ما إن لاح شبح ظهور تنظيم "الدولة الإسلامية" في البادية الشرقية لمحافظة السويداء وأصبح وجوده حقيقة تهدد الجبل، حتى انبرى دروز فلسطين لإرسال مبالغ مالية إلى دروز سوريا عامة ومحافظة السويداء خاصة قدرتها مصادر بما يقارب مليار ونصف مليار ليرة سورية.
وأثارت هذه "التبرعات" العديد من نقاط الخلاف بين أبناء السويداء، حيث اختلفت التفسيرات حول أهدافها وطريقة وصولها من بلد تحكمه سلطة محتلة، طالما تاجر نظام الأسد بعداوته لها.
* تجارة بكرامة الوطن
يقول الناشط "حمزة السويداء" إن هذه المساعدات المالية لا تدخل سوريا إلا بموافقة النظام والجهات الدولية.
ويضيف أن موافقة النظام على دخول مساعدات من دروز "إسرائيل" يفهمها البعض بأنها مساعدة من الدولة العبرية، ولكن النظام، كما يرى، يريد بهذه الموافقة أن ينهي "الجذوة الوطنية" لدى أبناء الجبل، وينال من الحس القومي الجارف الذي يعتبر رصيدا لهم أمام العناصر الحاقدة على سوريا وعليهم، للترويج بأن الدروز تلقوا مساعدات من "إسرائيل".
واعتبر أن تلك رسالة غير مباشرة من النظام لأبناء الجبل بأنهم يتاجرون بكرامة الوطن كونهم يقبلون العون من العدو الإسرائيلي.
في سياق قريب أفاد ناشطون بأن الشيخ يوسف جربوع في السويداء "سبق أن استلم مبلغاً من التبرعات وقدره مليون دولار"، مؤكدين أن قسما آخر من التبرعات المالية موجود الآن في الأردن ويتم الاتفاق على آلية توصيلها إلى الجبل.
* اتهامات واستنكار
في حين استنكر ناشطون استلام مشايخ العقل ووجهاء السويداء لهذه التبرعات ظنا منهم بأن هذه الأموال ستقوي النظام وأزلامه وتعزز دورالأجهزة الأمنية لتزيد من قمعها وبطشها، راجين من دروز فلسطين أن يخصصوا مساعداتهم فقط "لمن يعمل على حماية الأرض والعرض والأمناء على أرض السويداء وأهلها ومالها، في إشارة إلى "مشايخ الكرامة".
بدوره نفى مصدر رفض الكشف عن اسمه حاجة مشايخ العقل في السويداء للأموال "كونهم القائمين على أموال الوقف، التي تكفي لتسليح الجبل وأكثر إن أرادوا ذلك".
واتهم المشايخ بأنهم "يستخدمونها لتثبيت زعاماتهم وليسوا بحاجة للسلاح، لأن ميليشياتهم مدججة بالسلاح من مستودعات النظام".
مجموعة أخرى من الناشطين استنكرت استلام مشايخ العقل لهذه الأموال، كاشفة بأن الشيخ حكمت الهجري أصدر بيانا يعترض من خلاله على الأموال المرسلة من فلسطين المحتلة، في حين ثبت فيما بعد وبشهادة مقربين منه، بأنه يوزع قسما من هذه المساعدات على الأسر الموالية فقط.
* توضيح من داخل فلسطين
وبسبب الاختلافات التي حصلت بين أبناء الطائفة الدرزية حول استلام المساعدات أوضح شيخ عقل طائفة الموحدين في فلسطين "موفق طريف" في اجتماع له أن "كل المبادرات الفردية التي قامت من منطلق الحماس والنخوة لشبابنا، التي لم تكن بشكل منظم وتحويل الأموال التي جمعت سببت الكثير من المشاكل لإخواننا في سوريا وكادت أن تسبب بفتنة واقتتال بينهم".
وخصص الشيخ طريف، حينها، الأموال الواصلة إلى سوريا لكل قرية وبلدة متضررة بفعل الأحداث، وحسب درجة تضررها، مشددا "أن تكون حملات "التبرعات" منظمة وعن طريق المجلس الديني فقط".
ونُقل عن طريف خلال الاجتماع المذكور أيضا إن هناك مجموعة من مشايخ الدين يشرفون على جمع التبرعات من قرى فلسطين والجولان المحتل، ويسلمونها للرئاسة الروحية في فلسطين، مؤكدا أنه يتم توقيع وتوثيق التبرعات المستلمة سواء كانت ذهبا أو شيكات أو عملة أجنبية، ومن ثم يقوم مندوبون من قبل الرئاسة الروحية بتحويل المبالغ المتبرع بها إلى دولارات أمريكية لدى محلات صرافة مصادق عليها من قبل وزارة المالية في "إسرائيل"، ويتم الصرف وفق سعر العملة الرسمية.
وأضاف طريف بأن محلات الصرافة "الإسرائيلية" تعي ماهية المبالغ وأهدافها ووجهتها وعليه تقوم بصرف الشيكات وتحويل المبالغ إلى دولارات بعمولات منخفضة، وبعد ذلك يتم تحويل التبرعات إلى دروز سوريا.
ويرى ناشطون أن الإشكالات المرافقة لحملة "تبرعات" دروز فلسطين لأبناء طائفتهم داخل سوريا بقصد التسلّح، لم تمنع الحملة من تحقيق هدفها في وصول الأموال فعليا إلى محافظة السويداء، ولكن السؤال الذي يبقى معلقا:
كيف ستدار عملية تسليح الجبل وفي وجه من سيرفع ويستخدم هذا السلاح؟!
سارة عبدالحي - السويداء - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية