أظهرت إحدى الوثائق التي نشرها موقع ويكيليكس ان السلطات السعودية حاولت مساعدة مجموعة من الطلاب السعوديين في إحدى كليات مونتانا التقنية بعد أن تورطوا في واقعة غش، وعرض عليهم دبلوماسيون سعوديون تسهيل سفرهم سرا للمملكة، تجنبا لاحتمال القبض عليهم أو ترحيلهم.
الوقائع أكدها مسؤول بارز في الكلية التي شهدت الفضيحة.
الطلاب كانوا ضمن مجموعة من ثلاثين طالبا في كلية مونتانا التقنية وجهت لهم اتهامات بإغراء أحد موظفي الكلية برفع درجاتهم في الامتحانات مقابل "هدايا".
انكشفت واقعة الغش، وفصلت إدارة الكلية الموظف المتورط، في أعقاب تحقيق أعلن عنه أوائل عام 2012، غير ان المذكرات التي سربت للمرة الأولى اوضحت أن الطلاب كانوا كلهم تقريبا من السعوديين وأن حكومتهم حجزت لهم تذاكر طيران للعودة للوطن بعد اجتماع ضم مديري الكلية ودبلوماسيين سعوديين في واشنطن قبيل تكشف فضيحة الغش.
وجاء في إحدى المذكرات السعودية التي تحدثت عن الاجتماع، وتحت عنوان "سري وعاجل" أن مستشار كلية "مونتانا تك" دونالد بلاكيتير هو الذي طرح فكرة سفر الطلاب خارج الولايات المتحدة.
واستطردت المذكرة في القول إن دبلوماسيا في السفارة "أصدر تذاكر سفر لأولئك الطلاب.. كي يعودوا للمملكة كي لا يواجهوا احتمال السجن أو الترحيل من قبل السلطات الامريكية".
وتواصلت الأسوشيتد برس مع نائب مستشار كلية مونتانا للشؤون الاكاديمية دوغلاس أبوت في منزله مدينة بوتي بمونتانا، حيث قال عن ما ذكرته السفارة عن الاجتماع يبدو دقيقا.
وقال أبوت عن فكرة سفر الطلاب" أعتقد أنه ربما نكون أوصينا بهذا".
قوانين مونتانا لا تحظر تغيير درجات الطلاب حتى في مقابل هدايا، غير أن أبوت قال وقتها إن سلطات الكلية تعتقد أن الطلاب قد يتعرضون للاعتقال أو حتى الطرد من البلاد.
"لم نكن نعلم ما إذا كان هذا قد يحدث، أو ما إذا كانت (عناصر) إدارة الهجرة والجمارك ستظهر في حرم مونتانا تك".
أما بلاكيتير فلم يرد على رسائل طلبت منه التعقيب على الواقعة.
وتسبب الإفشاء في فضيحة في كلية مونتانا التكنولوجية وهي كلية صغيرة الدراسة بها لمدة أربع سنوات في مدينة بويت في قلب جبال روكي. كانت الكلية المسجلة أصلا باسم كلية ولاية مونتانا للتعدين، معروفة أيضا بتخصصاتها من التعدين والمعادن والهندسة. وحضر عدد كبير من الطلاب السعوديين، كان كثير منهم مدعومين من القسم الثقافي لسفارتهم أو شركة النفط السعودية، صفوف الكلية سنويا لدراسة يحصلون منها على شهادات مثل هندسة التعدين.
ولاحظ المسؤولون أولا تعديلات النص في 25 أكتوبر/ تشرين أول 2011، وبدأت المخالفات في التراكم فيما بدأت المدرسة في الفحص، طبقا لبيان قرأه أبوت خلال اجتماع يوم 26 يناير / كانون ثان 2012 وفيما بعد نشر على موقع يوتيوب.
وقال ابوت إن محققي الكلية التقوا بموظف لم يحدد اسمه واعترف بتغيير النصوص. وكانت مراجعة لسجلات ثلاث سنوات قد تغيرت واتضح تغيير الدرجات ومسح درجات من نصوص ووجود "تسجيلات وهمية" وهي درجات تم منحها عن فصول لم تدرس أبدا. وفي الحالة القصوى، كان لطالب تغييرات في 16 درجة، ومسح أربعة مواد وإضافة ستة أخرى إلى سجله.
وقال أبوت معترفا بما جاء في المقطع المصور "إنه يلقي ضوء غير مستحبا على المؤسسة". لكنه قال إن مسؤولين كانوا يتمتعون بالشفافية. وأضاف "الحرم لا يحاول، ولم يحاول، إخفاء أي من هذا".
وتشير المذكرات السعودية إلى أنه في الرابع من يناير/ كانون ثان قبل عدة أيام من الاعتراف بالفضيحة علنا، ذهب ابوت وبلاكيتر إلى السفارة السعودية في واشنطن لإبلاغ المسؤولين هناك بشأن مزاعم الغش.
وقال ابوت للأسوشيتد برس إن الكلية نصحت من خلال المستشار القانوني بأن يتم إبلاغ السفارة السعودية التي تدعم مع شركة أرامكو السعودية 33 من المشتبه بهم في الغش في كلية مونتانا، بالأمر.
ورفض التعليق على سبب اقتراح الكلية على ما يبدو بسفر الطلاب بعيدا عن البلاد، مشيرا إلى إنه لا يتذكر ذلك الأمر في محادثته في أي تفاصيل.
وقال إن المستشار القانوني للكلية حذر من إعلان أسماء الطلاب أو تحديدهم بجنسياتهم. وأضاف أن الكلية أبلغت مكتب مفوض التعليم العالي في مونتانا وحتى أبلغت مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة الأمن الداخلي للتحقيق فيما يعتقد أنه جرائم محتملة.
وزار مسؤولون من كلا الوكالتين الجامعة في التاسع من يناير/كانون ثان لإجراء مقابلات، لكن دون توجه اتهام لأي من الموظفين.
وأرجعوا السبب في عدم توجيه الاتهامات إلى أن الموظف المحتال لم يقبل أموالا لتغيير النتائج في الشهادات.
وبحسب مذكرة سعودية أخرى مؤرخة في 2 فبراير / شباط لم يقبل الموظف الهدايا مقابل تبديل الدرجات.
وقال آبوت إنه لا يتذكر تحديدا نوع الهدايا، واصفا إياها بأنها "رمز بسيط للتقدير." رافضا ذكر اسم الموظف المتورط في الفضيحة.
ولم يذكر آبوت ما إذا كانت الجامعة قد استدعت على الفور رجال تنفيذ القانون قبل أو بعد زيارته هو وبلاكيتر السفارة السعودية.
ويتعرض العديد من الطلبة للطرد في كثير من الأحيان، على الرغم من الشكوك حول ما ينتهون إليه جميعا. وقال آبوت إن لا يعلم ما إذا كان الطلبة عادوا إلى السعودية قبل اندلاع الفضيحة وتدخل قوة تنفيذ القانون. بيد أن مذكرة السفارة الصادرة في 3 فبراير / شباط صيغت بصورة تدل على أن الطلبة لم يكونوا قد سافروا بعد.
وأكد آبوت المعلومات الواردة في المذكرة السعودية التي ذكرت أن سبعة طلبة عادوا إلى الجامعة بينهم اثنان على الأقل قالا إن درجاتهم بدلت بدون معرفتهم - حادثة غير عادية لم يتمكن آبوت أو المذكرة من تقديم تفاصيل كاملة بشأنها.
وأشار آبوت إلى أن ثمانية عشر طالبا طردوا نهائيا وأن عددا غير محدد من الخريجين ألغيت درجاتهم.
ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على الرسائل التي تطلب التعليق بشأن الرحلات الجوية، ولم ترد السفارة على الطلبات المتكررة للتعليق بشأن الكم الهائل من الوثائق الدبلوماسية التي كشف عنها موقع ويكيليكس يوم الجمعة، على الرغم من البيان الأخير الذي نقلته وكالة الأنباء السعودية الرسمية يعترف بأن المذكرات ترسم صورة دقيقة لدبلوماسي المملكة ونشاطهم بالخارج.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية السعودية أسامة نجالي يوم السبت: "الوثائق المسربة تسير وفق نهج السياسة العامة لوزارة الخارجية."
أ. ب
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية