أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الغوطة الشرقية.. محاولات لاحتواء الاحتجاجات المناهضة لـ"جيش الإسلام" ومطالب بمعالجة الأسباب

من مظاهرات سابقة ضد "جيش الإسلام" في سقبا - ناشطون

هدأت إلى حد كبير وتيرة المظاهرات المنددة بالقيادة الموحدة في الغوطة الشرقية خلال اليومين الماضيين، بالمقابل وجه ناشطون ميدانيون داخل الغوطة دعوات وسط الأهالي للتظاهر اليوم الجمعة عقب الصلاة لاستكمال مظاهراتهم المنددة بالقيادة الموحدة.

في حين كثف "جيش الإسلام" –وهو المستهدف بالدرجة الأولى في هتافات المحتجين- ومعه فعاليات اجتماعية وهيئات خيرية من نشاطهم الساعي لوأد تنامي ظاهرة التذمر وذلك عبر معالجتهم لبعض أسباب هذه الظاهرة التي أخذت شكل الاحتجاجات اليومية، حيث سعت بعض الهيئات الخيرية والمجالس المحلية إلى توزيع آلاف السلات الغذائية خلال اليومين الماضيين بأسعار مخفضة في محاولة منهم لتخفيف احتقان الشارع الغوطاني.

ولعل العفو العام الذي أصدرته القيادة الموحدة في الغوطة أمس الأول والذي تبعه مباشرة قرار قضائي صادر عن هيئة القضاء الموحد بإخلاء سبيل 65 موقوفا من "جيش الأمة" كان يصب في ذات المسار الساعي للتهدئة.

كما التقى وجهاء من بلدة "حمورية" أمس بقائد "فيلق الرحمن" النقيب "عبد الناصر شمير" حيث أعلن جاهزيته للنزول تحت القضاء في قضية الأحداث الأخيرة ومحاسبة المتورطين بإطلاق الرصاص على المحتجين الذين هاجموا مقره. 

ويتساءل مراقبون فيما إذا كان لهذه الإجراءات "الآنية" سبيل لوقف حالة التذمر الذي أخذ شكل احتجاجات تصاعدية خلال الأسبوع الماضي في مناطق داخل الغوطة؟

قبل الإجابة على هذا التساؤل يتوجب البحث في خلفيات ومكامن الخلل التي دفعت آلاف المحتجين إلى النزول إلى شوارع الغوطة وصدحهم بهتافات تشبه إلى حد كبير تلك التي كانت ضد النظام في أيام الثورة الأولى قبل أن تأخذ الثورة شكل العسكرة؟

من خلال استطلاع آراء كثير من ناشطي الغوطة وفعالياتها تتقاطع مسببات أجمع عليها أغلبهم بمن فيهم إعلاميون مقربون من "جيش الإسلام" وفصائل القيادة الموحدة وتتمثل في: الجوع والحصار وتردي الخدمات وتحكم "تجار الدم" في لقمة المحاصرين دون رقيب يردعهم بشكل جدي، وجمود جبهات الغوطة مع اعتقادهم بعدم جدية فصائل القيادة الموحدة بالقيام بعمل من شأنه فك الحصار عنهم، إضافة إلى ملف المعتقلين في سجون "جيش الإسلام" مع تخوف ذويهم من إعدامهم.

يرى الناشط "براء الشامي" أن كل ما ذكر هي أسباب صحيحة، إلا أنه يضيف بأن القمع ومصادرة الحريات والاعتقال لمن يخالف توجه "جيش الإسلام" أو سلوكه بتهمة معدة مسبقا وهي الانتماء لتنظيم "الدولة"، أضحت تهمة جاهزة تخول أصحاب القوة اعتقال من يشاؤون دون أمر قضائي، حتى بات أهالي المعتقلين يخشون من السؤال عن أبنائهم خوفا من اعتقالهم أيضا بنفس التهمة، وقد يفسر خروج المظاهرات بشكل واضح في "سقبا" و"مسرابا" أكثر من غيرهن ضد "جيش الإسلام" وذلك يعود لحجم المعتقلين في هاتين البلدتين في سجون الجيش بتهمة الانتماء لتنظيم "الدولة" وتنظيم "الأنصار"، إضافة إلى أن "مسرابا" كانت معقلا "للدولة" قبيل طردهم خارج الغوطة أواخر العام الماضي.

إلا أن لتلك المظاهرات أسبابا أخرى ورئيسة ولعل كثيرا من إعلاميي الغوطة وغيرهم يحجم عن الخوض في مسألة المناطقية والحديث العلني بهذه القضية، رغم أنه يتم الحديث عنها بشكل واسع في أوساط الناس، فـ"جيش الإسلام" المحسوب على أهالي "دوما" هو المتحكم في مصير الغوطة، إضافة إلى اتهامات بتوزيع غير عادل للمنح الإغاثية على بلدات الغوطة المحاصرة، حتى أنه كان من ضمن هتافات المحتجين دعوة لأهالي "دوما" بالتحديد إلى المشاركة في المظاهرات مثل هتاف "يا دوما وين رجالك" وغيرها.
هذه الأسباب وغيرها من الأسباب غير المباشرة والثانوية كانت حاضرة في احتجاجات أهالي الغوطة ضد "القيادة الموحدة" والمتابع لهتافات المحتجين يلحظ التركيز على "جيش الإسلام" وقائده "زهران علوش" بشكل رئيسي، رغم أنها انطلقت بداية في "حمورية" ضد "فيلق الرحمن" إثر هجوم محتجين على مقر الفيلق والذي أخذ طابعا دمويا، وذلك لعلمهم –حسب براء الشامي- بأن المتحكم في مقاليد الغوطة هو "جيش الإسلام".

لا يرى "محمد عمر" وهو عضو في منظمة تهتم بمجال حقوق الإنسان أن للخطوات التي قام بها جيش الإسلام مؤخرا في سبيل تهدئة المحتجين جدوى على المدى الطويل مالم تتبعها خطوات عملية لامتصاص غضب الشارع والبحث العميق في مطالب المحتجين، فمشكلة غلاء الأسعار واحتكار "تجار الدم" للبضائع والحصار الخانق الذي تعانيه الغوطة لأكثر من سنة ونصف، إضافة إلى قضية المعتقلين والإفراج الفوري عنهم، كلها بحاجة إلى حلول جذرية، والابتعاد عن اتهام المحتجين بالتآمر على فصائل الغوطة و "الدعشنة" كما يفعل النظام مع معارضيه، مقابل الإصغاء لمطالبهم.

سفيان جباوي -دمشق -زمان الوصل
(114)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي