قال الناطق الرسمي باسم "جيش الإسلام" إن الجيش "ذراع للمظلومين، وليس ذراعا لهذه الدولة أو تلك"، مؤكدا أن التشكيل الذي يقوده "زهران علوش" ليس وصيا على الناس، حتى يختار لهم شكل الحكومة وشكل الحكم الذي يريدونه.
وفي مقابلة أجرتها "وكالة الأنباء الألمانية"، تعهد "إسلام علوش" بأن يقوم "جيش الإسلام" بإخضاع سلاحهم لأي سلطة جديدة تتولى مقاليد الأمور عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وأبان "علوش": "إذا سقط الأسد، سواء تحقق ذلك عبر الحل العسكري أو عبر المفاوضات السياسية، سيكون سلاحنا خاضعا وبدون أي تحفظ للسلطة الجديدة، التي يشترط بها أن تحقق العدل وتنصف المظلومين وأن تحفظ أملاك وأرواح جميع المدنيين".
ورفض "إسلام علوش" بشدة توقعات البعض بأن تتحول سوريا في حال سقوط بشار الأسد ونظامه إلى ساحة أكثر اشتعالا بين المجموعات المسلحة المتصارعة، قائلا: "المكون الرئيسي في الثورة هو مكون معتدل ليس لديه مشاريع خاصة ومشروعه الأوحد إسقاط النظام".
وأكد المتحدث الرسمي إمكانية قبول وتأييد "جيش الإسلام" لحل سياسي ينهي الصراع بسوريا في إطار محاولات المبعوث الخاص "ستيفان دي ميستورا"، شريطة تحقيق مطلب "رحيل نظام الأسد ومحاكمة مجرمي الحرب".
إلا أنه عاد وألمح لعدم تفاؤله كثيرا لما يمكن أن تسفر عنه المفاوضات السياسية، مستدركا:"للأسف هناك فشل في بنية الخطة الأولية التي يقترحها دي مستورا، فهو لم يعتمد التمثيل المتوازن للمكونات الحقيقية للمنتفضين والثوار على الأرض.. وكذلك سعيه لإنقاذ النظام ولو جزئيا من خلال تشتيت صفوف الثوار بإضافة مكونات تتبع للنظام في صفوف الثورة.. فضلا عن طرحه لحلول سياسية رفضها النظام من البداية".
واستنكر "علوش" ما يطرح من قبل البعض حول أن أغلبية قيادات فصائل المعارضة المسلحة تفضل الحسم العسكري للأزمة؛ لأنه يضمن استمرار سيطرتهم على الأرض، وأكد أن مواصلة العمل العسكري "يعود للقناعة بأن النظام لا يريد التخلي عن السلطة أو التوصل لحل سياسي".
ورفض "إسلام علوش" إعطاء تصور تفصيلي عن نظام الحكم أو الحكومة التي ينشدوها "جيش الإسلام" حال سقوط نظام الأسد، وقال إنهم "ليسوا أوصياء على الناس، ليختاروا لهم شكل الحكومة وشكل الحكم الذي يريدونه".
وحول كيفية طمأنة الأقليات السورية،رد "علوش" "نُسأل فقط عن تصرفات جيش الإسلام الذي لم يتعرض لأي مكون من المكونات الاجتماعية.. أما بخصوص التطمينات فإننا نستنكر مجرد الفكرة التي توحي بأن في سوريا عدة شعوب وليس شعبا واحدا تعددت أطيافه.. موضوع التخوف على الأقليات طرح من قبل النظام الأسدي وروج له الإعلام الغربي، كما ساعدهم في ذلك التنظيمات التكفيرية التي هي صنيعة النظام".
ووصف "علوش" معركة القلمون بأنها "معركة بقرار خارجي ، تقودها ميليشيا الحزب الشيعي وبعض الميليشيات الأفغانية والعراقية ضد أبناء المنطقة بهدف تهجيرهم وطردهم من أرضهم، وبسط سيطرتها ونفوذها على مساحات جغرافية غير لبنانية؛ لجعلها مراكز تدريب لإرهابييها ومستودعات لصواريخها".
وأعرب عن الاستعداد للتعاون مع فصائل المعارضة التي ستخوض تلك المعركة، وفي مقدمتها جبهة النصرة رغم ما تردد عن وجود خلافات بينهما، موضحا:"التعاون بيننا وبين أي غرفة عمليات تقف في وجه النظام أو ميليشياته أمر واقع بحكم الأرض".
وانتقد "علوش" كثرة التفسيرات التي أعقبت إقامة "جيش الإسلام" استعراضا عسكريا للاحتفال بتخريج 1700 مقاتل أنهوا دورة تدريب عسكري في الغوطة الشرقية بريف دمشق، معلقا: "لقد كان عرضا لتخريج دورة جديدة من القوى العسكرية الثورية.. ولم يكن الأول، فقد سبقه 16 عرضا عسكريا، ولكنه كان الأبرز كنتيجة لتراكم الخبرات القتالية وامتلاك القدرات العسكرية النوعية".
وحول السر وراء إحجام النظام عن قصف الغوطة الشرقية وقت إقامة العرض، الأمر الذي أثار تساؤلات كثيرة وصلت لحد الاتهام بالتنسيق مع النظام، رد "علوش": "المكان الوحيد الذي لا يستطيع النظام قصفه بالبراميل المتفجرة هو الغوطة الشرقية، إذ أن جيش الإسلام يمتلك منظومة دفاع جوي تستطيع التعامل مع المروحيات، ولدينا ضباط يعملون عليها باحترافية عالية".
وتابع: "كما أن العرض جرى في معسكرات تدريب مغلقة لا يستطيع عملاء النظام الوصول إليها أو مراقبتها، بالإضافة لمجموعة من الاحترازات الأمنية التي لا يمكن كشفها".
وحول تقييمه لتنظيم "الدولة" وكيفية التعامل معه، قال: "داعش هو صنيعة المخابرات الإيرانية والسورية وبقاؤه مرتبط ارتباطا وثيقا ببقاء النظام خاصة فيما يتعلق بإمداده بالمال والسلاح، وعند سقوط النظام سيتلاشى بأسرع مما تتخيل.. فهذا التنظيم لا يمتلك عمقا في المجتمع السوري، بل هو طارئ عليه".
وأضاف: "جيش الإسلام تنبه لخطره (التنظيم) مبكرا، ولاحق عناصره، وقضى على وجوده بالكامل في دمشق ومحيطها، ولكن تخاذل بعض الفصائل والتسهيلات الكبرى المقدمة له من الأسد مكناه من الاستمرار والتوسع في بعض المناطق".
وأقر بحدوث نزاعات بين الفصائل المسلحة لأسباب تجارية بحتة كالسيطرة على مواقع تزويد القرى والمدن والمناطق بالمواد الغذائية، وقال :"لا أنكر حصول بعض المشادات أو المناكفات بين بعض الفصائل حول تلك الأمور.. ولكن هذا لا يحدث بين الفصائل المنضبطة التي تقوم على احترام القانون والالتزام الأخلاقي والديني وتحمل الهم الثوري".
وأشار إلى أن "القيادة العامة لجيش الإسلام في الغوطة تسعى لتحسين الأوضاع الاقتصادية والتجارية والطبية للمدنيين، وتسهم في إيجاد فرص عمل لهم ومحاولة تحقيق الاكتفاء الذاتي بالتعاون مع المؤسسات المدنية المختلفة".
ورفض "علوش" الاتهامات الموجهة لنظام القضاء الشرعي، وما يتعلق بتوظيفه للتخلص من معارضي جيش الإسلام وقائده، قائلا: "النظام القضائي في الغوطة نظام مستقل لا يتبع لأي فصيل، كما أن المنتسبين له والقائمين عليه مشهود لهم بالصدق والنزاهة".
وفي رده على تساؤل حول ما يتردد عن تلقي "زهران علوش" أموالا طائلة من السعودية؛ وهو ما قد يجعله راعيا لمصالح المملكة وأهدافها في "سوريا ما بعد الأسد"، أجاب: "جيش الإسلام علاقته جيدة مع جميع الأطراف الدولية التي تدعم السوريين وحقوقهم، لكن الإعلام والقوى المناوئة تصور الأمر بشكل مبتسر على أن جيش الإسلام ذراع لهذه الدولة أو تلك، نحن ذراع للمظلومين والمضطهدين".
واختتم "علوش" حديثه بالتأكيد على استحالة نجاح مشروع تقسيم سوريا، معلقا: "النظام لديه اليقين الكامل بعدم قدرته على استرجاع المساحات التي خرجت من تحت سلطته.. لذلك يقوم كل فترة بإعادة هيكلة خطوط دفاعه بما يتناسب مع خساراته الجديدة وبما يوائم شكل المنطقة المتبقية تحت يده.. والأسد وإيران يتوهمان بأن الحل ربما يكون في التقسيم، لكن هذا الأمر غير قابل للتطبيق فالسوريون لن يقبلوا بدولة مقسمة على أسس طائفية أو عرقية".
زمان الوصل - رصد
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية