أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قراءة في دفتر الانتصار ... بلال حسن التل

لن نمل القراءة في دفتر انتصارات المقاومة الإسلامية في لبنان، ذلك أن هذه الانتصارات كشفت سلسلة من الحقائق التي يجب تأكيدها والبناء عليها. وأول ذلك أن أمتنا قادرة على الانتصار إذا ما أخذت بالأسباب وتوفرت لها الأدوات.

فها هي عصبة مؤمنة قليلة العدد من أبنائها تجدع أنف عدوها بل وتكسر ظهره وتمرغ وجهه بالتراب وتجبره مرتين على الانسحاب مذعوراً من أرضها التي احتلها في لحظة ضعف، واختلال في تاريخها لتتمكن عصبة مؤمنة من أبنائها وفي أقل من عقد زمني واحد من إلحاق الهزيمة بهذا العدو مرتين متتاليتين متقاربتين. فما بين انتصار المقاومة الإسلامية في لبنان عام 2000 وإجبارها للعدو على الفرار من جنوب لبنان مهزوماً وانتصارها في عام 2006 ومنعه من تحقيق أهداف العدوان لا يصل إلى عقد زمني واحد.
لقد حققت أمتنا على أيدي الفئة المؤمنة من أبنائها انتصارين مدوّيين ثبت من خلالهما أن عدونا قابل للهزيمة. وأنه بعكس كل ما قيل عنه ونسج من أساطير حوله وحول جيشه الذي لا يقهر. فقد أثبتت المقاومة أن هذا العدو أوهن من بيت العنكبوت وأن كل ما كان يقال حول جيشه ليس أكثر من وهم، حاولت ثقافة الهزيمة أن تجعله حقيقة مسلماً بها في عقول وأذهان أبناء أمتنا التي جهد العدو لصياغتها وفق مقاييس ثقافة الهزيمة، التي قامت لها في بلادنا إذاعات وفضائيات وصحف ومجلات ومراكز دراسات وجمعيات وجماعات. وبذلت في سبيلها أموالاً طائلة بهدف ترسيخ هذه الثقافة ومفاهيمها. ليظل أبناء أمتنا أسرى وهم أن عدوهم لا يقهر، حتى إذا ما انتهى الأمر إلى الفئة المؤمنة من أبنائها الذين تربوا على مفاهيم الإسلام الذي يأبى لأتباعه الذل والهوان، تبدد الوهم وانهارت ثقافة الهزيمة لتحل محلها ثقافة المقاومة التي صار من واجبنا أن نمأسسها لتصبح مشروعاً متكاملاً، لإعادة صياغة واقع الأمة كلها، وفق مفاهيم ثقافة المقاومة، التي تجعل المقاومة مشروع الأمة كلها لبناء مستقبلها، وتحقيق مشروعها الحضاري. وهذا يستدعي أن يكون لثقافة المقاومة صحفها ومجلاتها وإذاعاتها وفضائياتها ومراكزها وجمعياتها وجماعاتها، فالمعركة على جبهة الثقافة أشد شراسة منها على الجبهة العسكرية. وعندي أن الطرف الذي سيكسب معركة الثقافة هو الذي سيحسم الحرب لصالحه ويحقق الانتصار النهائي فيها. لذلك علينا أن نخوض المعركة الثقافية بجهوزية كاملة وبحذر شديد. ذلك أن العدو في ميدان المعركة العسكرية واضح ومحدد ومكشوف، أما في ميدان المعركة الثقافية فهو غير ذلك كله في كثير من الأحيان فقد يكون هذا العدو أحد الذين يشاركوننا في الوطن ويتكلمون بلغتنا لكنهم يرون ويفكرون بعين وعقل العدو ويسعون لتحقيق أهدافه التي عجز عن تحقيقها في ميدان المعركة العسكرية، وإلا بماذا نسمي إصرار نفر من المحسوبين على أمتنا ويتحدثون بلغتها ويشاركون أبناءها في أرضهم على جعلها ضعيفة غير قادرة على الدفاع عن نفسها، وعن حقوقها عندما يصر هذا النفر على تجريد المقاومة من سلاحها ويصنف معاركها في سبيل الأمة في خانة المغامرات؟
وبماذا نفسر إصرار نفر من المحسوبين على الأمة، ويتحدثون بلغتها ويزعمون أنهم يدينون بدينها على تغريق صفها وإغراقها في معارك جانبية تلهيها عن عدوها الرئيس - أعني إسرائيل وأمريكا ومن لف لفهم - وإلا بماذا نفسر هذه المحاولات المحمومة لإشعال الفتن المذهبية هنا وهناك. وخاصة في المناطق التي تحقق فيها مقاومة الأمة انتصارات متتالية. كما هو الحال في لبنان والعراق؟ ولماذا هذا الإصرار على تخريب ديننا وتمزيق صفنا من قبل دعاة الفتن المذهبية إن لم يكن خدمة لإسرائيل وأمريكا وأعداء الأمة الذين يخوض بعض الوكلاء معركة الثقافة نيابة عنهم فيصرون على إغراق الأمة في الفتنة المذهبية؟!
إن الحقائق التي كشفتها انتصارات المقاومة الإسلامية في لبنان كثيرة، وإن فاتنا الحديث عن بعضها، فإنه يجب أن لا يفوتنا الحديث عن حقيقة كبرى يجب التركيز عليها وهي أن انتصار المقاومة في حرب تموز 2006 أكد أن قرارات أمريكا وخططها ليست قدراً لا يرد بل إن أمتنا قادرة على أن تكسر القرار الأمريكي وأن تنفذ أمتنا قرارها هي بسواعد الفئة المؤمنة من أبنائها. ولعل ما أسفرت عنه حرب تموز من نتائج خير دليل على هذه الحقيقة. فلقد شن العدو الإسرائيلي مدعوماً من أمريكا وبتواطؤ من قبل بعض قيادات النظام الرسمي العربي حرب تموز بهدف استيلاد شرق أوسط جديد اعتبرت وزيرة الخارجية الأمريكية حرب تموز مخاضاً عسيراً لهذا الاستيلاد للشرق الأوسط الجديد وفق المقاييس الأمريكية. تكون فيها بلادنا مجرد سوق استهلاكية للبضائع الغربية. ومجرد مكب نفايات للسموم الغربية لا حول لها ولا قوة. بعد أن تكون حرب تموز قد أجهضت مقاومتها ممثلة بحزب الله، فإذا المقاومة تخرج من الحرب رقماً صعباً لا يمكن تجاوزه في رسم أي خارطة جديدة للمنطقة وهذه أكبر حقيقة يجب أن نتعامل معها وننميها ليصبح قرار أمتنا هو القرار الوحيد النافذ فوق أرضها. ولن يتحقق ذلك إلا عندما تصبح المقاومة مشروعها كأمة، لأن المقاومة وحدها القادرة على إصلاح الخلل في ميزان القوة العسكرية بين أمتنا وعدوها فقد تعلمنا من التاريخ أن المقاومة الشعبية كانت هي دائماً طريقنا الوحيد للانتصار ودحر العدو

(90)    هل أعجبتك المقالة (95)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي