قال مصدر في "القضاء الموحد" بغوطة دمشق، إن استمرار زج المعتقلين في سجون "جيش الإسلام" راجع إلى عدم امتلاك "القضاء الموحد" سجونا "كافية"، مؤكدا أن آخر الحملات التي شنت في الغوطة، بقيادة جيش الإسلام ومشاركة فصائل أخرى، شملت اعتقال نحو 1800 شخص، ولذا تم اللجوء إلى إيداع السجناء لدى الفصائل الثلاثة الكبيرة (جيش الإسلام، فيلق الرحمن، أجناد الشام).
وأوضح المصدر لمراسل "زمان الوصل" في الغوطة إنه تم الإفراج عن كثيرين ممن لم يثبت تورطهم بجرم كبير، أو ممن أنهو فترة حكمهم خلال التحقيق، وبقي البعض ممن صدرت بحقهم أحكام تتراوح بين السجن الطويل والإعدام.
كلام المصدر القضائي، جاء في وقت شهد جدلا واسعا حول المقطع المصور الذي وثق مظاهرة في سقبا شاركت فيها النساء، وخرجت للمطالبة بالإفراج عن "معتقلين" في سجون "جيش الإسلام"، وهو ما حاول المراسل أن يستقصي حقيقته على الأرض.
* لن نتراجع عن أحكام القضاء
شهدت بلدات الغوطة بالفعل إفراجا عن عدد من تم زجهم في السجون، خلال حملات مختفلة، وقد أعقب ذلك أحاديث تم تناقلها ببين فئة من أهالي سقبا، تشير إلى خروج بعض المعتقلين وهم يحملون آثار تعذيب على أجسادهم؛ ما ساعد على ترويج مقولة مفادها أن سجن "الباطون" التابع لجيش الإسلام لا يختلف أن أي فرع جوية تابع للنظام، في أسلوب معاملة السجناء والتحقيق معهم وتعذيبهم.
إثر ذلك، تحركت أسر معتقلين وبدأت بتنظيم مظاهرات أسبوعية للمطالبة بأبنائهم، وتحت ضغط المتظاهرين المنصب على الإعلاميين بالذات، تم عقد عدة لقاءات بين أشخاص من المتظاهرين، وعدد من وجهاء مدينة سقبا من جهة، وممثلين عن "جيش الإسلام" و"القضاء الموحد" من جهة أخرى، طرحت خلالها مطالب باسم الأهالي للسماح لهم بزيارة أبنائهم، وتم قبول الطلب، والسماح للأهالي بزيارة أبنائهم، حسب ما أخبرنا مصدر في "جيش الإسلام"، مؤكدا أن الأهالي رفعوا طلبا جديدا يدعو بالإفراج عن المعتقلين بتهم "خفيفة"، وتم للأهالي ما أرادوه أيضا.
ومع ذلك استمرت المظاهرات الاحتجاجية، التي قال "وفد سقبا" إنه لا يستطيع إيقافها؛ لأن المتظاهرين أناس مفجوعون بأبنائهم، فتم عقد لقاء ثالث، طالب خلاله "وفد سقبا" بالإفراج عن جميع معتلقي البلدة بمن فيهم من صدرت بحقه أحكام إعدام، داعين إلى تجميد هذه الأحكام، وهو ما رفضه الطرف الآخر (جيش الإسلام والقضاء الموحد) رفضاً قاطعا، مظهرا إصرارا على تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة؛ ما دفع المتظاهرين للتصعيد، ورفع سقف هتافاتهم لتطال قيادة جيش الإسلام والقيادة الموحدة في الغوطة الشرقية.
وحول أحقية مطالب المتظاهرين، قال مصدر في جيش الإسلام لـ"زمان الوصل" إن أي أم لا يمكن أن تقر بأن ابنها "مفسد"، مذكّرا بأن الأحكام التي صدرت بحق هؤلاء صدرت عن القضاء وليس عن جيش الإسلام.
واعتبر المصدر أن من حق الأهالي أن يتظاهروا، و"نحن نقدر أنهم أهل مفجوعون بأبنائهم؛ لذا نتحمل الكلام مهما علا سقفه، ولكننا لا يمكن أن نتراجع عن أحكام القضاء".
وقام مراسل "زمان الوصل" بجولة استطلع فيها أراء بعض أهالي "سقبا"، ليجد أن معظم من تم سؤاله لم يصله خبر المظاهرة الأخيرة، فيما قال البعض إن من يتظاهرون هن نسوة اعتدن على الخروج كل أسبوع للمطالبة بأبنائهن.
* 3 حملات كبرى
قام مراسل "زمان الوصل" بما يمكن اعتباره "كشف حساب" لأهم الحملات التي شنها "جيش الإسلام" وفصائل أخرى في الغوطة، خلال الأشهر الأخيرة، والتي صاحبها ارتفاع في وتيرة الاعتقالات، بداية من الحملة ضد تنظيم "الدولة"، مرورا بالحملة ضد "الأنصار" و"جيش الأمة".
فقد تصدى "جيش الإسلام" للقيام بحملة ضد تنظيم "الدولة" في الغوطة، نأت معظم الفصائل عنها بداية، ثم شاركت فيها لاحقا، وخلال هذه الحملة حدثت عمليات اعتقال كان يتم زج المعتقلين فيها والتحقيق معهم ضمن أشهر سجون "جيش الإسلام"، المعروف باسم "سجن التوبة.
وبعد قضاء "جيش الإسلام" على "الدولة" داخل بلدات الغوطة الواقعة تحت سيطرته، ظهر تنظيم "الدولة" بوجه ومسمى آخر تحت اسم "الأنصار"، وقد تم "استئصاله" بمشاركة جيش الإسلام وجبهة النصرة في الغوطة، التي مثلت رأس الحربة في المعركة ضد "الأنصار".
وبما إن الثقل الأكبر لتنظيم "الأنصار"، كان في بلدتي "سقبا" و"كفر بطنا"، فقد كان من الطبيعي أن يكون نصيب البلدتين من الاعتقال كبيرا، ضمن حملة "الاستئصال"، علما أن التقديرات تشير إلى أن لمجموع الكلي لمقاتلي التنظيم كان يقارب 500 عنصر.
وفي بداية 2015، أطلق "جيش الإسلام" حملة سماها "تطهير البلاد من رجس الفساد"، مبتدئا بقتال "جيش الأمة" واعتقال عدد من قياداته وعناصره، بتهم مختلفة على رأسها العمالة والفساد بأنواعه، ولأن "جيش الأمة" كان مرتبطا بأكثر من كتيبة وفصيل في الغوطة الشرقية، فقد جرت عمليات الاعتقال في عدة بلدات، واستهدفت عناصر رفضوا تسليم أنفسهم لـ"جيش الإسلام".
وتعد هذه الحملات من أكبر الحملات التي شنها "جيش الإسلام" مع فصائل أخرى داخل الغوطة، وهي الحملات التي أدت تكدس السجناء والمعتقلين، وعدم قدرة سجون "القضاء الموحد" على استيعابهم.
* عن الشريط
شهدت بلدة سقبا قبل يومين (بتاريخ 29 -5 -2015) مظاهرة خرج فيها عدد من أهالي البلدة طالبوا فيها بمعتقليهم، وبنداء يقول: "بدنا المعتقلين"، ورفعت خلال المظاهرة لافتات عدة تنتقد بعضها "الظلم" الذي مارسه "جيش الإسلام" في الغوطة.
وقد نادى المتظاهرون خلال تجمعهم بإسقاط زهران علوش قائد القيادة الموحدة، وقائد جيش الإسلام، ولاحقا دارت أحاديث حول اقتراب تنفيذ أحكام الإعدام بحق اثنين من المعتقلين، وهو على ما يبدو السبب الرئيس الذي رفع مستوى الاحتقان لدى المتظاهرين.
وقبل نهاية المقطع انبرى رجل كبير في السن، مخاطبا "زهران" ومتسائلا إن كان يرضى وقوف النساء في الطريق بهذا الشكل، مؤكدا أن أهل الغوطة انتفضوا ضد بشار، ومازالوا ضده، وانهم ليسوا ضد "زهران علوش"، خاتما بالقول: "نحنا أهل.. أهل الغوطة أهل".
غوطة دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية