أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الأردن.."حماية كاذبة" تحقيق استقصائي يرصد إعادة اللاجئين السوريين إلى بلادهم قسراً

مخيم الزعتري - أرشيف

رصد تحقيق صحفي بعنوان "حماية كاذبة" مخاطر ترحيل اللاجئين السوريين إلى خارج الأردن أو ما بات يُسمى (القذف) بالعرف الشعبي، وبخاصة إلى سوريا التي فروا منها هرباً من القصف والموت.

وتتبع معدا التقرير "حازم حموي" و"مصعب الشوابكة" العديد من الحالات التي تعرض أصحابها للموت بعد قذفهم إلى سوريا، رغم أنهم مشمولون برعاية وحماية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، ومنها حالة قتل اللاجئ السوري محمد شلهب -المسجل لدى المفوضية- بعد طرده من الأردن إلى سوريا في تشرين أول/اكتوبر/2014، بسقوط قذيفة على المسجد الذي يؤويه في قرية نصيب الحدودية بين سوريا والأردن، ففارق الحياة قتيلاً، تاركاً خلفه زوجة، وسبعة أطفال، كبيرهم صغير. 

وحسب تقرير صادر عن ثلاث منظمات دولية غير حكومية (المجلس النرويجي للاجئين، ومنظمة إنقاد الطفل، والعمل ضد الجوع) بعنوان "مشروع تحليل احتياجات سورية" في أكتوبر/تشرين أول من عام 2014 فإن "حالات إبعاد اللاجئين السوريين، على يد السلطات الأردنية ارتفعت في الآونة الأخيرة، وبخاصة حملة الوثائق غير السارية، قديمة أو من الذين كانوا يتنقلون بين سورية والأردن خلال الأزمة السورية. 

وتوصل معدا التحقيق إلى أن "الأجهزة الأمنية ومديرية شؤون اللاجئين شتتا أواصر عشر أسر سورية لاجئة للأردن، بطرد أفراد منها إلى سوريا بعد أن استقروا في الأردن، حيث خطر الموت قتلاً، جوعاً أو سقماً تاركين أسرهم في غربة اللجوء، وبذلك –كما جاء في التقرير"تخالف الحكومة الأردنية اتفاقية مناهضة التعذيب وهي اتفاقية دولية تسمو على التشريعات الوطنية، ومصادق عليها رسمياً عام 2006، بما تنص على الالتزام بمبدأ عدم إبعاد أو رد أي شخص إلى دولة أخرى تكون حياته فيها معرضة لخطر التعذيب".

ولدت فكرة التحقيق -كما يقول الصحفي- "حازم حموي" لـ"زمان الوصل" من الاحتكاك المباشر مع اللاجئين".

ويردف: "لاحظنا مع بداية عام 2014 أن اللاجئين يرفضون الحديث للكاميرا وحتى يرفضون الحديث للمايكروفون.

ويتابع حموي:"كنا نندهش من عدم رغبة اللاجئين في التصريح عن آلامهم ومشاكلهم، وفي النهاية استفسرنا عن السبب، فكان الجواب -كما يقول- "شو بدكن يانا ننقذف" فاتضح لنا أن اللاجئين مهددون بالطرد إلى سوريا في حال وقوعهم في أي مشكلة مهما كانت بسيطة ومن هنا بدأ البحث". 

وألمح حموي إلى أن "هناك العديد من الصعوبات التي اعترضته مع زميله "مصعب الشوابكة" أثناء إعدادهما لهذا التحقيق الاستقصائي، ومنها –كما قال-ما يتعلق باللاجئين ذاتهم الذين خافوا من الحديث في مشكلة طرد أبنائهم إلى سوريا خشية من طرد باقي العائلة، فالحديث في هذا الموضوع يُعتبر من المحرمات بين اللاجئين.

وأضاف حموي أن "الجميع يشتكون ويتخوفون من الطرد، ولكن الجميع بالمقابل يرفضون الحديث أمام الكاميرا أو التصريح المباشر للإعلام".

وكشف معد التحقيق أن جميع من قابلهم مع زميله وتمكن من إقناعهم بالحديث للكاميرا طلبوا اخفاء شخصيتهم الحقيقية، وهذا ما بدا واضحاً في التحقيق المصوّر، مشيراً إلى أن "فريق التحقيق قدم ضمانات لجميع من التقاهم بالتزامه بعدم افشاء شخصيتهم الحقيقية، أما الأشخاص الذين تم عرض وجوههم فكانوا –كما يؤكد- حموي من الشجعان جداً وقرروا كسر حاجز الخوف والتصريح بأنهم ظُلموا بطرد ذويهم، فمصابهم كبير ولا يوجد ما يمكن أن يصيبهم أكثر من ذلك". 

ونوّه حموي إلى رفض الطرف الرسمي وهو هنا "وزارة الداخلية" و"مديرية شؤون اللاجئين" الحديث في الموضوع نهائياً وبشكل قطعي لأن السلطات الأردنية –حسب قوله- تعتبر أن شؤون اللاجئين من الأمور السرية التي تتعلق بأمن الدولة ولذلك لم يرد أي طرف رسمي على كل الاستفسارات التي عرضناها". 

غير أن أكبر الصعوبات التي واجهت معدي التقرير –حسب حموي- "كانت في التواصل مع اللاجئين الذين طُردوا إلى سوريا" فالاتصالات -كما هو معلوم- شبه منقطعة وغير مستقرة أبداً مع الداخل السوري".

ويتابع محدثنا:"استطعنا التواصل مع الكثير من المقذوفين، ولكننا فقدنا الاتصال بهم لاحقاً بسبب المعارك في جنوب سوريا وانتقالهم على ما أظن إلى أماكن أكثر أماناً لا تتمتع بوجود الاتصالات من أي نوع من الأنواع". 

وحول اتهام التحقيق للمفوضية السامية صراحة بالتهاون في حماية اللاجئين المقذوفين وتركهم لمصائرهم وما هي أسباب التهاون، أوضح الصحفي "حازم حموي" أن "المفوضية تملك مكتباً للمتابعة في مخيم "رباع السرحان" الذي يتم طرد اللاجئين من خلاله إلى سوريا، ويفترض أنها تعلم بجميع حالات الطرد وينبغي عليها العمل على حماية جميع اللاجئين والحؤول دون طردهم". ويستدرك محدثنا "وثقنا عدداً من الحالات التي تم طرد أصحابها دون علم المفوضية، على الرغم من أن عملية الطرد تمت من خلال "رباع السرحان" وليس من مكان آخر، ولم نستطع الحصول على تفسير لهذه المفارقة هل الأمر هو مجرد تقاعس من موظفيها في مخيم مربع السرحان أم ماذا؟ وهل يتسربون من العمل؟ كلها –كما يقول- أسئلة لم تجب عليها المفوضية مكتفية بالقول إنها لا "تستطيع حماية البعض من اللاجئين السوريين ولا تعلم الى أي جهة تم ترحيلهم".

ولدى سؤاله عن دور موظفي الحماية في المفوضية الموجودين في مخيم "رباع السرحان" وكيف يمكن طرد لاجئ سوري بدون علمهم طلب "حموي" توجيه السؤال إلى المفوضية ذاتها واكتفى بالقول على لسان مسؤوليها بأن "المفوضية تجد صعوبة كبيرة في حماية بعض اللاجئين في حال كانت لدى الحكومة الأردنية تخوفات أمنية من هؤلاء اللاجئين". 

يلاحظ معدا التحقيق أن "جميع حالات الإبعاد لم تكن بقرارات قضائية وإنما بقرار إداري صادر عن إدارة شؤون اللاجئين أو مديريات الشرطة في مناطق سكناهم" وحول هذه الفكرة يوضح حموي قائلاً: "لا يوجد أي دور للقضاء الأردني في إبعاد اللاجئين السوريين".

ويضيف: "لم نستطع توثيق حاله واحدة تم إبعادها بقرار قضائي أو استطاعت اللجوء للقضاء للطعن في قرار الإبعاد"، منوّهاً إلى أن "قرار الإبعاد يُتخذ وينفّذ إدارياً من المتصرفية أو ممثليها"، وهو -حسب ما يؤكد محدثنا- "يمثل خرقاً واضح للقانون الأردني والتزامات الدولة الاردنية ممثلة بمعاهدة اتفاقية مناهضة التعذيب". 

وختم حازم حموي أن "الطرد الآن يمثل رعباً بالنسبة للاجئين السوريين، وسيفاً مسلطاً على رقابهم من قبل السلطات، وهو أمر يجب البت به بشكل نهائي وقطعي، وعلى الاقل –كما يقول- "يجب صون حق أي لاجئ في الدفاع عن نفسه أمام القضاء فنحن نحترم القانون ونتمنى أن يتم التعامل مع اللاجئين حسب القوانين المرعية.

و"حماية كاذبة" من إعداد وحدة الصحافة الاستقصائية في (راديو البلد) و(موقع عمان نت) بدعم من شبكة أريج (إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية). التي سبق أن أنجزت العديد من التحقيقات التي تلامس واقع اللاجئين السوريين وحياتهم اليومية.




فارس الرفاعي - زمان الوصل
(110)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي