التقيت به بينما كان يقوم بإخراج قذائف الهاون ذات الوزن الثقيل من داخل المستودع المظلم على الرغم من إصابته في قدمه اليمنى ليضعها في صندوق سيارته المثخنة بالشظايا، وعلى الرغم من أن سيارته أقل من أن تلفت انتباه أحد، فالمرايا وزجاج النوافذ حطمها ضغط قذيفة سقطت بالقرب من السيارة والسير في الطرق الجبلية التي تميز جبل الأربعين في ريف إدلب والمليئة بالشظايا قد أكلت عمر الإطارات، أما باب صندوق السيارة فقد اضطر أن يستغني عنه من أجل زيادة مساحة الصندوق لاستيعاب قدر أكبر من القذائف، إلا أنها محببة لديه كثيراً وغالباً ما يخاطبها بـ"الأصيلة" فهي وعلى الرغم من قدمها لم تخذله يوما كما وصفها.
ملامح وجه "مالك" كانت تدل على تعب وإرهاق شديدين فالعرق يتصبب من جبينه على لحيته الحمراء، إلا أن الابتسامة لم تفارق وجهه لحظة واحدة فالمعركة هذه المرة لن تكون كسابقاتها "هذه المرة سنحرر أريحا بإذن الله" هذا ما كان يحدث به نفسه بصوت خافت، مدينته أريحا التي خرج منها قبل نحو ثلاثة أعوام.
مهمة مالك الأساسية هي تزويد النقاط بما ينقصها من ذخيرة لكنه اليوم يرفع همم المقاتلين ويتفقد طعامهم وشرابهم ويشحذ هممهم.
أصوات مدافع الهاون ومدافع "جهنم وجحيم" تعصف بالمكان من التلة التي نصب فيها مقاتلو "جيش الفتح" والمشرفة على حواجز الفنار وكوع الحطب والجمعيات وحاجز بثينة.
وبعد مضي أقل من ساعة من بدء هجوم "الفتح" على تلك الحواجز تمكن المقاتلون من السيطرة على تلة "معر طبعي" وتل بثينة، ولا تزال الاشتباكات مستمرة في محاولة للسيطرة على باقي الحواجز والتي تعتبر خط الدفاع الأول عن مدينة أريحا.
وبدت قوات النظام متهالكة ومنهكة بعد الهزائم التي منيت بها خلال الأيام الماضية ما يعطى أفضلية للثوار في معركتي الأربعين وأريحا.




سليمان الأحمد -إدلب -زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية