أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من حصار إلى حصار.. فلسطينيو سوريا يعيشون "النكبة الجديدة"

مخيم اليرموك - عدسة شاب دمشقي

قالت مصادر من دمشق لـ"زمان الوصل" إن شبيحة نظام بشار الأسد يتقاضون رشى وأتاوات لمجرد إخراج الفلسطينيين من مناطق سيطرة النظام وخاصة من دمشق وريفها.

وأضافت المصادر أن كلفة تهريب الفلسطيني الممنوع من السفر والهجرة تصل لنحو 25 ألف ليرة مقابل تمريره من حواجز النظام ليصل إلى الحدود التركية في مناطق ريفي حلب وإدلب.

وكانت معاناة فلسطينيي سوريا قد ولدت إبان اندلاع ثورة الكرامة في آذار/مارس/2011، لكنها أخذت أشكالاً كارثية، إثر حصار فرضه نظام بشار الأسد منذ نحو 680 يوما، ولم يزل، دفع بمن تبقى لأكل القوارض والحيوانات وأوراق الأشجار، ورفع أسعار بعض السلع التي تدخل عن طريق تجار النظام لنحو جنوني، فربطة الخبز وصلت لنحو 7000 ليرة "أقل من 2 كلغ" وكيلو الأرز والبرغل والعدس لنحو 5000 ليرة سورية، ليشهد مخيم اليرموك كبرى مجاعات العصر الحديث بعد تهجير سكانه وموت 177 إنساناً جوعاً بحسب ما وثقت الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في مدينة غازي عنتاب التركية.

ويقول رئيس الهيئة أيمن فهمي أبو هاشم: "تشتد وتتضاعف تداعيات النكبة الثانية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، يوماً بعد يوم، ولازال المجتمع الدولي يقف صامتاً ومتفرجاً على مسلسل التدمير والقتل والتهجير منذ أربع سنوات، وإن استمر الحال، سنكون أمام نتائج دامغة على تصفية وجود أكثر من 540 ألف لاجئ فلسطيني كانوا يعيشون في سوريا، تعرضوا من نظام بشار الأسد، إلى أفعال غير قانونية تصنف في عداد الجرائم والانتهاكات الدولية، كان من محصلاتها خلال السنوات الماضية، تحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم لا يقل عن جحيم إخوتهم السوريين، بعد تدمير ثلثي مخيماتهم في سوريا بصورة شبه كلية، وإجبار أكثر من 300 ألف منهم على معايشة قسوة النزوح الداخلي.

*160 ألف مهجر من "اليرموك"
وكان مخيم اليرموك أكبر مخيماتهم قد نال النصيب الأكبر من تلك الأعداد، لاسيما بعد تعرضه للقصف من قبل قوات الأسد في نهاية العام 2012، ونزوح ما يقارب 160 ألفا من سكانه، ثم فرض حصار جائر على القلة التي بقيت بداخله، منذ أكثر من 680 يوماً، نجم عنها سقوط 177 ضحية بسبب الجوع، عدا عن الاستهداف اليومي لأكثر من 18 ألفا من سكانه المحاصرين بكافة وسائل القتل والتنكيل والتضييق.

وكانت مجموعة حقوقية معنية بمتابعة أوضاع اللاجئين الفلسطينيين قد أعلنت قبل أيام أن 80 ألف لاجئ فلسطيني فروا من سوريا منذ العام 2011 وحتى 29 أيار/ مايو الفائت. 

وقالت مجموعة "العمل من أجل فلسطينيي سوريا" في بيان صحفي نشرته السبت الماضي: إن "80 ألف لاجئ فلسطيني فروا من سوريا منهم 10 آلاف و687 لاجئا في الأردن، و51 ألفا و300 في لبنان، و6 آلاف لاجئ في مصر، وذلك وفق إحصائيات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا".

وأشارت المجموعة الحقوقية إلى أن ما لا يقل عن "27933" لاجئاً فلسطينيا وصلوا من سوريا إلى أوروبا خلال السنوات الأربع الأخيرة وأن عدد المعتقلين الفلسطينيين في سجون النظام بلغ 875 معتقلا، وأن 393 ضحية قضوا تحت التعذيب في سجون الأسد. 

*غرق 3500 فلسطيني
وتعقيباً على ما أتت عليه المنظمة الحقوقية يقول رئيس هيئة شؤون اللاجئين أبو هاشم: لا مفر، أمام الجوع والقتل، سوى الهجرة والمجازفة بالحياة، حيث اضطر قرابة 100 ألف لاجئ فلسطيني إلى مغادرة سوريا، والقسم الأكبر منهم ممن عانى مشكلات النزوح الداخلي، والتضييق الأمني والمعيشي الذي لاقوه في أماكن نزوحهم، مما اضطرهم إلى التوجه لدول الجوار ( لبنان –الأردن –مصر –تركيا)، وعندما بدأت هذه البلدان بوضع عراقيل قانونية وإجرائية أمام دخولهم إليها وإقامتهم فيها، اتجهوا إلى طرق الهجرة غير الشرعية، للوصول إلى أوروبا عن طريق الرحلات البحرية، التي أدت إلى غرق ما لا يقل عن 3500 لاجئ فلسطيني في أعماق البحر المتوسط، ومن خلال طرق برية يسيرون فيها عدة أيام وربما أشهر ويقطعون خلالها عدة بلدان حتى يصلوا إلى أوروبا.

وحول التباين بالأرقام أحياناً يبرر أبو هاشم: "رغم أن بعض المنظمات الحقوقية تتحدث عن أرقام أقل لمن غادروا الحدود من اللاجئين الفلسطينيين، غير أنني أعتقد من خلال رصدنا لدخولهم بصورة غير شرعية إلى تركيا، أن هناك تدفقا يوميا كبيرا يتزايد مع استمرار الأزمة الإنسانية في سوريا، مما يرشح تزايد أعداد الفارين حتى نهاية العام الحالي إلى 150 ألف لاجئ، ومع غياب أفق الحلول للكارثة السورية نحن أمام توقعات أخطر عن تضاعف تلك الأرقام الصارخة، التي لم تدفع مؤسسات المجتمع الدولي إلى بذل جهود حقيقة لوقف تلك الكارثة.

*قطع التمويل
أما عن أسباب عدم قدرة هيئة شؤون اللاجئين على متابعة ومساعدة اللاجئين الهاربين من سوريا، أو ممن تبقى تحت الحصار وخطر الموت يقول أبو هاشم: "رغم الجهود التي قامت بها الهيئة العامة لشؤون اللاجئين الفلسطينيين في الحكومة السورية المؤقتة، من أجل تأمين الدعم الإغاثي والإنساني للاجئين المتواجدين في مخيمات الداخل السوري أو النازحين إلى دول الجوار، غير أن ثمة صعوبات كبيرة تواجه عمل الهيئة، ومن أبرزها انقطاع التمويل عن الحكومة المؤقتة التي تعمل الهيئة ضمن نطاقها، منذ خمسة أشهر متواصلة، وهذا أدى بدوره إلى تراجع الخدمات الإغاثية التي كانت تقدمها الهيئة للعائلات وخاصةً منها الحالات الصعبة، إضافةً إلى ضعف تجاوب حكومات الدول التي يتواجد فيها لاجئون فلسطينيون مع مطالبات ومناشدات الهيئة بوقف الانتهاكات ومعالجة المشكلات التي يتعرضون إليها في تلك الدول، وتحاول الهيئة من خلال علاقاتها مع المنظمات الإغاثية العربية والتركية أن تشجع هذه المنظمات على دعم مجتمع اللاجئين الفلسطينيين، وهناك برامج إغاثية وتنموية وتعليمية ستنفذها الهيئة بالتعاون مع هذه المنظمات في الفترة القريبة، من أجل تلبية جزء من الاحتياجات المطلوبة، مع تصاعد الخط البياني لمأساة اللاجئين الفلسطينيين في سوريا".

ويتزامن قطع التمويل عن هيئة شؤون اللاجئين مع تملص المؤسسات والمنظمات الدولية عن مساعدة فلسطينيي سوريا التي أكد أبو هاشم تخليها عن مسؤولياتها حيال اللاجئين ممثلاً قيام وكالة (الأونروا) المسؤولة عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في قطع معونة السكن الشهري (100 دولار) التي كانت تقدمها لأكثر من 1100 عائلة فلسطينية سورية نازحة في لبنان، عدا عن تقلص خدماتها التعليمية والصحية والإغاثية، للاجئين الفلسطينيين في الداخل السوري، بحجة عجز موازناتها بسبب ضعف تمويل الدول المانحة.

ويختم رئيس هيئة شؤون اللاجئين الفلسطينيين: لا تقتصر المعاناة على فلسطينيي سوريا، بل تدهور الوضع الإنساني للاجئين الفلسطينيين في الأردن ومصر وتركيا، ممن يعانون من ضعف الدعم الإغاثي بكافة مجالاته، وكأن هناك حربا غير معلنة على اللاجئ الفلسطيني، لا نبالغ إذا قلنا إن هناك أجندات سياسية تقف خلف هذا التضييق بمختلف صوره القهرية، ففي لبنان الذي يضم 44 ألف فلسطيني سوري، نشهد بين الفينة والأخرى تقييدات جديدة على دخول الفلسطينيين إلى أراضيه، وعلى إقاماتهم وتحركاتهم وعملهم، وفي الأردن هناك منع صريح على دخولهم البلد منذ العام 2012، ويوجد فيه حوالي 10 آلاف لاجئ أغلبهم ينتحل صفة اللاجئ السوري ويتوارى عن أنظار السلطات الأردنية خشية الترحيل في حال افتضح هويته الحقيقية، وفي مصر التي دخلها أكثر من 5 آلاف لاجئ خلال عامي 2011 و2012، لم يبق منهم الآن أكثر من 2500 لاجئ، بسبب التقييدات المفروضة على إقامتهم، واتخذت السلطات المصرية بداية العام 2013 قراراً بمنع دخولهم أراضيها، ومؤخراً قامت تركيا التي يتواجد فيها قرابة 9 آلاف لاجئ فلسطيني، بترحيل 12 لاجئا فلسطينيا وإعادتهم إلى سوريا، في سابقة خطيرة، علماً أن تركيا التي تمنع دخولهم بصورة نظامية، كانت تغض الطرف عن دخولهم بصورة غير شرعية، هذا عدا عن التقييدات الكثيرة التي واظبت دول الخليج العربي على وضعها أمام دخول الفلسطينيين إلى دولها، وبكل وضوح لايزال الصمت على سياسات التمييز والتضييق التي يحصد اللاجئون الفلسطينيون أثمانها الباهظة، لا تترك لهم خياراً سوى سلوك دروب الهجرة إلى أوروبا، وتحمل مخاطر الموت المتوقع في كل لحظة كي يضمنوا لأبنائهم حياة آمنة وكريمة يفتقدونها اليوم كما لم يحدث لهم من ذي قبل.

زمان الوصل
(101)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي