أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حوار الرئيس السوري بشار الأسد مع حمدي قنديل

بعد الانتصار الحاسم للمقاومة في لبنان وأقول الانتصار الحاسم وتقول الصحف الأجنبية ومنها الايكونومست إن حزب الله كسب الحرب في الوقت الذي تشكك صحف عربية في هذا الانتصار.


بعد الانتصار الحاسم للمقاومة في لبنان، وتعلق أبصارنا وقلوبنا بلبنان قلب المقاومة أظن أنه كان من البديهي التوجه إلى سوريا قلب الممانعة باللغة السياسية للتعرف على رأي الرئيس السوري بشار الأسد، ونحن نتكلم عن الانتصار الحاسم للمقاومة في لبنان أسموه «منعطفاً تاريخياً».


* سؤالي لسيادة الرئيس بشار الأسد هل انتصار المقاومة في لبنان مفصل تاريخي أم هبة وسترجع في النهاية كما كانت ؟


ـ أهلا وسهلا بك في سوريا ، كل شيء جديد يحصل لأي دولة أو أي شعب لأول مرة في التاريخ هو تاريخي وعندما تقول مفصلا تاريخيا علينا أن نحدد أين يذهب بنا هذا المفصل، غزو العراق ..


مفصل تاريخي لكن هل تعني «تاريخي» انجازا تاريخياً بالضرورة، غزو العراق مفصل تاريخي باتجاه الوراء، باتجاه الخسارة باتجاه الدمار، باتجاه القلق بكل معانيه السلبية، لكن عندما نقول إن ما حصل في لبنان هو مفصل تاريخي ربما تسمع آراء مختلفة بمدى الساحة السياسية العربية.


لكن لا أريد أن أحدد بأي اتجاه ولكن أعتقد أن الساحة الشعبية بشكل عام تنظر إليه كمفصل تاريخي باتجاه إيجابي والاتجاه الصحيح ومصلحة الأمة بشكل عام، مهما قلنا إن دفاع هؤلاء الناس كان عاطفيا لكن لاشك ترى في الشعب العربي خلال العقود الماضية من تكون لديه حس عفوي بالاتجاه الصحيح.


وأحيانا يسبقنا كسياسيين ولا نستطيع لو استبعدنا الآراء السياسية للعاملين في هذا الحقل إلا أن نأخذ في الاعتبار هذه الرؤى، ولكن أيضاً التاريخ يكتمل بكيف نستفيد من نتائجه.


* كيف تحول النتائج السلبية لهذا الحدث إلى ايجابية، يبدو أن النتائج سيادة الرئيس ستكون بأي شكل من الأشكال «شرق أوسط جديدا» لكن، سيادة الرئيس تصادم الرؤى ما بين رؤية أميركية لشرق أوسط جديد قائم على الديمقراطية، وبين رؤية سورية لشرق أوسط جديد قائم على المقاومة. «أي شرق أوسط جديد تريد سيادة الرئيس وهل هذا ممكن تحقيقه؟


ـ أي شرق أوسط جديد نريد على طريقة صناعة أي منتج أو أي منتج مخبري في المختبر؟ الواقع هو الذي يفرض عليك أي شرق أوسط، وهذا الواقع فيه شعوب ، وفيه هناك اللاعبون على الأقل في المنطقة العربية، هذا الواقع سيفرض نفسه بهذا الاتجاه، وهذا ما أثبتته التجارب خلال السنوات الأخيرة، فمنذ بدء طرح هذا المفهوم «مفهوم الشرق الأوسط الجديد» في الخارج، طرح نظري لا يمكن تطبيقه بمعزل عن الأخطاء الكثيرة التي يرتكبونها، المؤكد في هذا اللحظة لا يمكن أن يكون هناك شرق أوسط جديد إلا كما يريده أبناء الشرق الأوسط هذه تحسمها الوقائع وليست وجهة النظر السورية.


* ماذا يريدون سيادة الرئيس؟


ـ شرق أوسط خاضعا قانعا يقبل بما يريدون من دون تردد مثل الكمبيوتر تضع فيه معلومات فيعطيك نتائج وهذا مايريدونه بكل وضع.


* شرق أوسط جديد خاضع للهيمنة الأميركية أم للهيمنة الإسرائيلية، سيادتك عارف أن السؤال من قديم الأزل هل أميركا هي التي تحرك إسرائيل أم العكس؟ على الأقل في منطقة الشرق الأوسط؟


ـ هناك علاقة تبادلية بالانتخابات شيء وبالحرب شيء آخر وأنا لست خبيراً في السياسة الأميركية، لكن الواضح أن هذه الحرب كانت في جانب منها أميركية في القرار وفي المماطلة بالنسبة لوقف إطلاق النار، كان فيه جانب أميركي يخدم قضية الشرق الأوسط الجديد ولكن صمود المقاومة أفشل هذا الموضوع، ورد فعل الشارع العربي أفشل هذا الموضوع أيضا أو سيفشله في المستقبل.


* أين إيران من هذا الشرق الأوسط الجديد، هل هو شرق أوسط جديد اللاعب الرئيسي فيه أميركا وإسرائيل، كما كنا نقول؟ أم اللاعب الرئيسي فيه إيران أم العرب؟


ـ ما يهمني هم العرب، إسرائيل لاعب رئيسي من خلال العدوان، الولايات المتحدة لاعب رئيسي من خلال موقعها كقوة عظمى، ومن خلال دعمها غير المحدود لإسرائيل،وبالنسبة لإيران فهي دولة في هذه المنطقة منذ الأزل وعبر التاريخ لكن أريد أن نقول إن ترى إذا كانت إيران لاعباً رئيسيا، المهم أن نرى أننا العرب الغائب الرئيسي عن الساحة السياسية في منطقتنا هذه النقطة التي يجب أن نراها وأهم من أن نضيع وقتنا في الحديث عن أن إيران يجب أن تلعب دوراً يكبر أو يصغر المهم أن نقول ماهو دورنا لا يحق لنا أن نتحدث عن ادوار الآخرين ولا نستطيع أن نراها بحجمها الحقيقي إذا لم نكن نملك دورنا.


* بالتأكيد أنا اتفق معك سيادة الرئيس، بأن دورنا هو الأول، إنما إيران تبعث لدى البعض مخاوف في منطقة الخليج، مخاوف من أن إيران تحتل جزر الإمارات، الدور الإيراني في العراق، كل هذا يثير بعض الشكوك والمخاوف من إيران في الوقت الذي أخذت فيه إيران دورا متميزا في الوقوف بجانب المقاومة والممانعة العربية؟


ـ يجب أن نسأل الدول العربية مما تتخوف، هذا السؤال رأيت أن البعض يتخوف من هذا الدور الذي سألت عنه. وأنا أقول إن الخوف هو في غياب الدور ونعود لنفس النقطة ولكن إذا كانت إيران تلعب دوراً أساسيا وكبيراً فهذا لمصلحة المنطقة، ونحن ليس لنا مصلحة أن نكون دولاً ضعيفة،و الدول القوية إذا كانت تلعب دوراً عادلاً أو دوراً ايجابياً أساسيا فهذا يحقق استقرار المنطقة.


أتخوف من ماذا من دور إيراني في العراق، فعلينا أن نسأل العراقيين ولا يمكن لإيران أن تلعب دوراً من دون العراقيين ،علينا أن نسأل العراقيين عن هذا الموضوع، قبل أن نتحدث من خارج العراق عن دور إيراني في العراق على سبيل المثال، والبعض يتخوف من المشروع النووي الإيراني، وإيران تقول إنها لا تريد قنبلة نووية وبالقانون الدولي لها الحق بأن تمتلك مفاعلا للأغراض السلمية.


فلماذا التخوف، لم أر شيئا واضحا وموضوعيا وطرحنا هذا الموضوع مع الإيرانيين، وقالوا إنهم مستعدون وتحركوا كما رأيت أخيراً لطمأنة الدول الغربية، الحل هو الحوار مع إيران .


* ألا تخاف سيادة الرئيس من نمو النفوذ الإيراني، ومما يؤدي إلى نمو التيار الديني في المنطقة وربما القضاء على التيار القومي الذي ينتمي إليه، التيار القومي الذي ازدهر في العقود الاخيرة في المنطقة العربية ويبدو أنه يتراجع كما يقال أمام التيار الديني؟


ـ نحن دولة قومية، ودولة تسمى دولة علمانية ولكن لا يوجد مشكلة في التعامل بيننا وبين إيران لم نر أنهم ضد الدولة القومية أو لا يستطيعون التعامل معها،هذا الكلام لا اعتقد أنه كلام موضوعي، اعتقد أن ما يحصل في العراق واعتقد أن الدول الغربية التي تتحدث عن العلمانية بشكل مستمر هي التي تعمل لتقوية تيار التطرف، ولا نتحدث عن تيار ديني.


نحن مجتمع في معظمنا مسلم وطبعاً لدينا مسيحيون ومعظمنا مؤمن ملتزم بدينه، ولا يوجد تناقض بين الأولى والثانية، ولكن التحدث الآن بحسب ما فهمت من كلامك عن التطرف أنا أرى الدول الغربية أو بعض الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة هي التي تكرس التطرف في منطقتنا، هذا هو ما يقلقني.


* الحكام سيادة الرئيس ـ اسمح لي الحكام يخشون من نمو التيار الديني ـ بصرف النظر عن التطرف، يخشون من نمو التيار الديني في بلدانهم في معظم الأحوال؟


ـ خارج إطار التطرف، هذا شيء جيد الدين أخلاق الدين محبة وتعاون وفيه كل الأشياء التي نتحدث عنها في خطابنا السياسي فلماذا نرفض التيار الديني، ولكني اعتقد أن الغالبية ترفض تيار التطرف الذي يسمى تيار تطرف ديني، والتطرف هو خروج عن صحيح الدين.


كانت هناك خشية من الانتصار الذي أحرزه حزب الله مؤخرا وهنا الموضوع الثاني الذي أحب أن أتطرق إليه في الواقع انتصار حزب الله يسمى فقط انتصارا عسكريا وإنما تفوق في السلم بعد الحرب، واخذ القيادة والمبادرة في إصلاح ما تهدم وفي صرف التعويضات.


* سمعت قصة رفض المقاومة لكفالة من أحد الأخوة في سوريا لأسرة في الجنوب ورفضوا أن يستضافوا في مكان آخر، قالوا إننا أبناء المقاومة ،لفتتني القصة هذا الانتصار التنظيمي لمن؟ هذا الانتصار الذي حققته المقاومة؟ هل هو انتصار للبنان؟ هل هو انتصار لسوريا ؟ هل هو انتصار لفريق من العرب؟ هل هو انتصار لإيران؟ أم لمن بالضبط؟


ـ دون أدنى شك إنه انتصار للبنان ولا أريد أن أوسع مساحة الانتصار أكثر من ذلك، لأن من قاتل هم اللبنانيون، ومن دفع ثمن العدوان الإسرائيلي هو لبنان، اغلبنا شاهد ما يحصل على شاشات التلفزيون، ولكن يحق لكل الدول العربية أن تفرح بهذا الانتصار وان تعتبر أنها تستطيع أن تربح من نتائج الانتصار ـ أن تحقق شيئا لمصلحتها.


بالمحصلة قد يكون هناك انتصار غير مباشر للدول العربية. أما الانتصار المباشر فلا أحد يستطيع أن يشارك اللبنانيين بهذا الانتصار وهذا يرتبط بالقصة التي ذكرتها، صمود حزب الله السياسي قبل العسكري ليس فقط العسكري، كل ما بناه حزب الله في الماضي هو الذي جعله يحقق هذا النصر اليوم، ولم يكن بالإمكان تحقيق هذا الشيء السياسي والعسكري دون الاحتضان الشعبي، هذا مؤشر صغير لدول كبرى أن تعتبر أن الانجاز الحقيقي يحصل في هذا الاحتضان.


* معظم الحكام العرب وعدد غير قليل منهم لم يعتبروا أن هذا الانتصار لهم؟


ـ من يحق له أن يقول بأن له دورا معنويا أو أكثر من معنوي من يحق له أن يقول هذا الكلام هم المقاومون ربما تقوم أنت بالوقوف مع المقاومة ولكن يبقى دورك من دون تأثير وربما تقوم بدور بسيط ويكون له تأثير من يحق له أن يحدد من ساهم بهذا الانتصار إن كانت هناك مساهمة هم المقاومون اللبنانيون ولبنان بشكل عام، أما نحن في سوريا فلم نعتبر أنفسنا سوى جزء من الشعب العربي السعيد بهذا الانتصار وبنفس الوقت قلت في خطابي يجب أن نستفيد من هذا الانتصار لمصلحة عملية السلام، إذا نحن جزء من الدول العربية التي تستطيع أن تستفيد من هذا الانتصار.


* سيادة الرئيس والحديث عن لبنان خلال وجودنا هنا، زرنا بعض الأماكن التي استضفتم فيها النازحين، أعجبنا جميعاً ما قامت به سوريا في هذا الوقت، ونرجو أن يتذكر اللبنانيون ذلك؟


ـ إن سوريا تحملت مع لبنان عواقب ماحدث في الأسابيع الأخيرة.


* السؤال لماذا يتحمل لبنان وحده كل هذا العبء نيابة عن الأمة كلها هذا سؤال يطرح وبالتأكيد يطرحه اللبنانيون؟


ـ هذا يطرحه اللبنانيون عندما يفترضون أن ما يحصل في لبنان يحصل بتكليف من دول عربية، أو يقصدون من خلاله الإيحاء بأن هناك مقاومة في لبنان، ربما فقط تحمل الجنسية اللبنانية من خلال أشخاصها ولكنها لم تصنع في لبنان ولا تقاتل من أجل لبنان، ولكنها تقاتل من أجل دول إقليمية أو صناعات دولية، هذا كلام غير صحيح هذا كلام ارفضه، طبقا للنتائج تستفيد الأمة من ذلك.


وهذه الحرب تستفيد كل الأمة العربية منها إن عرفت كيف تستفيد ، وبنفس الوقت لو كان هناك إجماع عربي ودعم للبنان خلال الحرب لخفف كثيرا عن لبنان بمعنى لكي أوضح هذه النقطة، إسرائيل والولايات المتحدة تمادتا في العدوان على لبنان نتيجة للموقف العربي أو التفكك العربي، هذه حقيقة لو كان هناك موقف عربي موحد صلب لما كان بإمكان اسرائيل أن تقوم بهذا العدوان الذي لم يره لبنان في السابق.


* سيادة الرئيس قلت في خطابك الأخير أمام اتحاد الصحافيين إن العدوان كان مخططاً مسبقاً كيف ذلك؟


ـ أولاً من خلال المعلومات التي سربت من تحقيقات حصلت مع شبكة العملاء اللبنانيين لصالح اسرائيل التي كشفت خلال الحرب وبعده هذا دليل صارخ وملموس أن الحرب محضرة والأهداف موجودة.


النقطة الثانية هناك حديث ومقالات تظهر في الصحف الأميركية والبريطانية تتحدث عن هذا الموضوع، ويقال بأن التخطيط فعليا بدأ في عام 2004 أيضا قبل الحرب كان هناك حديث عن أن شيئاً سيحصل واعتقد أن المقاومة في لبنان كانت محضرة لشيء ما ولكن لم يكن هناك وضوح ما أوضحه بشكل كامل هو موضوع العملاء.


* سيادتك في هذا الخطاب قلت إن بعض الأطراف اللبنانية شاركت في هذا الإعداد ووصفت هذه الأطراف التي توصف بأنها الأكثرية أو الأكثرية النيابية بأنها منتج إسرائيلي، في نفس الخطاب تنبأت بأن من يشك في هذا المنتج الإسرائيلي سيثير ضجة في وسائل الإعلام، كنت تعلم مسبقاً أن ما قلته سيثير ضجة، هل كان المقصود عمداً استفزاز هذه القوى في لبنان؟


ـ لا كنت أوجه خطابي للشعب السوري ونحن الآن في مفصل كبير هو أنه كما قلت عنه في بداية الحديث، في هذه الحالة واستطيع أن نتكلم كلاماً دبلوماسياً، الأفضل ألا نتحدث، أريد أن أوضح حقائق للشعب، يجب أن يعرف كل مواطن في سوريا من يتآمر علينا ومن لا يتآمر، وأريد أن أوضح نقطة عندما قلت جماعة إسرائيل، لا اقصد تحديداً الأكثرية، الأكثرية هي أكثرية منتخبة، هناك من ينطبق عليه القول وهناك من لا ينطبق عليه ذلك.


ـ على سبيل المثال، كان وزير الخارجية السوري في زيارة للبنان منذ أسابيع قليلة خلال الحرب والتقى برئيس الحكومة وهو من الأكثرية، قبلها اتصل به رئيس الوزراء السوري وتحدث معه عن التعاون، وما يمكن أن تقدمه سوريا للبنان خلال الحرب، ولكن نقصد بهذا التيار بعض الرموز المعروفة، تاريخياً بعلاقتها مع إسرائيل منذ الغزو الإسرائيلي للبنان، البعض الآخر بدأ بالتعامل مع الموقف الإسرائيلي ليس بالضرورة أن يكون لديه معطيات كاملة، لدينا معطيات كاملة، من خلال القرار 1559 والذي قالت إسرائيل عنه انها هي من سعت من أجله والقرار 1860 الذي يضرب العلاقة السورية مع لبنان كان من أجل إسرائيل.


الحرب الأخيرة فضحت هذه المواقف، ولذلك كان لابد من الحديث بشكل واضح، هذا بالنسبة لنا في سوريا من جانب آخر، عندما نقول إن هذه المقاومة وما قامت به منذ بداية الحرب وحتى النهاية بمعزل عن الانتصار والنتائج حيث كان هناك تعاطف عربي وشعبي تبنى هذا الفريق الورقة الأميركية الفرنسية الأولى ، ولولا تغير الأوضاع الميدانية لكانت هي القرار 1701 هذه القوى سارت بكل هذه المخططات ضد المقاومة، فهم تآمروا مع إسرائيل بهذا الاتجاه.


* سيادة الرئيس.. حسن نصر الله حاول أن يستوعب هذه القوى وربما كان هناك اتجاه أن يقبل، قيل ان خطابك حرك هذه القوى وأظهرها على الساحة مرة أخرى واستفزها لترد رداً قوياً وربما كان من الأوفق أن يلملم الجراح بدلاً من أن ينكأ هذه الجراح؟


ـ الجراح ستبقى موجودة والكلام لن يغير من الجراح، أن يكون هناك شخص يتعامل مع إسرائيل، الجراح موجودة، وان تغفل عنه أو نتحدث عنه لن يغير شيئاً، وهذا ما قمنا به في المرحلة الماضية، أغفلنا كل هذا الموضوع ما الذي حصل بقيت الجراح كما هي، بالنسبة لحزب الله هذا دليل أن الحزب ليس صنيعة لسوريا أو لإيران، هو حزب لبناني ويتعامل مع الموضوع بمنطلق لبناني.


* سيادة الرئيس هل تعتقد أن العلاقات ممكن أن تتطور ايجابياً بينكم وبين لبنان، في الوقت الحالي بعد هذا التوتر؟


ـ حاولنا كثيراً ان نغض النظر عن كل ما حصل ضد سوريا وخاصة فيما يتعلق بالتحقيق في قضية مقتل الحريري هذه المجموعة لم توفر فرصة لكي تضرب سوريا بشكل مباشر من خلال التحقيق وغيره. الكل يعرف هذا الشيء حتى خارج المنطقة العربية ومع ذلك غضينا النظر وقلنا نحن نريد علاقة جيدة مع لبنان ما يهمنا هو لبنان، العلاقة بين البلدين وليست بين الحكومتين.


لكن الحكومتين لهما دور أساسي في هذا الموضوع، طبعا ممكن لكن بشرط أن تكون الأمور واضحة وتكون الطروحات صادقة من دون لغتين ومن دون صم الاذن، من خلال استقبال الشعب السوري للشعب اللبناني بشكل عفوي هذا دليل ان الشعب السوري يريد علاقة جيدة مع لبنان.


* يبدو أن الأمور لن تكون واضحة الا إذا حسم التحقيق في مقتل الرئيس الحريري، أليس كذلك؟


ـ نحن لا توجد لدينا مشكلة في ذلك هم يربطون الموضوع بالتحقيق وليس نحن. إذا حتى ينتهي التحقيق لن تكون هناك علاقات جيدة بكل وضوح.


* لن نقول موضوع التحقيق، قد تكون متعلقة بمزارع شبعا، حينما يلاحظ، تضارب في الموقف الرسمي السوري، بعض المسؤولين السوريين قالوا صراحة ان مزارع شبعا لبنانية، وبعض السوريين قالوا ان موضوع مزارع شبعا لن يحل إلا ضمن إطار حل شامل، يتناول الجولان، لماذا لا تقدمون صك وثيقة إلى الأمم المتحدة وتعترفون بمزارع شبعا؟


ـ لا يوجد تناقض بين النقطتين، بالعكس يوجد تكامل، قلت في أحد الخطابات ان مزارع شبعا لبنانية، لكن ما هي حدود مزارع شبعا، ما هي الحدود ألا يوجد ترسيم كيف يحصل الترسيم؟، هم يطرحون الترسيم على الخريطة لكي يخدموا إسرائيل، هذا أيضا في نفس الموضوع، هذه حقيقة، وتضبط بعض القوى الدولية على سوريا في المرحلة الماضية، كانت تخطط من أجل تحقيق ذلك لا يوجد ترسيم بين دولتين على الخريطة. الخريطة هي التي تعكس الأرض وليس العكس.


الترسيم يحصل على الواقع من خلال نقاط وإحداثيات معينة، هناك جانب تقني أولاً، تحدد هذه الإحداثيات، ثم تثبت هذه الإحداثيات على الخريطة ومن ثم يسجل الاتفاق النهائي على هذه الإحداثيات، أي موضوع حدود هو علاقة بين دولتين وهذا تم مع الأردن منذ سنتين، رسمنا الحدود خلال عام، انهينا الموضوع، وعادت الأراضي إلى الطرفين إذا لا توجد مشكلة.


ولكن هذا لا يتم وإسرائيل موجودة في شبعا، إسرائيل موجودة، حل المشكلة بين لبنان وسوريا، أم بين لبنان وسوريا وإسرائيل، هم نقلوا المشكلة باتجاه سوريا ولبنان وأصبحت إسرائيل كأنها المقيم الشرعي في هذه الأرض.


* هنا المسألة وضع العربة أمام الحصان أو العكس، بمعنى أن يتم جلاء إسرائيل عن المنطقة، أولاً أن يتم الترسيم أو لا حتى في ظل الاحتلال الإسرائيلي بمعرفة أو شهادة من الأمم المتحدة؟


ـ هذا يعني بكل الأحوال أن المطلوب من سوريا أن تدخل إلى مزارع شبعا وترسم الحدود وإسرائيل موجودة وكأن الأمور طبيعية.


ثم ما هي القضية الهامة في شبعا لكي يركزوا عليها في لبنان، ما هي المشكلة، مالكو الأراضي موجودون كل موجود في أرضه القضية هي طرح إسرائيلي لكي يسحبوا المبرر من المقاومة، هذه هي اللعبة والكل يعرف هذا إذاً لا يمكن أن يكون هناك ترسيم لحدود مزارع شبعا وهذا بلغ للبنانيين في زيارة وزير الخارجية للبنان، لا ترسيم لمزارع شبعا قبل خروج القوات الإسرائيلية.


* هل قُبل من الجانب الآخر؟


ـ البعض يقول نعم.


* مادمنا نتكلم عن الحدود، هنا قوات الأمم المتحدة، يونيفيل، يقال في الوقت الحالي انها لن تقف فقط على الحدود الإسرائيلية اللبنانية وإنما على الحدود السورية اللبنانية، وحسب رود لارسن، سيكون هناك 4 آلاف جندي من الأمم المتحدة مقرر وقوفهم على الحدود السورية اللبنانية، كيف تنظرون إلى ذلك، وقوف اليونيفيل على الحدود السورية اللبنانية؟


ـ هذا يعني خلق حالة عداء بين سوريا ولبنان -أولاً هذا ينفي سيادة لبنان-، لا توجد دولة في العالم تقبل أن تضع على منافذها الحدودية جنوداً من خارج جنسيتها إلا إذا كان هناك حرب مع دولة أخرى كما هو الحال في الجولان أو في جنوب لبنان هذا طبيعي، هذا أولاً سحب للسيادة اللبنانية، بينما يتحدثون عن السيادة اللبنانية.


ثانيا: هو موقف عدائي تجاه سوريا ومن الطبيعي ان تخلق مشاكل بين سوريا ولبنان.


* هم يتخوفون من أن تستخدم سوريا ممرا لدخول سلاح إلى جهات لا يرغبون في أن يصل هذا السلاح الذي تسرب إلى عناصر حزب الله من هذه الحدود تساند فريقاً إزاء فريق آخر، هذه عناصر تبرر وجود هذه القوى؟


ـ إذا كان هناك جيش لبناني مسؤول عن هذا الموضوع لماذا جيش لبناني مسؤول عن حراسة إسرائيل.


* هل تدعو سيادة الرئيس الحكومة اللبنانية إلى رفض وجود قوة دولية على الحدود السورية اللبنانية؟


ـ ندعوها لتحمل مسؤولياتها كأي دولة أخرى وهي ستتحمل المسؤولية إذا كانت لا تريد تخريب العلاقة بين سوريا ولبنان، هناك تيار في الحكومة اللبنانية يسعى لذلك.


* سيادة الرئيس الفرقاء الذين أشرت إليهم عدة مرات الموجودين في لبنان، ماذا تتصور أن يكون الموقف بينهم هل تعتقد أن هؤلاء الفرقاء سيتصادمون، أم أن الأمر سيتطور في لبنان في الأسابيع والشهور القادمة إلى ما يشبه الحرب الأهلية، أو حرباً أهلية؟


ـ نتمنى أن لا يحصل هذا الشيء، لأن سوريا دفعت ثمناً غالياً من أجل وقف الحرب الأهلية في السابق وعندما تحصل مثل هذه الحرب الأهلية فإننا سنشعر أننا دفعنا ثمنا مقابل لاشيء، ولكن لا تكفي التخمينات لتحقيق الحالة المستقرة التي نراها اليوم، هذا يعتمد على بعض القيادات السياسية التي ما زالت مصرة أن تأخذ الأوامر من الخارج، لا يمكن ان يستقر بلد طالما أن الأوامر تأتي من خارج الحدود، بكل بساطة لا يوجد أية عوامل أهم من هذا العامل، عدا ذلك أنا لا أرى أي مؤشرات لحرب أهلية أو لانقسام.


* سيادة الرئيس أشدت بالمقاومة الإشادة المتوقعة، قد يثور في البال السؤال هنا، مادمتم إلى هذا الحد معجبين بالمقاومة اللبنانية وتشيدون بها، كيف تكون هذه المقاومة في لبنان دليلاً لكم للحصول على حقوقكم في سوريا، كيف ستواجهون العدوان أو الاحتلال الإسرائيلي بالاستفادة من تجربة المقاومة اللبنانية؟


ـ كما قلت الدولة تبني جيشاً والجيش من مهامه تحرير الأرض وحرب أكتوبر 1973 التي خاضتها سوريا ومصر بنيت على هذا الأساس، ولكن الجيش عندما يخوض الحرب، يجب أن تكون الأمور محضرة بشكل جيد، نحن نعرف أن هناك حصاراً شبه كامل خاصة في التسعينات على سوريا وبالمقابل هناك إمداد كبير لإسرائيل من قبل الولايات المتحدة، والأسواق الأخرى مفتوحة لها وأحياناً بالمجان.


نحن نسعى بشكل مستمر وخلال السنوات الأخيرة خطونا خطوات جيدة باتجاه التحضير، على الأقل في المرحلة الأولى للدفاع عن أرضنا لأن إسرائيل بلد توسعي وفي مرحلة لاحقة أن لم يتحقق السلام وعندما تقول اللاحرب واللاسلم ـ سيأتيك حرب أو سلم، أن لم تتحرك عملية السلام من أجل عودة الحقوق فالحرب هي المستقبل الطبيعي في هذه المنطقة، وسوريا هي المعني الأول في هذا الموضوع.


من الناحية السياسية، وكما قلت علينا أن نرصد الجو العربي واستعداده للتحرك على أرضية الانتصار وليس على أرضية اللامنتصر واللامهزوم.


* الصبر إلى أي حد على الاحتلال الإسرائيلي سيادة الرئيس؟


ـ هذا ما ستحدده المرحلة القصيرة المقبلة. وقد قلت في خطابي بشكل واضح ان الأجيال الحالية هي ربما تكون آخر أجيال تقبل السلام، إذاً سينتهي هذا الصبر مع انتهاء صبر هذه الأجيال لأن عملية المقاومة هي عملية شعبية ليست قراراً دولياً، عندها ربما تتجاوز الناس حكوماتها وتقوم هي بهذا العمل، هو عمل مقاوم، تحرك عملية السلام كما نسمع الآن في منطقتنا وفي الغرب حديث مكثف عن عملية السلام، ان تحركت فربما تذهب العجلة باتجاه المفاوضات.


* كان الكثير يتوقع ان تنتفض سوريا وتهب لنجدة المقاومة اللبنانية التي حاربت وحدها طيلة هذه الأسابيع، كان البعض يتوقع أن تقوم سوريا بإجراء عسكري ما، ليس فقط عندما حلقت الطائرات الإسرائيلية فوق قصر الضيافة في اللاذقية وإنما منذ سنتين عندما أغارت إسرائيل على موقع للجبهة الشعبية توقعوا عندما قصفت القاع وراح فيها عشرات من المواطنين السوريين لكن، سوريا حافظت على أعصابها بشكل استغربه بعض الناس؟


ـ أولا حزب الله لم يطلب نجدة من أحد وواضح تماما أن حزب الله محضر بشكل جيد لخوض معركة قاسية جدا، فهو لم يطلب النجدة من أحد، ثانيا، كما قلت قبل قليل الحزب والمقاومة اللبنانية وهم جهة واحدة وهم من يحق لهم أن يتحدث عمن قام بواجبه ومن لم يقم بواجبه.


لا يحق لنا أن نتحدث عن مدى ما قمنا به على الأقل من الناحية السياسية والمعنوية، بالنسبة للقاع هي أرض لبنانية، من جانب آخر اسرائيل كانت تريد ذلك لكننا نعتقد أن مقاومة حزب الله كانت كافية لتلقين اسرائيل الدرس وكما قلت ان الجيش عندما يخوض معارك، يجب أن يخوضها لتحقيق هدف وعندما لا تكون الأمور مكتملة لتحقيق هذا الهدف فالحرب ليست قضية انفعال، فلها متطلبات معقدة.


* أليس في سوريا غيرة، بأن حزب الله حقق ما حققه هناك وأن السوريين يجب أن يكون لديهم غيرة انهم لم يستطيعوا تحرير الجولان بأي وسيلة؟


ـ قبل ذلك بعدة أشهر بدأ الحديث في سوريا عن موضوع تحرير الجولان ولو أنه بدأ على شكل حديث سياسي تثقيفي للأجيال الجديدة التي لا تعرف سوى عملية السلام ولا تعرف شيئا عن المراحل التي سبقتها، يسمعون عن السلام ولكن لايعرفون الكثير عن التحرير، بدأ طرح هذا الموضوع أن عملية السلام متوقفة فماذا ننتظر لا خيار سوى المقاومة أو الحرب. إن لم نكن لنرغب في الحرب فلنتجه تجاه المقاومة، هذا حديث بدأ بيننا خاصة مع الذكرى 60 لعيد الجلاء في سوريا في أبريل الماضي.


تحرير الجولان بأيدينا، وعزيمتنا لكن الدولة تأخذ الجانب السياسي والعسكري، المقاومة قرار شعبي لا تستطيع كدولة أن تقول سنذهب باتجاه المقاومة، هذا كلام غير منطقي.


إذا لم يحقق السلام عودة الحقوق فالمقاومة هي الخيار الطبيعي والبديل والأمور ستذهب في هذا الاتجاه.


* ماذا عن الحريات في سوريا؟


ـ قطعنا خطوات ونسير بهذا الاتجاه بخطوات ثابتة هناك حريات في دول مجاورة ولكننا لا نريد الحريات التي تستغل من الخارج نريد حريات ضمن إطار الوطن حتى لا ندخل في إطار الفوضى والتبعية ولاحقا في إطار التلاعب، هناك سلبيات لكنها ليست سلبية بالكامل.


في كل المراحل والأزمات التي مرت بها سوريا، كنا دوماً في قلب العاصفة ومن حمى سوريا هو الشعب.


نريد استقراراً ، نحن نعيش فيما بين حرب العراق وما يجري في لبنان.


* هل مزقت سوريا أوراقها العربية «أنصاف المواقف وأنصاف الرجال»؟


ـ هناك رؤساء عرب يطبقون ذلك، وأنصاف الرجال موجودون دائماً في كل المواقف، هؤلاء هم من يأتوا متأخرين. والبعض ربما هم مسؤولون أو سياسيون.


* هجوم على الموقف السوري، ردود، هل عمقت هذه الروح بين موقفكم وبين المواقف العربية؟


ـ كنت أتحدث عن عموميات في خطابي الأخير «والمصطلح يشمل شرائح مختلفة، أحمل المسؤولية لهم في عدم أخذهم للموقف في مرحلة محدودة.


* ماذا عن الاتصالات بعد الخطاب مع مصر والسعودية؟


ـ نعم، هناك اتصالات، هناك خلافات تحصل دوماً بين المواقف العربية، وعلينا دوماً أن نتواصل لشرح المواقف رغم أن الاتصالات حتى الآن على مستوى السفراء، ولا نعرف الموقف النهائي.


* علاقاتكم مع جيرانكم العرب، متردية، انتم معزولون، لماذا؟


ـ الصورة ليست كذلك هناك تواصل بين المواطنين، وهناك شرائح في الكثير من الدول العربية ترغب بعلاقات جيدة، وموضوع عزل سوريا فشل، ومن يعزل سوريا سيعزل نفسه، وهذا الموضوع الواقع يفرضه، والعزل من أوروبا كان بضغط فرنسي وأميركي، وهم الآن متحمسون للحوار وعلينا أن نخلق الأرضية له.


* في خطابكم الأخير قلتم إن الحرب عرت الجانب العربي، هل انفرط العقد العربي في هذه الحرب؟


ـ هناك وجهات نظر مختلفة لتعريف ما هو العقد العربي، إذا كان من اجل التغني به، فهذا لا يهم، هناك تجارب قريبة وهي حرب العراق وحرب لبنان، العقد العربي كان فيهما هش وغير فاعل، وهذا ما حصل في نيويورك عندما لم ينتبه إليهم أحد.


* ماذا عن الاقتراح الموجه لسوريا بتحريك جبهة الجولان، لتحريك عملية السلام؟


ـ هناك حوارات مختلفة بين سوريين ومسؤولين أجانب في هذا الأمر، ولكن الاقتراح هذا بالتحديد لم يطرح.


وخطابي الأخير، هو لتوضيح أن الأبواب تضيق والطرف الآخر هو من يرفض السلام.


* انعكاس الوضع الحالي على العراق وفلسطين، انتصار المقاومة في لبنان؟


ـ انتصار المقاومة في عام 2000 أثر بعد ذلك على فلسطين واستمرت الانتفاضة لسنوات وكذلك الحال في العراق، الانتصار الأخير في لبنان سيؤثر حتماً بشكل مباشر من خلال انتشار ثقافة المقاومة، وهناك بوادر للتغيير وبما أن المقاومة في لبنان حققت شيئاً. والمشكلة هل فهمت إسرائيل الدرس، أن القوة لا تنفع بشيء، وما يجري في إسرائيل حالياً ربما تكون بوالين اختبار ، علينا الانتظار ما هو بالون الاختبار النهائي الذي ستطلقه إسرائيل بعد استقرار أمورها الداخلية.


أجرى الحوار: الإعلامي حمدي قنديل


أعده للنشر : علي الصمادي

(106)    هل أعجبتك المقالة (116)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي