أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

كواليس دخول "الدولة" مخيم اليرموك بتحالف مع "النصرة"

عناصر التنظيم في مخيم اليرموك - صور بثها التنظيم

أفرزت الأحداث الأخيرة في مخيم اليرموك عقب سيطرة تنظيم "الدولة الإسلامية" على معظم مساحته تضاربا في الرؤى والتحليلات حول الدوافع الكامنة وراء هذا العمل.

وقد يكون موقف "جبهة النصرة" المتحالف مع تنظيم "الدولة" في هذا الموقع -رغم إعلانها الحياد- أثار استغرابا من قبل المتابعين للشأن السوري، لا يقل في جلبته عن الحدث الأساسي وهو اقتحام التنظيم للمخيم، إلا أن شعور كلا التنظيمين بالتهديد الوجودي في جنوب العاصمة قد يكون السبب الأساسي وراء هذا التحالف.

فبعد طرد تنظيم "الدولة" أواخر العام الماضي من بلدات في جنوب دمشق وانحساره في الحجر الأسود، سار على نفس الخطى تنظيم "النصرة"، والذي لقي مصيرا مشابها منتصف شهر آذار الماضي بعد طرده من بلدات "بيت سحم" و"ببيلا" و"يلدا"، ويقتصر وجوده بعدها على مخيم اليرموك، والذي يهيمن على مساحات واسعة منه "كتائب أكناف بيت المقدس" حيث تسود علاقة متوترة -منذ زمن- بينها وبين "النصرة".

يرى مراقبون أن تحالف "النصرة" مع "الدولة" أمر لا يبدو مستغربا، في سبيل الحفاظ على كينونة هذين التنظيمين، سيما بعد هيمنة اتفاقيات المصالحة مع النظام على المنطقة، والتي بدأتها بلدات "يلدا" و"ببيلا" و"بيت سحم"، إضافة إلى سير منطقتي "القدم" و"العسالي" بهكذا اتفاقيات -رغم تعثرها حتى الآن -ومؤخرا وليس بجديد "مخيم اليرموك" تحت اسم "تحييد المخيم عن دائرة الصراع"، كما احتوت مسودات مشاريع المصالحات في جميع هذه البلدات والأحياء الآنف ذكرها على قاسم مشترك في بنودها ومن ضمنها "طرد التنظيمات التكفيرية من مناطق المصالحات مع النظام"، في إشارة واضحة إلى تنظيمي "الدولة" و"النصرة".


وتشير الدلائل إلى أن "اتفاق تحييد المخيم" كان سيرى النور شهر نيسان الجاري حسب تأكيدات سفير السلطة الفلسطينية في دمشق "أنور عبدالهادي"، وينص الاتفاق في بعض بنوده على إدخال قوة تابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية برعاية "كتائب الأكناف" لحماية المخيم وضمان تحييده، وهو أمر قد يثير حفيظة "النصرة"، ويطرح تساؤلات حول مستقبلها في اليرموك، إضافة إلى تهديد قد يبدو ماثلا على مستقبل تنظيم "الدولة" في الحجر الأسود المجاور، والذي تتداخل أحياؤه مع مخيم اليرموك، حال تنفيذ اتفاق تحييد المخيم، وانتشار القوات الفلسطينية على مداخله وفي أحيائه.

"ضربة استباقية" من قبل "الدولة" و"النصرة" لما هو متوقع حدوثه، بالإضافة إلى كونها فرصة للتخلص من العدو والخصم التقليدي لكلا التنظيمين (كتائب الأكناف)، قد يكون ذلك وصفا قريبا -حسب تعبير أحد ناشطي المخيم -سيما بعد تصاعد الدعوات القادمة من الخارج لطرد "النصرة" من اليرموك، مترافقا مع بذور حراك داخلي -خجول- تمثل في الشهر الماضي بنشر ملصقات على جدران المخيم، تدعو إلى طرد "النصرة" خارجا على اعتبار أنها أحد المعرقلين لتوقيع اتفاق تحييد المخيم وعودة الأهالي إليه وإنهاء مأساتهم.

لايبدو من ضمن استراتيجيا تنظيم "الدولة" السيطرة الدائمة على اليرموك، فبعد مرور نحو ١٠ أيام من سيطرته على المخيم، لم يقدم التنظيم على فتح مقرات دائمة له هناك، بل كانت عبارة عن غرف عمليات"، لإدارة المعارك ضد كتائب الأكناف، كما أفادت معلومات عن سحب التنظيم لعدد كبير من مقاتليه خارج المخيم، وتسليم النقاط لجبهة "النصرة" و"حركة أحرار الشام"، وذلك تمهيدا لانسحاب كامل له بعد أن بات المخيم منطقة "آمنة" للتنظيم وضمان تحييد خطر "الأكناف" التي كانت فيما مضى في صراع دام ضد التنظيم.

جميع هذه المعطيات قد ترسم صورة واضحة لتسلسل الأحداث والدوافع التي أدت إلى تحالف بين تنظيمين عقديين تسود بينهما علاقة اقتتال في مناطق أخرى، إلا أن الخطر المحدق بوجودهما في جنوب دمشق ووحدة المصير -من وجهة نظرهما- دفع بهما إلا الترفع عن خلافهما الفكري والتنظيمي.

وشهد مخيم اليرموك بعد اقتحام مسلحي تنظيم "الدولة" له بداية هذا الشهر قصفا عنيفا بالبراميل والصواريخ من قبل قوات النظام.

وأفاد مراسل "زمان الوصل" بتراجع حدة القصف والعمليات العسكرية خلال اليومين الماضيين، ويعزو ناشطون هذا الانخفاض إلى مطالب "منظمة التحرير الفلسطينية" للنظام بالتوقف عن القصف ورفضها لأي عمل عسكري في المخيم مقابل البحث عن سبل لإدخال المساعدات الإنسانية، وذلك بعد تصريح سبقه لعضو في المنظمة نفسها (منظمة التحرير) طالب فيه بحل عسكري لاستعادة المخيم من تنظيم "الدولة الإسلامية".

أبو عبدالله الحوراني -دمشق -زمان الوصل
(105)    هل أعجبتك المقالة (161)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي