أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

معتقل سابق يروي لـ"زمان الوصل" جوانب من معاناة معتقلي سجن السويداء المركزي

أغلب المعتقلين في سجن السويداء المركزي ليسوا من محافظة السويداء - ناشطون

يعيش المعتقلون ظروفاً غير إنسانية خلف قضبان سجن السويداء المركزي بدءاً من قلة الطعام المقدم لهم، ومروراً بمصادرة الأموال التي بحوزتهم، وصولاً إلى ابتزاز الضباط بما فيهم رئيس السجن لهم من خلال فرض ما يشبه الخوة والجزية عليهم.

وكشف معتقل سابق يكنى بـ"أبو علي"لـ"زمان الوصل" أن "الإروانة" وهو الطعام المجاني الذي يتم تقديمه للمعتقلين قليل الكمية، ولا يتعدى كأس الرز الصغيرة للشخص الواحد، ولذلك كما يقول، يضطر الكثير من المعتقلين إلى شراء الطعام من خبز وخضار من مرافق السجن التي يبدو ظاهرياً أن المعتقلين هم من يستثمرونها ولكن من يستثمرها في الخفاء هو العميد رئيس السجن. 

ويضيف محدثنا أن "جميع المواد التي تُباع داخل هذه المرافق أغلى مما تُباع في الخارج بأكثر من 25 ليرة، ولذلك يضطر الكثير من السجناء –كما يقول– إلى النوم جياعاً، لأن علبة السردين مثلاً يتجاوز سعرها أكثر من 175 وهي لا تكفي لإشباع شخص واحد، إن كان ممن يتناولون وجبة متوسطة الكمية. 

والمعاناة الأخرى التي تواجه نزلاء سجن السويداء المركزي –حسب المعتقل السابق– هي مصادرة أموال السجناء.

وأضاف:"إذا علم ضابط من ضباط السجن أن بحوزة سجين مالا، فإنه يستجوبه مباشرة في مكتبه أوعن طريق مفرزة التحقيق الجائرة عن مصدر المال، ويتم فرض مبلغ مالي شهري عليه للضابط كنوع من الأتاوة".

ولا تقف معاناة المعتقلين ممن يمتلكون مالاً عند هذا الحد، بل تشمل من يستدين من غيره -حسب محدثنا- الذي يروي إن إدارة السجن في حال علمت بحالة من هذا النوع عن طريق "عواينية" الضباط غالباً يتم تدوين ضبط تمويل بذلك المبلغ وإحالته للمحكمة بدعوى أخرى، ويتم زج المدين والمدان في المنفردات لعدة أيام. 

ويستشهد المعتقل السابق بقصص رويت له عن معتقلين آخرين تمت الوشاية بهم لأنهم كانوا يأكلون طعاماً، فاخراً فتم جلبهم للتحقيق معهم واستجوابهم عن مصدر المال وتهديدهم بتوجيه تهمة تمويل الإرهاب إلا إذا تم دفع المعلوم للضابط الفاسد.

ويتحدث المعتقل السابق عن قصة أخرى عن نزيل اشترى كمية من المعلبات من الندوة كالسردين والتونا، فتمت مصادرتها فوراً على أنها "بسطة" من أجل الاحتكار، ورفع الأسعار على السجناء الآخرين ولم يتم تركه إلا بعد أن دفع "الأتاوة" للضابط ولمفرزة التحقيق. 

*مصادرة القرآن
وكما يُمنع الغذاء الجسدي يمنع الغذاء الروحي -حسب ما يقول المعتقل السابق– فإذا عُثر على مصحف بحوزة معتقل يتم مصادرته فوراً ويُوضع في الأمانات إلى حين خروج المعتقل من السجن.

ويؤكد محدثنا أن "هناك أكثر من 200 مصحف مصادرة في أمانات السجن". 

ونظراً لأن المرافق التي تبيع احتياجات السجناء مملوكة لعميد السجن يُمنع إدخال الملابس والحرامات والخرز" الذي يصنع به السجناء قطعاً فنية لبيعها" لكي تُباع بمبالغ مرتفعة من مرافق السجن، علماً أن مناخ السويداء بارد حتى في منتصف الصيف –كما يقول محدثنا- ملمحاً إلى أن "هناك حالات مرضية باستمرار نتيجة البرد، وليس بمقدور جميع المعتقلين شراء الأغطية والحرامات، علاوة على أن إدارة السجن لا تستجيب للحالات المرضية ولا تخصص لهم طبيباً يعاينهم أو يكشف عما يعانوه، وخصوصاً أن الكثير منهم يعانون من أمراض خطيرة. 

وتحول سجن السويداء المركزي إلى سجن كبير وقاس للمعتقلين، ولكنه بالمقابل باب رزق للضباط والقائمين عليه -حسب أبو علي- الذي كشف أن أحد المعتقلين أعطى عميد السجن مبلغ 400 ألف ليرة مقابل إصدار عفو عن المنفردات داخل السجن، وحتى من أراد أن يقوم بأي عمل خيري تجاه الفقراء والذين لا يزورهم أهاليهم يوصم بـ"ممول للإرهاب" ويتم زجه بالمنفردة".

ويوضح محدثنا أن "أغلب المعتقلين في سجن السويداء ليسوا من محافظة السويداء، ولكن تم نقلهم من جميع المحافظات وخاصة سجن دمشق المركزي بحجة التجهيز لاستعصاء أو بحجة أن سجن دمشق المركزي يغصُّ بالمعتقلين، فيتم نقلهم إلى السويداء، ويعاني أغلب المعتقلين السياسيين في سجن السويداء، حسب محدثنا، من انقطاع الزيارات عنهم لبعد المسافة عن محافظاتهم، ولانقطاع الطرقات وخطرها وللتكلفة الباهظة للسفر من محافظة إلى أخرى.

وتتوالى معاناة معتقلي سجن السويداء المركزي فصولاً مع مشقة نقلهم إلى أمانات سجن دمشق المركزي من أجل حضور جلسة مدتها دقيقة واحدة أمام القاضي "رضا موسى" في محكمة الإرهاب من دون أي فائدة -وفق ما يؤكد محدثنا.

ويضيف:"إن هؤلاء المعتقلين تتم إعادتهم إلى السويداء بعد رحلة شاقة ومليئة بالذل والإهانات لمدة لا تقل عن 15 يوما في أمانات سجن دمشق المركزي". 

ويضم سجن السويداء المركزي مئات المعتقلين ممن تم تحويلهم من محكمة الميدان العسكري ومحكمة الإرهاب، وقسم ضئيل منهم تابع للمحكمة العسكرية والمحاكم المدنية، مما يفسر تغوّل الجلادين فيه واستشراسهم، في انتهاك إنسانية المعتقلين داخل جدران هذا السجن المنسي، حسب وصف "أبو علي".

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(156)    هل أعجبتك المقالة (128)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي