أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

قائمة الوفيات.. مصطفى تاج الدين الموسى

دخلتُ المقهى المتواضع في حارتنا متأبطاً جريدة، لوّحتُ على عجل للرجال المتناثرين حول بعض الطاولات، ثم جلستُ لأتسلّى بحلّ الكلمات المتقاطعة مع كأس شاي.

لا شيء يغريني في الجرائد سوى الكلمات المتقاطعة، لكن.. الآن، توقفتُ حائراً في منتصفها.. السؤال كان عن معركة خاضها الزعيم ضد الأعداء وانتصر فيها.

قالوا لنا في المناهج الدراسيّة وفي التلفاز والراديو خلال سنوات إن الزعيم انتصر في كل المعارك التي خاضها ضد الأعداء، وأنا هنا مثل كل الناس.. لا أعرف للزعيم سوى معركة واحدة، وقد خاضها ضد الناس أنفسهم وانتصر فيها منذ زمن بعيد.. لكنها معركة دون اسم.

تأففتُ منزعجاً وأنا أشتم الزعيم في سري، وأرمق بغيظ صورته المعلقة في المقهى.
تركتُ الكلمات المتقاطعة.

في صفحة أخرى من الجريدة قرأتُ عن الأثر الكبير للزعيم في نهوض الاقتصاد الوطني، انزعجت أكثر.. في صفحةٍ ثانية قرأتُ عن بطولة الزعيم لكرة القدم، صار الدم في عروقي يغلي.

ثم قرأتُ عن توجيهات الزعيم لتطوير الدراما التلفزيونية وصناعة النسيج في صفحتين متقابلتين، شعرتُ بالاختناق.

في أسفل الصفحة الأخيرة عثرتُ مصادفة على زاوية بلون داكن عنوانها (قائمة الوفيات).

قلتُ في سري مبتسماً بخبث: 
ــ أتمنى أن يكون اسم الزعيم مكتوباً فيها..
دهشة عارمة افترستْ ملامح وجهي.. لم أصدق في البداية، وقفتُ لأقرأ بصوت عالٍ الأسماء المكتوبة في هذه القائمة.

مع كل اسم، كان أحد الرجال في المقهى يلتفتُ نحوي ليرفع يده وهو يقول (حاضر).

شهقتُ بخوف عندما قرأتُ الاسم الأخير..
كل الرجال في المقهى التفتوا إليّ، وتأملوني بصمتٍ، منتظرين أنْ أرفع يدي وأقول (حاض ).

(117)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي