في مدينة دمر أحياء واسعة منها، وقتل وهجر من أهلها مئات الآلاف، سعى النظام لإرجاع عقارب ساعة تسلطه على الناس، عبر إصلاح ساعتها، معتبرا أن عودة "الساعة" تشكل ذروة عودة الحياة إلى مدينة لم يعد فيها من ناسها الذين تعرفهم الأبواب والشابيك وتصافحهم الأزقة والدروب، سوى القليل!
تلك هي باختصار قصة آخر "قصص" النظام، مع مدينة حمص، ومع ساعتها تحديدا، التي أعلن أن عقاربها ستعود إلى الدوران، فيما كل ما حولها تقريبا يوحي بالجمود.. جمود الموت، جمود البيوت الخالية، جمود قلوب ومشاعر من استوطنوا حمص، فردوا جميل احتضانهم بـ"حملات تطهير" تركت المدينة تحت وطأة لون واحد وصوت واحد.
وفيما كان النظام يحضّر لـ"إذهال" مواليه بمفاجأة عودة الساعة إلى الحياة، جاءت ردود أفعال معظم هؤلاء مغايرة لتوقعاته، بعد أن طحنهم نظامهم برحى حربه الشخصية، وجعلهم يحسون بالخوف من كل ما حولهم، وهم الذين تبعوه و"بايعوه" على إخافة كل ما حولهم، وتطويعه.. وإلا!
بعض تذمر الموالين مبني على انتقادهم تبذير الملايين في إصلاح ساعة، فيما الخدمات العامة شبه غائبة، والضروريات عزيزة، وبعضه متدثر بعبارة "مو وقتها"، لاسيما أن زمنه مضبوط حاليا على ما سماه رأس النظام "نكسات"، والبعض الآخر متذمر فقط لأن الساعة بالنسبة لهم رمز "للفورجية" و"الإرهابيين"، الذين اعتصموا فيها ذات يوم، فجابههم الأمن بالورود وقضى على المئات منهم!.
إنه التذمر ولاشيء غيره حيال الساعة، حيال أي شيء يشير إلى "التقدم" حتى ولو كان مجرد عقارب، فهل كان لهذا التذمر أن يطل برأسه لو تعلق الأمر بترميم صنم حافظ، حتى ولو أنفق عليه بشار كل ما تبقى في خزينة البلاد؟
ولكن احتفالية الساعة "مقررة"، ولن يعدم النظام حشد مواليه المتذمرين حول ساعة "متحركة" وسط مدينة "جامدة"، كما لم يعدم طيلة عقود حشد معارضيه في مسيرات "عامرة" وسط بلد "خرب".
إيثار عبدالحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية