تعمل أم عمار في مطبخ أحد المطاعم العربية باسطنبول، فهي المسؤولة عن المأكولات الحلبية التي صار المطعم يشتهر بها بين زبائنه الذين تضاعف عددهم بعد عمل "أم عمار" في المطعم حتى أن صاحب المطعم صار يلقبها بـ"سيدة المطبخ الحلبي".
وتحضر أم عمار في كل يوم قائمة الطعام التي ستعدها في اليوم التالي، لأن أغلب الزبائن يطلبون المأكولات الحلبية تحديدا، فهم ـحسب وصفهاـ مغرمون بالكبة والمحمرة.
إلا أن سعادة أم عمار بنجاحها في عملها لا تنسيها تعبها من العمل لمدة 10 ساعات يوميا، خاصة أنها تعاني من أمراض الشيخوخة التي غزت جسدها مبكرا؛ كالديسك والروماتيزم والمناقير وغيرها، والتي ازدادت شدتها وآلامها بسبب اضطرار أم عمار للوقوف في المطعم عدة ساعات يوميا، وعلى الرغم من أن الدوام الرمضاني أقل بساعة واحدة فقط عن الدوام في الأيام العادية، إلا أن العمل في شهر رمضان ـحسب أم عمارـ أصعب، نظرا لظروف الصيام وكثرة الزبائن.
تقول أم عمار: زوجي معتقل منذ عامين، وأنا هربت مع أطفالي إلى اسطنبول بعد أن داهم الأمن منزلي عدة مرات وسرق كل مصاغي الذهبي.
ولأنها باتت مسؤولة عن إعالة أطفالها الأربعة، تشكر أم عمار الله على "نَفَسها الطيّب" في الطبخ، لأنها لولا ذلك لما تمكنت من إيجاد عمل.
وتحكي أم عمار أنها تصطحب أولادها يوميا للفطور على موائد الرحمن المنتشرة في معظم مساجد مدينة اسطنبول وساحاتها وتفعل ذات الشيء على السحور، وتقول: تقدم موائد الرحمن وجبات جيدة ومغذية، وهي فرج بالنسبة للفقراء.
وتضيف أن موائد الرحمن خلقت طقسا اجتماعيا رمضانيا جميلا، خاصة أن معظم روادها من السوريين، ولذلك فإن إفطار أم عمار وعائلتها على موائد الرحمن يوميا تحول إلى جو احتفالي ينسيها قسوة ظروفها، خاصة بعد أن اجتمعت بأصدقاء طيبين وتعرفت على أتراك من ذوي الأيادي البيضاء الذين وعدوها بمساعدتها في إعالة عائلتها.
ووفق أم عمار فإنها لم تصلها أية مساعدات خاصة بشهر رمضان من أي جهة خيرية مسؤولة عن مساعدة السوريين، وتقول: لجأت في بداية رمضان إلى جمعية "علماء دمشق" لكنهم ردوني خائبة بعد أن قالوا بأنهم لن يضيفوا أسماء جديدة على قائمة العوائل المحتاجة.
لمى شماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية