تابعت خريطة تفاعلية تبدل الواقع الميداني في سوريا، خلال السنوات التي مضت من عمر الثورة، مرمزة لكل فريق من أطراف الصراع بلون معين، حيث أعطت الأحمر لقوات النظام وحلفائه، والأخضر للفصائل الثورية، والأسود لتنظيم "الدولة"، والبني الفاتح للفصائل الكردية ممثلة بوحدات حماية الشعب.
وحسب الخريطة، ومنذ شهر نيسان/ إبريل 2011، بدأ الأخضر (الفصائل الثورية) ينمو ويفشو كبقعة زيت، انطلاقا من ريفي دمشق وحمص، وصولا إلى أرياف درعا وإدلب ودير الزور.
وبحلول تموز/ يوليو 2012، أخذت مساحة الأخضر تكبر بشكل لافت، مع دخول الثوار إلى حلب وريفها، وسيطرتهم لاحقا على معظم دير الزور؛ لتصل مساحة الأخضر أقصى اتساعها في آذار/مارس 2013 مع تحرير كامل محافظة الرقة باستثناء بعض الجيوب، حيث بدا النظام حينها على وشك السقوط أمام تمدد الفصائل الثورية.
ولكن هذا التمدد لم يدم إلا قرابة شهر، إذ دخل تنظيم "الدولة" إلى سوريا في نيسان/إبريل 2013، تحت مسمى دولة العراق والشام، ومن يومها تبدلت معالم خريطة السيطرة، وأخذ الأسود (التنظيم) بالتهام الأخضر (الفصائل الثورية).
وبالتزامن مع دخول التنظيم إلى سوريا، أعلن نظام بشار الأسد صراحة عن دخول مليشيا "حزب الله" إلى سوريا لمساندته في محاربة من سماهم "التكفيريين"، وبدأت أولى علامات التدخل الواضح مع معركة القصير أواسط مايو/أيار 2013، ومن يومها أصبح الثوار بين فكي التنظيم والنظام وحلفائه، أي أصبح الأخضر بين فكي الأسود والأحمر، حسب تعبير الخريطة.
بدأ الأخضر يتقلص وينكمش أمام الأسود بشكل خاص، مع سيطرة التنظيم على مساحات واسعة من ريف حلب، أتبعها بفرض السيطرة التامة على محافظة الرقة، ومناطق مترامية من ريف دير الزور.
ومع تقدم الأسود، كان الأحمر يواصل محاولة قضم المزيد من حصة الأخضر، فاستولى على أحياء حمص، وجزء كبير من ريف حمص المحرر، وقسما مهما من القلمون بريف دمشق.
وبعد أن كان الأخضر سيد الموقف في كثير من المناطق، باتت نقاطه أشبه بجزر معزولة، تضمحل شيئا فشيئا أمام تقدم الأسود والأحمر، وحتى "البني" الذي يمثل الفصائل الكردية مُحتَكَرة في "وحدات حماية الشعب"، والنتيحة أن الجميع من نظام وتنظيم وبدرجة أقل وحدات الحماية، كانوا ينهشون جسد الأخضر، ويقتطعون من كعكته، حسب ما توضح الخريطة، التي تبدلت ألوانها كثيرا وكثيرا جدا، بين آذار/مارس 2011، وآب/أغسطس 2015.
أخيرا:
رغم الجهد المبذول في إعداد هذه الخريطة التفاعلية فقد شابها خطأ فادح، تمثل في تلوين منطقة الجولان باللون الفيروزي مطلع عام 2013، وكأن "إسرائيل" لم تكن تحتل الجولان قبل هذا التاريخ!
ولأنها حاولت تلخيص 4 سنوات ونصف في 9 دقائق تقريبا، فقد كان من البديهي أن تختصر الخريطة كثيرا من التفاصيل، مستعيضة عن ذلك بتقديم صورة عامة لتطور الأوضاع في "الحربين الأهليتين" في العراق وسوريا، حسب تعبيرها، وهذا أيضا جانب آخر من جوانب القصور، لأن الوضع السوري يختلف نوعا ما عن الوضع العراقي، فلكل بلد حيثايته السياسية والجغرافية والبشرية، التي تجعل كل منهما حالة قائمة بحد ذاتها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية