أكمل قيادي جهادي سلسلة "انطباعاته" حول الرجل القوي في تنظيم "الدولة" الملقب "حجي بكر"، منوها بأن الأخير كان له دور مؤثر جدا في ثني زعيم التنظيم "أبو بكر البغدادي" عن الاستجابة لطلب الانسحاب من سوريا، وفك عرى ما سمي "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، وهي الدعوة التي وجهها زعيم القاعدة "أيمن الظواهري" في رسالة صريحة.
وأكد القيادي الذي يكتب تحت اسم "أس الصراع في الشام" أن ما ذكره عن "حجي بكر" هو مما عاينه بنفسه، وليس مما نقله الثقات، مضيفا: "الذي شجعني على ذلك (سرد انطباعات حول حجي بكر) تقرير مجلة دير شبيغل عنه، والجدل الذي أثير حول عمالته".
وتابع "أس الصراع": "قبل شهرين من دخول البغدادي إلى الشام كثرت الشكاوى عليه (على حجي بكر) من قاطع حلب حيث كان هو نائب أمير حلب، وعمليا مقاليد الأمور بيده فاستطاع أن يبني مجموعة من اللوبيات داخل حلب وخاصة تل رفعت، حصنته من أي مكالبة بعزله واستغل بساطة الشباب هناك ومارس عليهم خبرته التنظيمية والسياسية".
وكشف "أس الصراع" أنه كان من ضمن من شكا تصرفات "حجي بكر" إلى "البغدادي"، عندما دخل الأخير سوريا، فرد "البغدادي" طالبا أن يدعوا أمر "حجي بكر" له، وبالفعل سحبه من حلب، ومع ذلك استمرت زيارات "حجي بكر" للمقرات.
وأبان "أس الصراع" أن "حجي بكر" استغل جماعات الضغط التي شكلها (اللوبيات) وأقنعهم بمبايعة تنظيم الدولة عقب الإعلان عنه، وهكذا فقدت التنظيمات الجهادية "أكثر من نصف حلب وكثيرا من السلاح والمال".
وحول قرار زعيم القاعدة "الظواهري" في الصراع الذي نشب بين "الدولة" و"النصرة"، ومدى أحقية "الدولة" وزعيمها بالسيطرة على قرار ومقدرات "النصرة"، وحكمه بأن لا ولاية للتنظيم على النصرة، وأن على "البغدادي" حل دولة العراق والشام، والاهتمام بساحة العراق، قال "أس الصراع": "لما أتى رد الشيخ الظواهري تواتر عندي خبر قرار البغدادي أنه حمل أمتعته وقرر العودة للعراق والانصياع للقرار، ولكن هنا أتى دور حجي بكر بالإضافة للأنباري، فالذي وضع مخطط رفض القرار هو حجي بكر وطلب من الأنباري أن يسبغ على ذلك الشرعية".
ومن الواضح أن عدم استجابة "البغدادي" لما طلبه "الظواهري" كان لها تأثير كبير على شق صفوف التنظيمات الجهادية، ونشوب اقتتال حاد أريقت فيه دماء كثيرة، ووفر جوا مناسبا للنظام لاسترداد بعض أنفاسه، وقلب معادلة تأخره في كثير من المناطق.
وسرد "أس الصراع" خطة التحايل على قرار "الظواهري" كما رسمها "حجي بكر"، ومفادها نشر فكرة بين عموم عناصر التنظيم تقول إن رسالة الظواهري "مزورة"، وإن سئل أحد القيادات عن الرسالة يجيب بأن الأمر سري ولا علم لي به وهو من اختصاص مجلس الشورى، وبينما كان العمل على هذا المحور قائما، كان "حجي بكر" والمؤثرون داخل التنظيم يدرسون الرد على رسالة "الظواهري"، فقسموا أتباعهم إلى ثلاثة أصناف: صنف يقال لهم بأن الرسالة مزورة، وقسم من "الخواص" يقال له إن الرسالة صحيحة، وإن التنظيم سيكتب ردا عليها، وقسم آخر يقال له إن الرسالة فيها مخالفات شرعية وشق صف الجماعة، وإنه يجوز لأهل الحل والعقد مخالفة قرار أميرهم إن رأوا مفسدة في قراره.
وأضاف "أس الصراع": "في هذه الأثناء بدؤوا حملة منظمة لإسقاط الشيخ الظواهري، وهنا أخذت العملية شهرين وأتباعهم ينتظرون، حتى خرج العدناني (المتحدث الرسمي باسم التنظيم) في كلمته المعروفة ورفض القرار، فقد كانوا هيأوا الرأي العام الداخلي لقبول كلمة العدناني، وبالفعل لم يعد إلى النصرة إلا القليل (من العناصر) بعد هذا الانتظار، ونجحت خطة حجي بكر، ثم أكملوا الخطة بإسقاط تنظيم القاعدة كما اشتهر وفق جدول زمني منظم".
ونوه "أس الصراع" بأن "حجي بكر" استشرف قيام فصائل الشمال ضد تنظيم "الدولة"، ولذلك عمد الرجل وقبل 6 أشهر من معارك التنظيم مع الفصائل إلى عقد اجتماع لبحث مكان الانسحاب المحتمل للتنظيم إن خسر مواقعه في حلب.
وأضاف: "دار الحديث (خلال الاجتماع) عن خيارين: البادية والرقة، واختاروا البادية كمعقل خلفي لهم والرقة مؤقت؛ لأنهم وضعوا في حسبانهم سقوط الرقة، وبالفعل مازالوا مسيطرين على البادية التي هي عقدة ومربط سوريا وفصلوا الشمال عن الجنوب والشرق عن الغرب، وهذا كله من تخطيط حجي بكر".
وانتقل "أس الصراع" إلى موضوع آخر، حين قال بأن لديه معلومة عن أن "حجي بكر" كان في بلد أوروبي قبل قدومه إلى سوريا، مرجحا أنه "إيرلندا"، مضيفا: "أما مسألة وجود جواز سفر إيراني معه، فلا أنفيها ولا أثبتها ولا أستبعدها فمسألة التزوير سهلة على التنظيم".
وختم "أس الصراع": "كان حجي بكر يظهر غلظته على الرافضة ويتفنن في تكفيرهم بطريقة توحي لك أنها مصطنعة بعض الشيء، كما حاله في مسائل التكفير بشكل عام".
وفي وقت سابق، كتب "أس الصراع" الجزء الأول مما سماه "انطباعاتي مع حجي بكر"، موضحا أنه التقى بالرجل قرابة 10 مرات، وواصفا "حجي بكر" بأنه " ذكي، خبيث، داهية، مخطط استراتيجي نوعي".
وكشفت تعليقات "أس الصراع" جوانب عدة من شخصية "حجي بكر" وتأثيره القوي في التنظيم، وحتى في من حوله من الأشخاص خارج التنظيم، وهو التأثير الذي منحه كلمة الفصل لإلغاء هجوم مقترح على النظام في قلب دمشق.
وعاد الحديث بقوة عن الضابط العراقي السابق "سمير عبد خليفاوي" (حجي بكر)، بعد أن نشرت المجلة الألمانية "دير شبيغل" مجموعة مخطوطات مكتوبة بيد الرجل، أظهرت حرصه على بناء تنظيم "مافيوي استخباراتي" لايقيم كثير وزن للدين، عندما يتعارض مع مصالحه.
ويعد "أس الصراع" واحدا من أبرز المنظرين الجهاديين الناشطين على الشبكة ومواقع التواصل، وله مشاركات وآراء في مختلف ما يجري على الساحة السورية، أو ما يتعلق بها.
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية