"عندما كنت في غرفة الأموات، شعرت أنني في خيمة بيضاء، وأن الملائكة تحملني على أجنحتها، في البداية شممت رائحة كريهة، لكنها سرعان ما تلاشت وحلت مكانها روائح زكية صارت تداعب وجهي وشعري مع نسيم عليل كان يهب في الغرفة الضيقة التي لاتختلف بشيء عن القبر".
هكذا وصف الشاب الكردي ريفان/ 35 عاما، أيامه التي لا يعرف عددها في غرفة الأموات في فرع الأمن العسكري بدمشق.
وحسب ريفان فإن العناصر ظنوا أنه مات بعد فقدانه الوعي في المهجع عدة أيام، فأمروا برميه في غرفة الأموات.

لكن سعادته المؤقتة التي شعر بها بين الشهداء، كما يقول، انتهت عندما مر طبيب السجن على الغرفة مصادفة ولمحه يحرك جفنه، فحوله إلى المشفى التي تعرض فيها للتعذيب والتهديد ببتر قدمه من قبل الممرضين والأطباء الذين كانوا حسب "ريفان" يتفنون بتعذيب الجرحى، وكان فقدانه المستمر للوعي ينقذه من تعذيبهم، ويقول: لولا مرور طبيب السجن على المشفى لكانوا بتروا قدمي.
*الحرق بالأسيد
ويحكي المعتقل السابق عن قصة اعتقاله قائلا: اعتقلت مع مجموعة من أصدقائي الأكراد، عام 2013 من على حاجز في الغوطة الشرقية، بعد أن فتشوا سيارتنا ووجدوا بحوذتنا أدوات طبية.
ووفق المعتقل، فإنه خلال التحقيق كان يتعرض هو وأصدقاؤه لتعذيب مضاعف لأنهم أكراد متعاطفون مع أهالي الغوطة، ولأنه رفض إعطاءهم أي معلومات عن شباب الحر وأماكن تجمعهم، ساموه جميع أنواع التعذيب بما في ذلك الشبح والتعذيب بالكهرباء والحرق بالسيجارة.
ولما استنفذ العناصر كل ما في جعبتهم من أساليب التعذيب جاء أحدهم بفكرة حرق "ريفان" بالأسيد.
يقول ريفان: "عندما قالوا إنهم سيحرقونني بالأسيد اعتقدت أنه مجرد تهديد، بقيت صامتا"، ولكن ما اعتقده ريفان أنه تهديد تحول إلى حقيقة عندما بدأ أحد العناصر بسكب الأسيد على قدم ريفان.
ويضيف: "أذكر أني صرخت بصوت شق السماء ثم تحولت الدنيا إلى سواد وبعدها فقدت إحساسي بأي شيء".
وبعد عدة أيام من رميه في المهجع اعتقد الحارس أنه توفي فأمر بنقله إلى غرفة الأموات.
حتى اليوم خضعت قدم "ريفان" لأكثر من عشر عمليات جراحية، بعد أن نجت من البتر بأعجوبة، ولأن الأعصاب تضررت بشكل بالغ، فإنه لم يستعد حركة قدمه بشكل كامل، ولكنه مع ذلك يشعر بالامتنان للطبيب الذي تعاطف معه وكان سببا في إعادته للحياة عندما أخرجه من غرفة الأموات.
لمى شماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية