أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مشروع "الدعم النفسي" يحاول إعادة البسمة لأطفال الرستن والنازحين إليها

أقيم في مدينة الرستن المحررة مؤخراً مشروع للدعم النفسي بتمويل من وحدة تنسيق الدعم في الحكومة السورية المؤقتة. 

ويستفيد من هذا المشروع الذي  يمتد لمدة 3 أشهر عشرات الأطفال في المدينة والنازحين إليها.

ويعيش أطفال المدينة ممن فقدوا أطرافهم جراء القذائف والصواريخ معاناة مختلفة عن غيرهم بسبب تغير نمط حياتهم وصعوبة التأقلم مع واقعهم الجديد.

ويتضمن المشروع، حسب مديرة مكتب رعاية الطفل والأمومة وذوي الاحتياجات الخاصة والمديرة التنفيذية للمشروع "مها أيوب"، العديد من النشاطات ومنها الحفلات والمسابقات والعروض السينمائية والمسرحية ومسابقات الرسم وغيرها من النشاطات.

وتضيف أيوب لـ"زمان الوصل" أن "نشاطات المشروع تتضمن كل ما من شأنه إسعاد الأطفال، وإعادتهم لأجواء الطفولة التي حُرموا منها على مدى السنوات الأربع الماضية في ظل الحرب والحصار المفروض على المدينة التي كان لأطفالها النصيب الأكبر في دفع ضريبة هذه الحرب".

ومن جانب آخر ألمحت مديرة مكتب الأمومة والطفولة إلى أن "نشاطات مشروع الدعم النفسي لا تقتصر على أطفال مدينة الرستن، بل تشمل الأطفال النازحين في أماكن نزوحهم سواء في المزارع أو الأماكن الخالية أو المدارس.


ماما أنا كنت بالجنة
وحول صدى هذا المشروع في نفوس الأطفال وأهاليهم أشارت أيوب إلى أن "مشروع الدعم النفسي في الرستن كان بمثابة نقطة مضيئة في ليل حالك الظلام أدخل الفرح والسرور إلى نفوس نسيت السعادة والفرح منذ قرابة 5 سنوات، وكان الجميع أطفالاً وكباراً ومعاقين –كما تقول- متفاعلين ومنسجمين مع أنشطة المشروع. 

ومن الصور التي تدل على الصدى الإيجابي لهذا المشروع –حسب محدثتنا– الكلمة التي اكتفت والدة الطفلة غادة عند انتهاء الحفل، وإعادة ابنتها للمنزل "أنا بشكركن كرمال هالأبتسامة اللي رسمتوها على شفايف بنتي".

التزام السرية في إقامة المناشط
كأي مشروع إنمائي وإنساني واجه مشروع الدعم النفسي الكثير من الصعوبات والمعوقات ويأتي على رأسها -كما توضح أيوب- مخاطر القصف والغارات التي باتت تشكل هاجساً يخيف فريق المشروع والأهالي، لكون أعداد الأطفال كثيرة وهم يُعتبرون صيداً دسماً لقوات نظام الأسد التي تستهدف دون رحمة أي تجمع للأطفال والمدنيين، وبخاصة أثناء تواجد أطفال المدارس أوقات الدوام الرسمي. 

وتضيف أيوب أن "فريق المشروع تغلب على استهداف نظام الأسد لمراكز الأطفال في الرستن بالتزام السرية في إقامة المناشط، حيث يتم إعلام الأهل قبل يوم واحد فقط دون تحديد المكان الذي سوف يتواجدون فيه أثناء النشاط وإنما يتم دعوتهم إلى المكتب أولاً، مع التكتم على نشر أي معلومة تخص المشروع حتى لحظة الانتهاء من التجهيز له، إضافة إلى تعمّد تغيير أماكن الأنشطة وساعات إقامتها في اليوم الواحد، كما كان الأمر تماماً أيام المظاهرات السلمية.

وتردف بأنها معاناة مختلفة عن غيرهم بسبب تغير نمط حياتهم وحول كيفية تعامل فريق المشروع مع الأطفال الذين فقدوا أطرافهم من جرّاء القذائف والصواريخ وخاصة بالنسبة لمتابعة دراستهم وإدماجهم في المجتمع من جديد.

وتعتبر مديرة مشروع الدعم النفسي أن التعامل مع هذه الفئة صعب وحساس جداً، وبخاصة أن الكثير من هؤلاء الاطفال –كما تقول- غير قادرين على استيعاب موضوع بتر أطراقهم، بل تراههم رافضين لهذا الواقع ومزاجيين، يؤثرون العزلة والابتعاد عن أقرانهم.

وتقول أيوب:"آلى فريق المشروع على نفسه أن يتقرب من هؤلاء الأطفال لإعادة الثقة إلى أنفسهم، وإفهامهم بأنهم حتى لو فقدوا جزءاً منهم فهناك بدائل وبالتالي سوف تستمر حياتهم طبيعية متل أقرانهم.
وتنوّه مها أيوب إلى أن "فريق المشروع عمل على تركيب أطراف لهؤلاء الأطفال وتزويد بعضهم بكراسٍ متحركة يستطيعون التنقل بها، كي يتمكنوا من الذهاب إلى المدرسة مع أقرانهم، وممارسة حياتهم بشكل طبيعي.


الطيران وسماء المدينة
وحول مدى اختلاف هذا المشروع عن غيره من المشاريع الإنمائية في المناطق المحررة أكدت أيوب أن تميّز مشروع الدعم النفسي في الرستن عن غيره من خلال استهدافه لكل الفئات العمرية الكبار والأطفال، إضافة إلى فئة خاصة هم ذوو الاحتياجات الخاصة، رغم أن مشاريع الدعم النفسي تستهدف الأطفال عادة، وهنا -كما تقول- يكمن الفارق الأعم والأبرز، ويختلف أطفال الرستن عن غيرهم، كما تبيّن مديرة المشروع، لكونهم ينتمون لمدينة منكوبة ومحاصرة منذ أكثر من 4 سنوات، وهم شبه منقطعين عن العالم الخارجي ومحرومين من أبسط متطلبات الحياة، عدا عن الضغوط النفسية الشديدة التي تواجههم نتيجة القصف والطيران الذي لا يغادر سماء المدينة". 

وتابعت مديرة المشروع إن "أحلامنا كبيرة فيما يخص تنفيذ مثل هذه المشاريع، لكن واقعنا صعب ويفرض علينا القبول بالواقع والتكيف من خلاله، ومع هذا استطعنا الوصول إلى قلوب الناس وإدخال السعادة إلى قلوبهم، ورسم الابتسامة على شفاههم كما استطعنا بإمكانيات بسيطة، وفي ظل ظروف قاهرة واستثنائية أن نعيد شيئاً من أحلام الأطفال المسروقة وذكرياتهم تحت انقاض منازلهم التي تهدمت".

بدوره اعتبر الناشط الإعلامي "أبو ريان الرستن" أن تجربة المشروع أعادت للأطفال المعوقين والنازحين طفولتهم الضائعة بعد أربع سنوات من الحرب والقتل والحصار والدمار، واستطاع فريق العمل برئاسة الآنسة مها أيوب أن يخرج هؤلاء الأطفال من عتمة منازلهم ومن ظروف إعاقتهم ونزوحهم إلى النور ويعيد البسمة إلى شفاههم وإلى شفاه ذويهم.

فارس الرفاعي - زمان الوصل
(158)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي