أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مؤلف "حمص-الحصار العظيم": توثيق يومي لحياة عاشها آلاف المحاصرين

غلاف كتاب حمص- الحصار العظيم، الصادر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات

يوثق كتاب "حمص: الحصار العظيم" الذي صدر مؤخراً عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، للكاتب "وليد فارس" الأحداث التي مرت بالحصار خلال 700 يوم، ويسلط الضوء على تاريخ وأحداث أكثر من 50 فصيلاً ومؤسسة مدنية دارساً ما يسميه المؤلف "العنصر البشري" والتغيرات الديموغرافية. 

وحول دوافع تأليفه لهذا الكتاب قال وليد فارس لـ"زمان الوصل" إن الحصار قيد حرية الدخول والخروج للناس، وانعزلت تلك البقعة الجغرافية -المؤلفة من 14 حياً- عن العالم، ما عزز أهمية إيجاد مرجع مكتوب لتلك الأحداث خاصة بعد حملات تشويه قام بها النظام.

وأوضح فارس إلى أن "نظام الأسد حاول أن يوهم العالم بأنه يُقاتل أجانب إرهابيين، أتوا ليخربوا البلاد ويقتلوا الناس" وأتبع ذلك–كما يقول- بـ"حرب نفسية إعلامية، شوّه فيها صورة الثوار في المنطقة المحاصرة، وسفّه قياداتهم، وحط من شأن أعمالهم، ودس عنهم الكثير من الأقاويل، التي تناقلها أشخاصٌ محسوبون على الثورة السورية لدرجة الشيوع".

وما يزيد من أهمية إيجاد المرجع المكتوب -كما يوضح مؤلف الكتاب- حذف مواقع التواصل الاجتماعي لأغلب الصفحات التي وثقت الأحداث اليومية، والتبليغ عن كثير من الفيديوهات التي أثّرت في الناس.

وتابع د. وليد فارس: "بعد بدء الحصار، صارت حمص بقعةً جغرافيةً منعزلةً، وكأنها جزيرةٌ مجهولةٌ في محيطٍ واسعٍ، ما جعل من الضروري توثيق الأحداث يوماً بيوم وحدثاً بحدث.

ولذلك تأتي صفحات كتاب "حمص: الحصار العظيم" كملخص عن تلك الكتابات اليومية للأحداث، وكتوثيق لحياة عاشها آلاف الأرواح في المنطقة المحاصرة. والكتاب –كما يقول محدثنا - هو "بحثٌ توثيقي ناتجٌ عن مئات الصفحات التي دونتها أثناء فترة الحصار، صفحات من اجتماعاتٍ ورسائلٍ ومذكراتٍ ومقابلاتٍ، كلها تُختزل في مكان واحد يحكي قصة الحصار والمحاصرين".

ويروي فارس إنه عاش تفاصيل الحصار وكان قريباً من الجميع، مدنيين وعسكريين، وناشطين، ومع هذه الميزة، -كما يقول- حمل عبء نقل هذه المشاهدات والأحداث التي عاشتها المنطقة المحاصرة إلى العالم، ليفرغها اليوم في كتاب مختصر موضوعي، يبتعد عن الاتهام والظن والشك".

ورغم أن الكتاب يتحدث بالدرجة الأولى عن حصار حمص وأحداثه تحديداً، إلا أن هناك مسار آخر سبق أحداث الحصار وقدم لها.

ويوضح مؤلف الكتاب أن "هذا المسار يبدأ عند محافظة حمص ذاتها، جغرافيا وتاريخيا وديمغرافيا، ويدخل في طريق الثورة وبداياتها في حمص".

ويمر هذا المسار –حسب فارس- "عبر الحديث عن المؤسسات والشخصيات والمناطق، وهكذا، حتى الوصول إلى بداية الحصار والكيفية التي بدأ بها". 

وأشار مؤلف الكتاب إلى أنه حاول التركيز على المعلومة –كما هي، مبتعداً -كما يقول- عن التحليل والتأويل قدر الإمكان، تاركاً الحكم للقارئ الفطن. 

وأوضح فارس أن جهده هذا محاولة للوصول إلى جملة من الأهداف ومنها توثيق أبرز الأحداث التي حصلت في المنطقة المحاصرة، كأسلوب العيش، والمعارك، والتعاملات. والتعريف بقصة الحصار، وكيف وصل الثوار إلى تلك الحالة، والظروف التي مرت عليهم، وكيف تعايشوا معها، والجهد المبذول للتغلب عليه. 

وأخيراً وليس آخراً كما يقول "ترتيب المشاهد التي مرت على الثوار في المنطقة المحاصرة، ومراحلها، وبالتالي وضع إطار عام لفهم الحالة التي وصل إليها الثوار في نهاية المطاف، والظروف التي أدت إلى مغادرتهم المدينة". 

ويتألف كتاب "حمص: الحصار العظيم" من ثمانية فصول بدأها المؤلف بدراسة تركيب حمص: تركيبة السكان الدينية والعرقية، وتوزعهم في المدينة والريف.

وتحدث عن بداية الثورة في حمص وكيف تعسكرت والإضاءة على الكتائب الأولى التي تأسست في عاصمة الثورة.

ويعرّج مؤلف الكتاب على مجازر حمص والاستقطاب الطائفي وأسبابه، ملمحاً إلى بعض المجازر التي أشعلت حمص خصوصاً وسوريا عموماً، كمجازر الحولة وكرم الزيتون والعدوية، وأحداث ساحة الحرية التي كانت حدثاً مفصلياً، في إشارة إلى اعتصام ساعة حمص الجديدة، في 18/4،20111 الذي انتهى بمجزرة لا أحد يعرف العدد الحقيقي لضحاياها حتى الآن.

وينوه المؤلف إلى بعض المناطق التي كانت أساس العمل المسلح، وتوجهها الإيديولوجي، مشيراً إلى "العلاقة بين الريف والمدينة وصعوبة التنسيق بينهما".

ثم يدرس بعد ذلك مؤسسات حمص الثورية، التي كانت عناصر أساسية في العمل الثوري، قبل وأثناء الحصار، ليضع القارئ في المشهد العام في مرحلة ما قبل الحصار وأثناءه، بهدف تمكينه من التحليل والاستنتاج.

وتتوالى فصول الكتاب لتتناول قصة حصار حمص كيف بدأ وكيف استمر وعمليات الإمداد في ظل هذا الحصار، وما يسميه المؤلف "مؤسسات الحصار"، والكتائب العسكرية البارزة وتكوينها واختلاف مناهجها ومرجعياتها، ومحاولات توحيد الجهود التي جرت في الحصار، ومآلاها، ومعارك حمص المحاصرة داخل المدينة وخارجها.

ويطلعنا الفصل الخامس من الكتاب على الحرب التي دارت بدون قتال بين الثوار والنظام، وهي حرب الاستخبارات، والمعلومات، التي حاول النظام من خلالها أن يزرع المخبرين ويشتت الشمل ويفرق الصف. 

ثم ينتقل للحديث عن علاقة المنطقة المحاصرة بالخارج، داعمين، ومؤسسات سياسية وعسكرية وإعلامية وبعثات ولجان دولية, وكيف تعاملت المنطقة المحاصرة معها، ويختم الكتاب بالحديث عن المفاوضات التي أفضت إلى خروج الثوار من المنطقة المحاصرة، معلنين نهاية الحصار بعد ما يقارب السبعمائة يوم.

و"وليد فارس" باحث جيو سياسي له الكثير من الدراسات المتعلقة بالرؤية المستقبلية لمدينة حمص من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

زمان الوصل
(117)    هل أعجبتك المقالة (134)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي