نشرت حركة أحرار الشام الإسلامية الفيلم الوثائقي "العاصي بين الماضي والحاضر"، محاولة ربط الأحداث والمجازر التي شهدتها حماة أيام حافظ الأسد، بحاضر المدينة التي شاركت بفعالية كبيرة في مظاهرات الثورة السورية عام 2011.
ووجهت الحركة في ختام الفيلم دعوة صريحة وواضحة إلى شباب سوريا، وحماة بالذات، كي ينضموا إلى معسكرات "الطليعة"، المسماة على نفس اسم التنظيم الذي سبق أن أسسه "الشيخ مروان حديد" في حماة، وكان رأس الحربة في مقارعة نظام حافظ الأسد في سبعينات وثمانينات القرن الماضي.
واستعانت "أحرار الشام" في فيلمها، بشخصيتين رئيستين هما: "أبو سعيد" الذي قدمه الفيلم على أنه "شاهد على مجازر حماة"، و"أبو المنذر"، القائد العسكري لـ"لواء الإيمان"، أحد التشكيلات الرئيسة والمحورية المكونة لحركة "أحرار الشام".
وخلال الفيلم روى "أبو سعيد" بعض ما يستذكره من تاريخ حماة مع سلطة حزب البعث، والذي سبق مجازر مدينة النواعير بحوالي 20 عاما، ففي سنة 1965 خرجت مظاهرة لأتباع حزب البعث، هتفوا فيها "خود سلاح وجيب سلاح، دين محمد ولى وراح"، أما المظليات (اللواتي كن يتبعن لسرايا الدفاع بزعامة رفعت الأسد)، فقد نشطن بين 1978 و1979 وكن يجبن الشوارع ويهاجمن النساء المحجبات وينزعن عنهن حجابهن، حسب رواية "أبو سعيد".
واستشهد "أبو المنذر" ببيت من الشعر، ينسب إلى أحد أتباع حزب البعث ومناصريه، ويقول فيه: "آمنت بالبعث رباً لاشريك له، وبالعروبة دينا ما له ثاني"، وهو ما يكشف عن نظرة إلحاد بالله، حسب تعبير "أبو المنذر".
وانتقل "العاصي بين الماضي والحاضر" إلى تسجيل بصوت "الشيخ مروان حديد"، يعود إلى عام 1971، قال فيه: "نحن باسم حماة-وقد قلت هذا للمحافظ- نطالب بحكم الإسلام، ولن نلجأ للعنف، وإنما التذكرة والنصيحة، حتى يحول الله هذه القلوب إلى الإسلام، ولايبقى معدم ولا يبقى سائل (متسول) في هذا المجتمع، حتى نغلق الطريق أمام المبادئ الشيوعية".
ورأى "أبو المنذر" أن ما شهدته حماة من أحداث حينها، كان دافعا قويا لـحدوث "انتفاضة ضد النظام البعثي الكافر، الذي انقلب على السلطة"، موضحا أن الأمر بدأ بانتفاضة شعبية، أعقبهاحراك عسكري، تمدد في حماة ودمشق وإدلب وحلب.
فيما عقب "أبو سعيد": لم نكن نتوقع عام 1982، عندما خرجت حماة عن سيطرة النظام حوالي 24 يوما أن النظام سينتقم من المدينة بهذا الشكل الفظيع"، مبينا أن نظام حافظ الأسد أعمل الذبح بالأطفال والشيوخ، ودمر أحياء كاملة (حي الكيلانية، حي الشريعة، حي الزنبقي).
وقال "أبو سعيد" إن النظام كان يدفن أهالي حماة أحياء ويرمي الأطفال من الطوابق العليا، مؤكدا أنه شاهد بعينه –في تلك الأحداث- جنديا من النظام يبقر بطن امرأة حامل بحربة بندقيته.
وعند منتصف مدته التي تقارب 17 دقيقة، انتقل الفيلم إلى حاضر حماة، عبر لقطات من المظاهرات التي شهدتها المدينة، ومنها أكبر حشد مناهض للنظام على الإطلاق خلال مرحلة الحراك السلمي، امتلأت به "ساحة العاصي" وأطرافها.
وقد دوى في كثيرا من تلك المظاهرات صوت "القاشوش"، الذي بات لقبا يطلق على من برع في ترديد الهتافات المناهضة للنظام في البلدات والمدن الأخرى، فصار لكل مدينة تقريبا "قاشوشها".
وهنا تدخل "أبو سعيد" ليؤكد أن معظم من خرجوا في ثورة 2011 هم أبناء أوقارب أناس قتلوا في مجازر 1982، لكن السلمية لم تكن لتنفع مع نظام أتى بالقوة ولن يرحل بغير القوة، حسب رأي "أبو سعيد"، ومن هنا دخلت الثورة في طورها العسكري.
واعتبر "أبو المنذر" أن أسلوب حرب العصابات الذي اتبعه الثوار بداية الحراك العسكري، أسفر عن تحرير أجزاء من الريف الحموي، وأحياء من المدينة.
ومع دخول النظام في مرحلة أشد من قمع الثورة، بالدبابات والمدافع، استدعت الحاجة اندماج المجموعات الصغيرة مع بعضها حتى تصبح قادرة على المواجهة؛ لتتشكل الألوية والكتائب، ثم توحدت الألوية والكتائب لتتشكل "حركة أحرار الشام"، التي استعرض الفيلم لقطات من بعض معاركها.
ونوه "أبو المنذر" بدور "معسكرات الطليعة المقاتلة" التابعة لـ"أحرار الشام"، وهي معسكرات "تم إنشاؤها لتؤدي دورها في تطوير المقاتل بدنيا وذهنيا"، واصفا هذه المعسكرات بأنها ضرورية لأبناء حماة.
واستعرض الفيلم بلقطات عالية التقنية مقتطفات من التدريبات التي يتم تلقيها في "معسكرات الطليعة"، مثل القنص والقتال الفردي والاقتحام والاشتباك والملاحقة والكمين.
وظهر "أبو سعيد" قبل ختام الفيلم؛ ليوجه دعوة صريحة ومباشرة إلى كل شاب سوري وبالأخص شباب من أجل "أن يتدرب ويجهز نفسه للجهاد، ولتحرير بلده".
واستعرض الفيلم في نهايته أسماء مدربي "معسكر الطليعة"، ومنهم 3 من عائلة "طه"، هم: علي طه، مصطفى طه، وعبدالرحمن طه، فضلا عن 3 مدربين آخرين تمت الإشارة إليهم بألقابهم، وهم: أبو الشيماء، أبو عبدالرحمن، أبو محمود.
واستعان الفيلم بمقاطع مسجلة لعدد من الشخصيات، منها "عبدالله عزام" أحد أهم رموز التيار الجهادي، و"أبو الزبير الحموي" مؤسس لواء الإيمان، الذي قضى في تفجير "رام حمدان" في أيلول/سبتمبر 2014، حيث فقدت حركة أحرار الشام حوالي 50 من كبار قادتها، على رأسهم مؤسسها "أبو عبدالله الحموي"، الذي أظهر الفيلم (الدققية 12 تقريبا) لقطة نادرة جدا له داخل القبر، قبل أن يهال عليه التراب.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية