عن ميمنتي وعن ميسرتي.. جثث قد افترشت الأرض، وتحت عربات الخضار المدمرة جثث أخرى.. الأطفال والنساء تصرخ والرجال يصرخون، وأنا كذلك، مآذن المساجد كانت تنادي وتستغيث، الجميع كان يصرخ ولا أحد يسمع الآخر، فقدت صوابي ولم أعد أميز.. لا أعرف ماذا أفعل، شعرت أن ما يحصل هو يوم البعث لهول ما رأيت.

كنت أركض يمنة ثم يسرة، ثم رجعت إلى الخلف لا أعرف أين أتجه.. الطيران الحربي لايزال في سماء المنطقة، خشيت أن يستهدفنا مرة أخرى، هل أهرب كالجبناء؟!"

وأضاف:"من بين ركام العربات المدمرة رأيت يد نحيلة تتحرك ببطء ..نظرت إلى صاحبها فإذ بعينين بريئتين ترمقني متوسلة المساعدة.. جذبتني إليها بشدة كالمغناطيس.. دنوت مسرعا من مركز هذه الجاذبية فإذا بطفل يسبح بدمه.. مزق بطنه وإلى جانبه أحشاؤه المتدلية.. كان هناك شظايا في عنقه ورأسه يفور منهما الدم بغزارة.

حدق بعيني وكأنه ينتظر مني كلمة أطمئنه عن حالته وأواسيه فيكذب بها نفسه .. إلا أن اتساع حدقات عيني وتشنج وجنتي حالت دون تمكني من أداء هذه الإيماءة. حاولت يده النحيلة التشبث بتلابيب قميصي متوسلا إنقاذ حياته، لم أكن أرى في الميدان سواه.. لم يكن قادرا على الكلام، وأنا كذلك فقد بح صوتي وجف حلقي من كثرة الصراخ. بدأت أبكي، لقد رأيت فيه ولدي نزار الذي تركته خلفي في البيت، وبدأ الأمل يتبدد بداخلي من جدوى إنقاذه، أيقنت أنه الآن يصارع سكرات الموت؛ حدقات عينيه أخذت تتوسع.. لقد سمعته وسط الضجيج يناديني بصوت خافت "بدي مي" وهو يشهق، ينازع ما تبقى من لحظاته الأخيرة، لم أكن مستعدا لقتله بيدي في حال سقيته الماء، رغم يقيني بدنو أجله لكني لن أسامح نفسي لو فعلت ما طلب مني.

لا أعرف ماذا أفعل ليس بيدي أي معدات طبية، كما أني لا أملك أدنى خبرة في هذا المجال".

*إسعاف على الدراجات
ويتابع:"سيارات الإسعاف لم تصل بعد، كان الإسعاف مقتصرا على بعض الدراجات النارية والسيارات المدنية التي كانت تنقل الجرحى وتضعهم في أكوام علها تسابق الزمن في إنقاذهم. حاولت حمل هذا الصبي لنقله إلى السيارة .. لم أكن قادرا على حمله بمفردي، فأحشاؤه المتدلية كانت تؤرقني، تلفت حولي.. الجميع كان مشغول فأعداد الجرحى كان أضعاف أعداد المسعفين. خطر ببالي خاطر.. عربات الخضار التي تشبه عربتي كانت متناثرة في كل مكان.. بسرعة أحضرت واحدة ووضعت عليها هذا الطفل مع أحشائه ولا أذكر كيف حملته، وركضت بها كالسرير النقال قاصدا أقرب سيارة لنقل الجرحى. لم أعد أرى هذا الطفل يتحرك وكأنه فارق الحياة، بل لم أركز في ذلك كثيرا.. المهم عندي كان نقله وإسعافه، وصلت إلى السيارة وكان فيها نحو 10 جرحى، صرخت طالبا المساعدة، وعلى الفور هرع رجلان لتلبيتي، ظنوا بداية أنه ولدي لشدة لهفتي عليه، حاولا مجاملتي ببضعة كلمات لا وقت لها، لكن أخبرتهم بأني لا أعرفه، حينها طلبوا مني التريث، فهناك جرحى أولى منه بالإسعاف، "هذا الطفل قد فارق الحياة.. الأولى لدينا نقل الجرحى وليس الموتى".

أخذ أبو نزار نفسا عميقا وهو يحدثنا، ثم صمت محدقا بالأفق ليحاول نظم مفرداته على إيقاع مشاعره، ثم استطرد قائلا:

"لقد كنت فاقدا لصوابي أركض كالمجنون وسط بحر من الدماء، لقد شعرت بروح هذا الطفل تصعد من بين يدي منذ وضعته على عربة الخضار، لكني كابرت وكذبت على نفسي.. تجنبت النظر إلى عينيه وأنا أجري به وآثرت المسير قدما.

لم أكن لأتمكن من إحصاء أعداد القتلى والجرحى.. كانوا كثر، شعرت أنهم بالآلاف بداية، وقبل انقضاء مساء هذا اليوم سمعت من أحد جيراني أن أعداد الضحايا فاق 120، إضافة إلى مئات الجرحى.. دفنوا فيما يشبه المقابر الجماعية بعد لفهم بالأكفان.

بحثت مطولا بين الأكفان عن هذا الطفل علي أقبل جبهته وأودعه، لكني لم أعثر عليه.. لقد طاردتني عيناه وسط زحام الموت، لكن روحه البريئة ستبقى تطارد مخيلتي ما عشت أبدا.

سفيان جباوي -دمشق -زمان الوصل
(99)    هل أعجبتك المقالة (96)

yamama

2015-08-20

علوش وراء المتراس ، يقظ منتبه حساس ، منذ سنين الفتح يلمع سيفه ، ويلمع شاربه أيضا، منتظرا محتضنا دبه ، بلع السارق ضفة ، قلب علوش القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداس ، بقيت بالغوطة يلدة لملم علوش ذخيرته والمتراس ، ومضى يصقل سيفه ، يستعرض جيشه عبر اللص إليه، وحل ببيته ، أصبح ضيفه قدم علوس له القهوة، ومضى يصقل سيفه ، صرخت زوجات الناس: " أخوانك قتلى، علوش ، أخوانك صرعى علوش اخوانك جرحى علوش شيخ الثورة من درعا ناداه علوش قم أنقذننا يا علوش" ، أم تنتظر سقوط الشام بمعجزة ياعلوش أم أنك مثل أولئك شروا الدنيا بالآخرة الزبداني ذهبت علوش يوم الشدة لم تشرق شمسه علوش يدخر قواه ليوم الشدة يومك بعد سقوط الطاغية بيوم علوش علوش ــ اليقظ الحشاس ــ منتبه لم يسمع شيئا ، شيخ الثورة يغتاب الناس صرخت زوجته : "عباس، الضيف سيسرق نعجتنا" ، قلب عباس القرطاس ، ضرب الأخماس بأسداس ، أرسل برقية تهديد ، فلمن تصقل سيفك يا علوش" ؟" لوقت الشدة إذا ، اصقل سيفك يا علوش قد قلت لكم علوش يهوى التمثيل وستلد الأيام الحبلى بعد قليل وسيكون الجرز ابن الفيل مع الاعتذار للشاعر المجيد أحمد مطر.


حسين

2015-08-20

سؤال للمعارضة السورية انتم تحاربون من؟ ولماذا .. الجيش السوري هو ابنائكم ودمشق عاصمتكم وحلب وحمص ودرعا وكل المدن والقرى السورية هي وطنكم، هل انتم فعلا تحاربون النظام ام تدمرون بلدكم وبالنهاية لمصلحة من؟ ... من المستفيد من دمار سوريا وبشطارتكم دمورتوها الا تسألون انفسكم ما الذي يجعل اسرائيل تحميكم في الجنوب وتداوي جرحاكم ولماذا تسلحكم وتمولكم قطر والسعودية غير لادخال وحوش داعش ليسيطروا على سوريا لخدمة مصالحهم وبالنهاية هو صراع خليجي ايراني وانتم الادوات. كم شهيد سقط؟ وكم مدينة وقرية دمرت؟ اثاركم نهبت ونساءكم اغتصبت وترملت واطفالكم من بقي منهم حي يشحذ في شوارع بيروت وعمان وتركيا وقطر التي تعطيكم سلاحا بالمليارات لتدمروا فيه وطنكم لا تقدم لاطفالكم رغيف خبز او تسمح لسوري واحد النزوح اليها انا لا ادافع عن النظام السوري ولست معجبا به ولكن لا افهم عزركم بتدمير سوريا لاسقاط النظام وتشبهون نيرون الذي احرق روما او شبه من يحرق مدينة ليولع سيجارة ولو قُدر لكم اسقاط الاسد ما البديل ؟ البغدادي الذي يسبي النساء او الجولاني الذي يأكل البشر احياء ام سيبقى اي اثر لسوريا انظروا لليبيا والعراق والصومال واليمن سوريا ستكون اتعس بكثير اصحوا..


التعليقات (2)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي