منذ قيام السلطات التركية بإغلاق المعابر البرية أمام السوريين الراغبين بالدخول إلى أراضيها قبل أكثر من أربعة شهور وحتى الآن، تعرض مئات السوريين لاعتداءات وانتهاكات كبيرة على يد عناصر قوات حرس الحدود التركية "جندرما".
وسجلت العديد من حالات القتل لأطفال ونساء برصاص حرس الحدود الأتراك.
وازدادت تلك الحالات مؤخراً بشكل كبير خاصة بعد إعلان الأتراك حدودهم مع سوريا كمناطق عسكرية، الأمر الذي جعل عملية الدخول بطرق غير شرعية إلى الأراضي التركية شبه مستحيلة، بعد أن كانت تتم بسلاسة وسهولة كبيرة مسبوقة بدفع مبالغ مالية كرشى للمهربين الأتراك والسوريين على جانبي الحدود.
* لا استثناءات للصحفيين
ويضطر عدد كبير من الناشطين الفاعلين في الثورة السورية في مجالات عديدة كالطبي والإغاثي والخدمي والإعلامي، ممن تقيم أُسرهم في تركيا للتنقل بين البلدين بين الفترة والأخرى، إلا أن عملية إغلاق المعابر صعبت ذلك، ما دفع الأتراك لمنح استثناءات محدودة للأطباء وموظفي المنظمات الإغاثية المُسجلة في تركيا وأعضاء المجالس المحلية، الأمر الذي لم يمنح للصحفيين والعاملين في المجال الإعلامي.
وروى الزميل عثمان العامل بإعداد التقارير المصورة لعدة قنوات ووكالات عربية وأجنبية منها وكالة "الأناضول" التركية، تفاصيل ما جرى معه خلال فترة اعتقاله في أحد المخافر الحدودية المقابلة لقرية "خربة الجوز" بريف مدينة جسر الشغور، مؤكداً أن عملية الضرب الذي تلقاه على يد عناصر الدورية التي اعتقلته تشبه تماماً مقاطع التعذيب التي يتم تسريبها من داخل الأفرع الأمنية التابعة لنظام الأسد للمعتقلين.
وبرر الزميل عثمان، الذي ظهرت على جسده علامات التعذيب واضحة، سبب لجوئه للدخول بطريقة غير شرعية إلى تركيا قائلاً: "ودعت زوجتي وطفليّ قبل أكثر من شهر، متجهاً نحو مدينة حلب لأتابع عملي، بعد أن أبلغتهم أن فترة غيابي ستطول هذه المرة بسبب إغلاق المعابر، مؤكداً لهم أنني لن أعود إلا في حال تم فتح المعبر وأتمكن من الدخول بطريقة نظامية".
وتابع عثمان:"بعد ذلك اقتادونا إلى أحد المخافر القريبة وهناك أبلغناهم أننا صحفيون وأخبرتهم بأني أعمل لدى وكالة الأناضول التركية وعرضت عليهم بطاقتي الصحفية التي سلمتني إياها الوكالة، إلا أن الأمر ازداد سوءا بعد أن علموا ذلك، وقاموا بعزلنا عن بقية الأشخاص الذين اعتقلوا معنا ونقلونا إلى إحدى القطع العسكرية التابعة لهم".
* معاملة سيئة من عناصر يجيدون العربية
بدوره روى الصحفي أكثم علواني، الذي يعمل لدى صحيفتي "الحياة" اللندنية و"واشطن بوست" الأمريكية، لـ"زمان الوصل" تفاصيل ما حدث معهم وقال: "وصلنا إلى بلدة خربة الجوز التي تنشط فيها عملية التهريب عادة بالتنسيق بين مهربين سوريين تركمان وعناصر (جندرما) لقاء مبالغ مادية تصل لخمسة آلاف ليرة سورية للشخص الواحد، سمعنا أصوات أشخاص يعذبون ويضربون من قبل (جندرما)، وحين سألنا المهرب الذي اتفق معنا على تهريبنا أكد لنا أن من يتلقى الضرب هم مهربو الماشية، لافتاً إلى أن عناصر (جندرما) مشغولون بهم وهذا يمنحنا فرصة الدخول إلى تركيا بشكل أسرع".
وأردف:"دخلنا بخندق محفور بالأرض يبلغ عمقه حوالي مترين ونصف المتر، وحين حاولنا الخروج منه وجدنا أسلحة عناصر (جندرما)، موجهة نحو رؤوسنا، وقاموا باعتقالنا وضربنا بالعصي والهروات والبواريد والعصي الكهربائية على كافة أنحاء أجسادنا لمدة تزيد عن نصف ساعة بشكل متواصل".
وواصل الزميل علواني: "معظم العناصر الذين اعتدوا علينا بالضرب كانوا يتكلمون اللغة العربية، حتى أن أحدهم سألنا عن رأينا بالعلويين وببشار الأسد، وحين قلنا له إن حربنا ليست ضد العلويين وإنما ضد بشار الأسد ونظامه الذي قتل مئات الآلاف من السوريين ونسائهم وأطفالهم، هز برأسه ممتعضاً ومضى".
وأكد الزميل أكثم علواني أن معاملة الضباط الذين عرضوا عليهم كانت جيدة، لافتاً إلى أن الضرب والتعذيب تم بواسطة بعض العناصر، خاصة الذين يتكلمون العربية.
ولم يستبعد أن يكون ذلك على خلفية طائفية أو بناء على مواقفهم السياسية.
وأضاف:"طول فترة اعتقالنا التي استمرت لمدة 20 ساعة متواصلة لم يقدموا لنا طعاما ولا شرابا، كما أن المكان الذي تم احتجازنا داخله لا تزيد مساحته عن خمسة أمتار مربعة، كان فيها أكثر من 60 شخصا، كما يوجد أعداد كبيرة من الأطفال والنساء الذين تفرقوا عن بقية أفراد أسرهم بعد أن تمكن من معهم من الهروب سواء نحو تركيا أو إلى سوريا".
وتابع علواني: "بعد ذلك أطلقوا سراحنا وأوصلونا إلى الأراضي السورية في وقت متأخر من الليل، بعد أن سرق أحد العناصر هاتفي الجوال اواضطررنا لقضاء ليلة أخرى في العراء منتظرين أن تبدأ سيارات النقل بالحركة فجر اليوم الأربعاء للعودة إلى حلب".
وطالب الزميلان أكثم ومحمود عبر "زمان الوصل" كافة المنظمات الصحفية والحقوقية المعنية بحماية الصحفيين وتسهيل عملهم بالتدخل لوضح حد للصعوبات التي يواجهها الصحفيون خلال عملية تنقلهم بين الأراضي السورية والتركية، مؤكداً أنه قد يضطر ومثله العشرات من الزملاء لترك العمل في سوريا نتيجة الصعوبات التي فرضتها الظروف الحالية بسبب إغلاق المعابر.
وأكدا أن الوضع الإنساني الذي يعانيه السوريون العالقون على طرفي الحدود مع تركيا سيئة للغاية، لافتاً إلى أن معظمهم يقعون ضحية جشع المهربين ولؤم العناصر الطائفيين في حرس الحدود التركية، معتبراً أن استمرار إغلاق المعابر أضاف سطراً جديداً في قصة التغريبة السورية.
أحمد بريمو - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية