أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في مخيم اليرموك.. الكهرباء والماء البارد ترف زائد

اليرموك .. ليتر الماء بليرتين - زمان الوصل

يترقب "أبو أحمد" وأطفاله بفارغ الصبر حلول موعد الثامنة مساء، فهم على موعد مع التيار الكهربائي، وما أن يحين الوقت وتنبض أسلاك بيته بالكهرباء حتى يسارع إلى وضع مالديه من أجهزة قابلة لإعادة الشحن على الوصلات الكهربائية، ليقوم بعدها بتشغيل التلفاز والمروحة، فالمجال أمامه ضيق لا يحتمل الانتظار.

فالكهرباء بالنسبة له ولغيره قمة الرفاهية، كيف لا وهو يعيش في مخيم اليرموك الذي أصبح فيه تأمين قوت يومك إنجازا بحد ذاته.

4 ساعات يوميا من التلذذ بنعمة الكهرباء وبتكلفة اشتراك يومي تقدر بـ300 ليرة للأمبير الواحد أي ما يكفي لتشغيل تلفاز صغير ومروحة وإنارة غرفة الجلوس، أضحت حلما لمعظم قاطني مخيم اليرموك لا يفوز بها إلا كل مقتدر، في منطقة تجاوزت فيها نسبة البطالة عن العمل حاجز 90%.

*300 ليرة فاتورة يومية
يحل مساء مخيم اليرموك لا يقطع صمته المطبق وطقسه الحار سوى ضجيج محركات المولدات الكهربائية المنتشرة في هذا الحي أو ذاك الزقاق، فالحركة والتجوال شبه متوقفة عند حلول الظلام.

يقول "أيمن" وهو صاحب مولدة تعمل بالديزل إن لديه نحو 25 مشتركا في حي "الجاعونة" وسط مخيم اليرموك، ويدفع له كل مشترك يوميا ماقيمته 300 ليرة لقاء الحصول على خط كهرباء بطاقة 1 أمبير.

ويضيف: "هناك مشتركون اضطررت لفصل الكهرباء عنهم لعدم إيفائهم المستحقات المالية وذلك يعود في غالب الأحيان لنقص السيولة لديهم".

كما أن "أيمن" –حسب قوله- هو الآخر يتحمل تكاليف باهظة جراء أعمال الصيانة الدورية لمولدته، لاسيما في ظل نقص شديد في قطع التبديل ناهيك عن نفقات الوقود المستخدم، إلا أن ظهور المحروقات المشتقة من المواد البلاستيكية وبأسعار مقبولة ساهم في تخفيف النفقات، إلا أنها هي الأخرى آخذة بالانحسار نتيجة تقلص المواد الخام المستخدمة في صناعتها (البلاستيك) "الشئ الذي لاينبع.. ينتهي".

*تكيف مع المعاناة
وفي الطرف الآخر فقد تكيف "أبو مروان" مع معاناته التي يعيشها منذ سنتين "ليس لدي أي دخل ثابت، فأنا وعائلتي نعيش على ما تقدمه المنظمات الإغاثية والخيرية من مساعدات، ولا قدرة لدي على الترف الزائد باشتراكي بخط كهربائي"، ويضيف مستهزئا "لقد عمدت إلى تناسي أن هناك اختراعا اسمه الكهرباء وقد نجحت في ذلك".

ويرى "أبو مروان" أن 300 ليرة يوميا بطون أولاده أحق بها، كما بات يتخوف من التبعات المرتقبة نتيجة قرار منظمة "أونروا" بوقف مساعداتها لأبناء مخيم اليرموك، هذا القرار من وجهة نظره سيفاقم حالته المعيشية، فهو ومعظم أهالي المخيم كانوا يعتمدون بشكل أساسي على ما تقدمه المنظمة الدولية من خلال استخدام جزء من هذه المعونات وبيع الجزء الآخر في السوق لسد مصاريف بيته.

إلا أن حلول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة زاد في وطأة معاناة المحاصرين داخل اليرموك، والذي رتب على قاطنيه عبئا ماليا إضافيا، تجلى في أبرز صوره في ظاهرة مكعبات الثلج التي باتت تغزو الأسواق، حيث يبلغ سعر الكيس الواحد ( 1كغ) نحو 250 ليرة، الأمر الذي خلق مصروفا لم يكن في الحسبان.

كما أن صناعة وتجارة مكعبات الثلج لاقت رواجا بالنسبة للراغبين بالحصول على ماء بارد يطفئ شيئا من لهيب حرارة الطقس.

يتكلف "أبو أحمد" شهريا نحو 15 ألف ليرة لقاء مشاهدته للتلفاز وإنارة منزله 4 ساعات يوميا إضافة إلى حصوله على الماء البارد عبر شراء مكعبات الثلج، فقد يحق لـ"أبو أحمد" ما لا يحق لغيره، فهو من أصحاب الدخل نظرا لامتلاكه بسطة مواد غذائية في سوق "العروبة" في مخيم اليرموك.

ويعلق ساخرا "إني أعيش حياة قل نظيرها مقارنة بمن حولي، لقد بتنا نرى في أدنى مقومات العيش رفاهية مطلقة، فالتحدي الأكبر بالنسبة للمحاصرين هنا هو تأمين مأكلهم ومشربهم.. وكل شيء يزيد عن هذا فهو من الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها".

سفيان جباوي -دمشق -زمان الوصل
(111)    هل أعجبتك المقالة (106)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي